التباينات تُحبط المساعي لكسر المأزق الحكومي

كتبت “النهار” تقول: لم تخرج أزمة آلية العمل الحكومي من عنق الزجاجة بعد على رغم حماوة وتيرة المساعي والمشاورات واللقاءات المتصلة بهذه الازمة والتي أبرزت مفارقة لافتة وشديدة الغرابة تمثلت في ازدياد “الحدب” السياسي على رئيس الوزراء تمّام سلام من كل صوب ولكن من دون اقتران ذلك بتفاهم يكفل معاودة جلسات مجلس الوزراء، بل ان التناقضات بين مكونات الحكومة بدت على حالها.

وفيما تدخل أزمة الفراغ الرئاسي شهرها العاشر اليوم، بدا المأزق الحكومي موغلاً اكثر فاكثر تحت وطأة شبح الاهتراء السياسي والدستوري الذي تتسبب به هذه الازمة المتداخلة بمجمل تعقيداتها الرئاسية والحكومية الى حد ان المراقبين يلحظون “وحدة لغة ” سياسية في التشديد على أولوية الانتخابات الرئاسية، بينما يتفاقم العجز الداخلي عن احداث اي ثغرة في جدار الازمة.

وعلمت “النهار” ان الرئيس سلام قال خلال الاتصالات التي أجريت معه في الساعات الاخيرة إن “ما هو قائم حاليا من آلية عمل حكومي هو تطبيق للمادة 65 من الدستور التي تنص على التوافق وإلا فالتصويت”. وأضاف: “لقد قلت للجميع ألا يذهبوا بالتوافق الى التعطيل، لكن ويا للأسف، فقد ذهب بعض الوزراء الى التعطيل ليس في أمور سيادية وميثاقية بل في قضايا حياتية وإدارية لحسابات شخصية”. ولفت الى “ان الظرف إستثنائي ولا نريد أن يستغله أحد ليكرّس الشغور الرئاسي، وأنا من أشد المطالبين بإنهاء هذا الشغور”. وسئل عن موعد عودة مجلس الوزراء الى الانعقاد، فأجاب: “التشاور قائم وإن شاء الله يدرك المعنيون أهمية التوافق وعدم التعطيل. إن هاجسنا الاول هو تسيير أمور البلد وقضاء حاجات الناس، لكن تجربة الأشهر السبعة الماضية (بعد الفراغ الرئاسي) لم تكن بهذه السهولة. إننا لم نخرج عن الدستور ومن يريد الدستور عليه انتخاب رئيس للجمهورية”.

وكان الرئيس سلام ألقى أمس كلمة في افتتاح “المنتدى العربي لسلامة الغذاء والجودة” قال فيها: “(…) إن التعثر الذي يطال العمل الحكومي والجدل الذي يثار هذه الأيام تحت عنوان الآلية الحكومية، هما نتاج هذه الخطيئة الكبرى التي لن تمحوها سوى أوراق نواب الأمة وقد نزلت في صندوقة الاقتراع، حاملة إسم الرئيس الجديد للجمهورية اللبنانية… بغير ذلك نكون مدّدنا لهذه الحالة الشاذة التي تفتح المجال أمام الاستمرار في ممارسات تعطيلية تبتغي تحقيق كل أنواع المصالح إلا مصلحة لبنان واللبنانيين”.

ويشار الى ان الرئيس سعد الحريري، الذي انخرط منذ عودته الى بيروت في 14 شباط الجاري بقوة في الجهود المبذولة لحل مأزق الآلية الحكومية، غادر بيروت ليل امس الى الرياض.

في المقابل، لم تغب ملامح التباينات السياسية بين مكونات الحكومة حيال مأزق آلية عمل مجلس الوزراء وهو الامر الذي تظهَّر أمس بين موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري وموقف “اللقاء التشاوري” الذي انعقد في منزل الرئيس امين الجميّل. وقد جدد الرئيس بري ضرورة التزام الحكومة الدستور في عملها، داعياً الرئيس سلام الى عقد جلسة لمجلس الوزراء في أسرع وقت وفقاً لهذا المعيار.

