خياران أمام المشاورات لحل أزمة الآلية: ضمانات لعدم التعطيل وتماسك 14 آذار

كتبت “النهار” تقول: مع أن الاتصالات واللقاءات المكوكية التي طبعت مطلع الأسبوع بحثاً عن مخرج لأزمة الآلية الحكومية تخرج مجلس الوزراء من الجمود الذي أصاب جلساته لم تبلغ نتائج واضحة بعد، بدا أن الصدمة التي شاءها رئيس الوزراء تمّام سلام من تعليق الجلسات أدت في جانب ايجابي منها الى إعادة التركيز على أزمة الفراغ الرئاسي، مع تصاعد المواقف المشددة على أولوية انتخاب رئيس الجمهورية.

وقد انطلقت عملياً أمس المساعي الحثيثة للتوصل الى مخرج ينهي أزمة الآلية الحكومية من خلال شروع الرئيس سلام في لقاءات متعاقبة مع القادة السياسيين، وقت بدا واضحاً أن معظم اللقاءات التي يعقدها الرئيس سعد الحريري منذ أيام تركز على هذا الهدف من خلال بلورة صيغة تأخذ في الاعتبار ضرورة عودة إقلاع الحكومة وتوفير مناخ يضمن منع تعطيل القرارات الحكومية وفي الوقت نفسه مراعاة الواقع الذي تفرضه الأزمة الرئاسية وهواجسها لدى الافرقاء المسيحيين.

ونوّهت أوساط متابعة للقاء الذي جمع أمس الرئيسين سلام والحريري بالأجواء التي أحاطت به، اذ تخلله تبادل لوجهات النظر وعرض للمواقف المختلفة من موضوع آلية العمل في مجلس الوزراء. وقد أبدى الرئيس الحريري تفهمه لموقف الرئيس سلام وتأييده الكامل له. وفهم أن الاتصالات ستتواصل مع مختلف الأطراف لبلورة تصور مشترك للعمل الحكومي، ولكن لا معطيات حتى الآن تتيح القول إنه تقرر الاتجاه الى عقد جلسة جديدة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع.

وعلمت “النهار” أن الرئيس أمين الجميّل سيزور اليوم السرايا بدعوة من الرئيس سلام، على أن يقوم الرئيس ميشال سليمان بزيارة مماثلة بعد عودته من الشارقة في دولة الامارات العربية المتحدة الى بيروت ظهر اليوم. وتأتي هاتان الزيارتان على خلفية البحث في الوضع الحكومي وتعثر انعقاد مجلس الوزراء للاسبوع الثاني على التوالي.
وكانت الزيارة التي قام بها الرئيس الجميّل امس لبيت الوسط يرافقه نجله النائب سامي الجميل تمت في إطار “التواصل بين حليفين” على حد وصف مصادر كتائبية لـ”النهار”.

وقد عرض الرئيس الجميّل العقبات التي تعترض مسيرة الدولة والأخطار المحدقة بالبلاد من كل الحدود. وأثار الرئيسان الجميّل والحريري تفعيل عمل قوى 14 آذار مع قرب ذكرى انطلاقتها بعد نحو 20 يوماً. الى ذلك، أكد الرئيس الجميّل ان اللقاء التشاروي الوزاري الذي انعقد الجمعة الفائت في منزل الرئيس سليمان والذي سينعقد لاحقاً في منزله هو لقاء بين أطراف لديهم هاجس مصير رئاسة الجمهورية، لكن ذلك لا يعني أن الرئيس سليمان خرج من وسطيته وأن الرئيس الجميّل لم يعد في 14 آذار. وأبدى الرئيس الحريري تفهماً لهذا الهاجس. ولدى الحديث عن الوضع الحكومي، أعرب الرئيس الجميّل عن انفتاحه على أي طرح شرط ألا يؤدي ذلك الى “التطبيع” مع حال الشغور الرئاسي. ولفت الى أن آلية العمل الحالية في الحكومة لم تأت من الكتائب أو من المكوّن المسيحي في الحكومة بل أتت من الرئيس سلام الذي تدعمه الكتائب والذي نجح في إدارة البلاد في العام الحكومي المنصرم وبات المطلوب تنزيه آلية العمل الحالية أكثر من تغييرها.
ولاحقاً اتصل الرئيس الحريري بالرئيس الجميل وأطلعه على اجواء اللقاء الذي جمعه ورئيس الوزراء.

