رسالة فلسطيني معتقل من سجن كرموز المصري

سجن كرموز
أعلن نحو 73 شخصاً بينهم 58 فلسطينياً سورياً و15 سورياً منذ 10 أيام الإضراب عن الطعام في سجن كرموز المركزي بالاسكندرية – مصر، احتجاجاً على اعتقالهم منذ ثلاثة أشهر دون توجيه أيّ تهمة محدّدة إليهم. هنا رسالة من أحدهم عبر "جنوبية".

نشرت جنوبية منذ نحو عشر أيام تقريراً عن أحد الفلسطينيين الذي حاول الهروب من تركيا إلى إيطاليا وتم رميه في البحر قرب الشاطئ المصري وجرى اعتقاله مع غيره من الذين حاولوا الوصول إلى إيطاليا. كما نشرت جنوبية تقريراً عن الفلسطينيين السوريين الذين اعتقلوا في مقدونيا – مصر، ليبيا – تايلاند خلال هروبهم من جحيم الحرب في سورية.

وأول من أمس تلفت “جنوبية” رسالة عبر تطبيق “الواتسآب” من أحد الفلسطينيين المعتقلين في سجن كرموز ويدعى عمار محمد عبد المجيد، يروي فيها تفاصيل أوضاعه وأوضاع المعتقلين معه من فلسطينيين وسوريين.

يقول عبد المجيد: “بدأت قصتنا بتاريخ 25/10/2014، كنا 104 أشخاص، منهم ثمانية وخمسين فلسطينياً وستة وأربعين سورياً، حاولنا اللجوء إلى أوروبا أسوة بغيرنا الهاربين من جحيم الحرب الدائرة في سورية. بعض المحاولات نجح، والبعض الآخر فشل، لكننا صممنا على المحاولة متمسكين بالأمل، وما شجعنا على المضي في هذه الرحلة، أن أحد أصدقائنا كان ينتظرنا في المركب الراسي مقابل مرسين – تركيا منذ أربعة أيام.

تجمعنا على الشاطئ التركي في مرسين وعند منتصف الليل نقلت النساء والأطفال في الدفعة الأولى عبر قارب صغير إلى المركب الكبير، الذي تحرك من دون أن يتم نقلنا إليه. فأخبرنا المسؤولين، الذين أحضروا مركباً آخر وانتقلنا إليه، بعد مسيرة ساعتين وصلنا إلى جرانة الصيد التي يتم من خلالها تهريب الناس، لكننا لم نجد النساء والأطفال وبعد ثلاث ساعات تم نقلنا إلى جرافة صيد أخرى، لكننا لم نجد النساء والأطفال أيضاً فقمنا بالضغط على القبطان المصري الذي اتصل عبر الهواتف الجوالة وتم العثور عليهم والتقينا بهم، ونُقلوا إلى جرافة صيد قبطانها سوري.
بدأ الأمل والفرح يعود لأصحاب العائلات وحين أردنا الصعود إلى الجرافة للانضمام إلى النساء والأطفال رفض القبطان السوري، وبدأ نزاع بين القبطانين، وفجأة هبّت عاصفة جعلت المراكب ترتطم ببعضها البعض مما سبب حالة من الهلع والرعب عند الجميع. عندها أقدم القبطان المصري على إطفاء المحركات وإيقاف المركب، لكن القبطان السوري أصر من جهة إعادة النساء والأطفال إلى المركب الآخر، وابتعد المركبان عن بعضهما البعض، بعد ساعة أعاد القبطان تشغيل المركز وبدأ المركب بالسير لمدة يومين، توقف فيها المركب مرات ومرات بحجة الأعطال، بعدها أخبرنا القبطان أنه سيتم نقلنا إلى مركب آخر متوجه مباشرة إلى إيطاليا.
لم ندرك أن كل هذه المحركات سببها الخلاف بين المهربين، لأنه عند المساء عاد القبطان وأخبرنا أننا نتجه إلى إيطاليا مباشرة لكننا شعرنا بأن المركب يسير بشكل دائري، راجعنا القبطان الذي أعاد علينا نفس الرواية، سيأتي مركب آخر لنقلكم، مما سبب شجاراً بيننا وبين القبطان الذي شهر سلاحاً حربياً علينا وهددنا بالقتل، أذعنا له، وبقينا على هذا المنوال لساعات قبل أن يصرخ القبطان قائلاً إننا أمام بارجات حربية مصرية. أدخلنا إلى الثلاجة التي لا تتسع لأكثر من خمسين شخصاً، وكنا أكثر من مئة شخص. وقد كرر هذه الممارسة أكثر من مرة لإخضاعنا. بعد ساعتين، طلب منا توضيب أمتعتنا استعداداً للانتقال إلى جرافة صيد أخرى ستنقلنا إلى إيطاليا، بعد ذلك التقينا بالمركزب الآخر وطلب منا القبطان النزول إليه فرفضنا فشهر رشاشه بوجهنا ومعه اثنان يحملان المسدسات.
في المركز الخشبي الآخر أنزلونا إلى غرفة في قاعة ذات رائحة كريهة لا تتسع لأكثر من عشرين شخصاً لها فتحة صغيرة، بدأنا نشعر بالغثيان، وبدأت بالخروج إلى سطح المركب، وبعد مسيرة أربع ساعات، بدأنا نرى أنواراً تشع من اليابسة، اقتربنا من جزيرة صغيرة، سألنا القبطان عن الأمر قال أن سفينة أخرى ستأتي لأخذنا، لم نصدق الأمر، شهروا الأسلحة بوجهنا وبدأوا رمينا في المياه مع النساء والأطفال.
أحد الأشخاص اصطدم بصخرة فكسرت ساقه، وآخر أصيب بضربة عصا على رأسه، رمونا في الماء، كانت الساعة تشير إلى الثالثة صباحاً، بعد حوالى الساعة اقترب منا مركب آخر بالاقتراب منا، ثم بدأ بعض الأشخاص بنقلنا بزوارق صغيرة إلى المركب الكبير الذي نقلنا إلى شاطئ الاسكندرية – منطقة أبو قير – استلمنا خضر السواحل الذين نقلونا إلى منطقة أخرى وأخذوا البيانات الشخصية من كل واحد منا، ثم انتقلنا إلى قسم منتزه(2) وهو مخصص للمجرمين، ثم نقلونا إلى قسم شرطة كرموز بالاسكندرية بتاريخ 1 تشرين الثاني 2014.

سجن كرموز
منذ ذلك الحين ونحن في السجن كالمجرمين، محتجزين في غرفة صغيرة، لا نرى الشمس ولا نعلم عن مصيرنا شيئاً. بتاريخ 13 تشرين الثاني 2014 بدأ ترحيل السوريين إلى تركيا التي وافقت على استقبالهم. أما نحن الفلسطينيون فما زلنا في المعتقل، لأن أي من الدول المحيطة بسوريا ترفض استقبالنا حتى مصر ترفض إعطاءنا إقامة مؤقتة ريثما نستطيع تدبر أمورنا خصوصاً بعد أن خسرنا كل أموالنا التي دفعناها للسماسرة”.
هذا هو النص الذي وصل إلى “جنوبية”، ونحن سنحاول متابعة الموضوع على أمل أن تتحرك منظمات حقوق الإنسان للإفراج عن المعتقلين وتأمين أماكن سكن آمنة وصحية لهم.

السابق
لماذا تحلق البريطانيات ذقونهنّ؟!
التالي
الكتيبة الاسبانية تحيي ذكرى شهدائها