اللقاء التشاوري
أما “اللقاء التشاوري” الذي انعقد في منزل الرئيس الجميّل وضمه الى الرئيس ميشال سليمان والوزراء بطرس حرب وسمير مقبل وأليس شبطيني وعبد المطلب حناوي وسجعان قزي وآلان حكيم ورمزي جريج، فقدم نفسه على انه “تعبير وطني عن رفض استمرار الشغور في منصب رئاسة الجمهورية”، مشدداً على ان الشغور ما كان ليستمر “لولا الانقلاب الموصوف على الدستور وروح الميثاق ومضمون الطائف”. وأبدى “اللقاء” حرص المجتمعين على استمرار عمل الحكومة وعدم عرقلتها ودعم مساعي الرئيس سلام “الى خلق بيئة انتاجية في جلسات مجلس الوزراء”، مشيراً الى استمرار التشاور “من أجل خلق اجواء وفاقية في البلاد”. وفي ما عكس تمسك “اللقاء” بالآلية الحكومية التي كانت متّبعة، قال الجميّل إن “الآلية الحكومية مكّنت مجلس الوزراء. من إنجاز ما لا يقل عن 90 في المئة مما طرح في مجلس الوزراء فلماذا نخترع مشكلة؟”.

وأوضح مصدر في “اللقاء التشاوري” لـ”النهار” ان الاجتماع كان ناجحاً جداً والآراء متطابقة خلاله حول رفض تعديل آلية العمل المعتمدة حالياً في الحكومة، كما عبّر عن ذلك البيان الصادر عن المجتمعين وكما ورد في التوضيحات التي أدلى بها الرئيس الجميّل الذي وصف الآلية المعتمدة بأنها كانت ناجحة في التطبيق. وأشار الى ان هناك إنفتاحاً على الرئيس سلام، فإذا ما كانت لديه آلية عمل أفضل لا تمس بموقع رئاسة الجمهورية وصلاحياتها وأن لا تكون الحكومة بديلا من الرئاسة الاولى فليتقدم بها. وأكد رفض اللقاء الافكار المطروحة مثل اعتماد الثلثين والنصف زائد واحد في التصويت وتشكيل لجنة وزارية مصغّرة. ولفت الى ان اللقاء لا يسعى الى تغيير ما هو قائم بل إن الرئيس سلام هو من يريد التغيير وعليه الاتصال ليعرض ما لديه من أفكار.

وسبق الاجتماع في منزل الرئيس الجميّل لقاء ضمّ الوزيرين سجعان قزي ومحمد المشنوق. وعلمت “النهار” ان الوزير قزي أبلغ زميله المشنوق أن اللقاء التشاوري ليس في مواجهة مع الرئيس سلام الذي عليه أن يتصدى للمزايدين عليه وسط تساؤل عن تحرّك موضوع الآلية قبل 13 يوماً لأسباب مجهولة.

التسليح الفرنسي
على صعيد آخر، أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية أمس انطلاق البرنامج المشترك لفرنسا والمملكة العربية السعودية لدعم الجيش اللبناني. واوضحت في بيان لها ان الصفقة الفرنسية – السعودية دخلت حيز التنفيذ بعد تلقي فرنسا الدفعة المالية الاولى من الهبة السعودية لتسليح الجيش اللبناني. وقالت إنه أمام التهديدات التي تزعزع الاستقرار في لبنان، من الضروري تطوير الجيش اللبناني ليكون مجهزاً ومدرباً للدفاع عن سلامة أراضي لبنان الذي يعد صديقاً لفرنسا، وتحقيقاً لهذا الغرض قررت السعودية اشراك فرنسا في برنامج طموح لدعم القوات المسلحة اللبنانية وتخصيص ثلاثة مليارات دولار لتمويل خطة لتسليح الجيش اللبناني بمعدات عسكرية فرنسية تتكون من عربات مصفحة وزوارق حربية ومروحيات قتالية وذخائر ووسائل اتصالات. ومن المقرر ان يتسلم لبنان الدفعات الاولى من تلك المعدات اعتبارا من شهر نيسان المقبل.

وعلى الصعيد الامني، علم ان الجيش تمكن ليل أمس من توقيف أحد المطلوبين في جريمة بتدعي التي ذهب ضحيتها رجل وزوجته من آل فخري وهو احمد محمد سليم جعفر وذلك في مكمن نصبه الجيش بين اليمونة والدار الواسعة واصيب المطلوب بجروح.

السابق
أين جوزف صادر وهل انشَقّت الأرض وابتلعته؟
التالي
عريجي ينعى الفنانة سعاد كريم