وعلمت “النهار” ان المشاورات الجارية بدأت تركز على اعتماد واحدة من معادلتين: إما إبقاء آلية الاجماع في اتخاذ القرارات في مقابل تعهدات لعدم التعطيل بما يملي على وزراء قوى 14 آذار اعتماد وحدة الموقف كفريق واحد ازاء كل القرارات وتجنب تعطيلها، وإما القبول باعتماد نص المادة 60 من الدستور التي تحدد الاكثرية اللازمة تبعاً للمواضيع العادية أو الاستثنائية في حال تعذر اتخاذ القرارات بالتوافق.

الرئاسة
وواكبت حركة المشاورات الجارية حول الملف الحكومي مواقف بارزة جديدة من الازمة الرئاسية، فاعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري ان “الوهم الكبير هو في اعتبار ان الفراغ هو فقط في رئاسة الجمهورية، فيما الحقيقة ان كل المراكز اصبحت شاغرة ومعطلة، فمجلس النواب معطل والحكومة ايضا معطلة”. ولفت في كلام بري أمام مجلس نقابة الصحافة تعويله على الحوار بين رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، مؤكداً انه في حال اتفاقهما على انتخاب رئيس للجمهورية فإن الانتخاب يحصل، وقال: “انا اعتقد ان العوامل الخارجية يمكن ان تؤثر مئة في المئة وصفراً في المئة، أي عند اتفاق اللبنانيين لا مجال للاولى ويصبح تأثيرها صفراً”.

أما الرئيس الحريري فشدد بدوره على ان “البلد لن تستقيم اموره من دون رأس، ونحن نحاول من خلال الحوار والمشاورات تحقيق الاستقرار، ولكن من دون رئاسة الجمهورية لا وجود لمؤسسة تجمع اللبنانيين وتحاول تسيير امورهم”.

كما برز موقف ديبلوماسي لافت عبّر عنه السفير البريطاني طوم فلتشر الذي انتقد “بعض القادة اللبنانيين لاستنتاجهم ان الفراغ الرئاسي يصب في مصلحتهم”، مشيرا الى ان هذا الفراغ “ليس في مصلحة الشعب اللبناني”، وقال: “لقد رددنا باستمرار ان ليس هناك عصا دولية سحرية للحل الرئاسي”، وحض القادة اللبنانيين على احراز تقدم في هذا الملف “من أجل الشعب اللبناني الذي يدّعون تمثيله”.

وفي هذا السياق علمت “النهار” ان لقاء الرئيس الجميّل أمس والبطريرك مار بشارة بطرس الراعي في بكركي تخلله تفاهم على الاستراتيجية الوطنية لايجاد دينامية جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية. وكان التلاقي على دعم الحكومة وعملها وفق الآلية الحالية وعدم ايجاد انطباع ان كل شيء في البلاد عادي في غياب رئيس للجمهورية. واتفق الجانبان على التشاور الاسبوع المقبل في شأن الدينامية الجديدة لانتخاب رئيس الجمهورية، خصوصا ان ما سمعه البطريرك في الخارج لم يكن مطمئناً من حيث قرب انتخاب رئيس للجمهورية حتى من الدول الحريصة على لبنان.

السابق
رسالة من مقاوم الى السيد حسن: نحتاج وطنا.. وليس انتصارات
التالي
باريس إلى تسوية تشمل الرئاسة والحكومة والانتخابات والإصلاحات