رسالة من مقاوم الى السيد حسن: نحتاج وطنا.. وليس انتصارات

سماحة السيد حسن نصرالله
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته .

أخاطبك، واسمح لي أن أخاطبك بمحبة ومن موقع الإختلاف، أردت هذه المرة وعلى غير عادتي، أن أستمع لخطابك كاملاً، في محاولة مني أن أرى ماذا يمكن أن تقول في هذه المناسبة، والنار باتت على مقربة من الدار، وبلدي يعاني ما يعانيه من مصاعب وويلات، تضرب به من كل حدب وصوب، والدولة كما وصفتها عاجزة و غير قادرة على القيام بأدنى واجباتها، والناس في حالة من الإحباط لا مثيل لها.
نعم، أحيي فيك هذا الوضوح في الموقف و هذه الصراحة، حيث أنك رسمت خياراتك في ما يتعلق بالأزمة السورية، ليس انطلاقاً من خلفية مذهبية، كما كان حاصل يوم قرّر الحزب أن ينخرط فعليا في المعركة، حيث رفع لواء حماية المقامات الشيعية في سوريا، شعرنا حينها أننا أمام حرب لا يمكن لها تنتهي.

نعم، هكذا أحترم وضوح خياراتك أكثر، و يمكن لي أن أقبلها أو لا، إستنادا إلى تشخيصك ورؤيتك لطبيعة الصراع الدائر في سوريا، والمسار الذي آلت إليه الأمور، ومدى تأثيره وإنعكاسه علينا وعلى المقاومة.

لكن إسمح لي يا سماحة السيد أن أحدد رؤيتي كمواطن، كان لي شرف المشاركه المتواضعه في مقاومة الإحتلال، وساهمت كغيري في دفع ضريبة التحرير، إسمح لي أن أعبّر عن خشيتي على مستقبل هذا البلد، مثلما أعربتم أنتم عن خشيتكم و حذركم و خوفكم، على المقاومة و أهلها و الوطن، إسمح لي أن أعرب عن خشيتي و حاجتي لكسب الثقة، والثقة ليست من حضرتكم الكريمه معاذ الله، ولكن بالطبع من تلك الممارسة السياسية، التي خطها و يخطها حزبكم منذ سنوات، وأنا كالكثير من اللبنانيين يحفظ لكم و لحزبكم، هذا الدور العظيم على مستوى التحرير و المقاومة والإنتصار.

إسمح لي أن أعبر عن خشيتي، والخشية نابعة من خلال ممارستكم السياسية كحزب الله، في زواريب السياسة اللبنانية الداخلية و تعقيداتها، بحيث لم نر فارقا يذكر، بينكم و بين أي من الأحزاب و القوى السياسية الأخرى حلفاء كانوا أم خصوم، حتى بأقل الأمور شأناً..

ثم، ألا ترى معي ياسيد بأن انتصار المقاومة، لا يمكن أن يكون كاملا إلا من خلال تعزيز و تقوية هذه الدولة، أقلّه لكي تقوم بواجباتها في تعزيز صمود الناس، وأنت الذي أخذت مثالاً من طبيعة كيان العدو في تعاطيه مع شؤونه الداخلية في ما يخص الحرب.

نعم، أنا أأخذ على حزب الله، وهو الحزب الأقوى سياسياً وجماهيرياً ومادياً وحتّى في علاقاته السياسية، أنه لم يبذل جهداً، هذا إذا لم أقل انه لم يحاول أن يسخّر بعضاً من إمكاناته، في سبيل بناء أو إعادة بناء أو المساهمة في تطوير ما لدى هذه الدوله من مؤسسات. فقد شاركتم كحزب في ترؤس وزاراتها و مؤسساتها الأمنية والخدماتية، وعلى مدى سنوات دون أن يتغير فيها أي شيء، بل زادت على تدهورها تدهورا.

الناس يا سيدي بحاجة إلى وطن، وليس فقط إلى انتصار، الناس بحاجة إلى انتصار للوطن وفي الوطن، الناس بحاجة إلى أمان وطمأنينة في هذه الدولة، كما في كل بقاع الأرض، والحياة ليست فقط مقاومه نحبها و ندعمها و نرويها بالدم يوم تحتاج لهذا الدم، الناس بحاجة لحقوق في دولة تقوم تجاهها بأدنى واجباتها، وكلها ثقة بكم أنكم لو أردتم لفعلتم ..

السابق
«Birdman» حصد الأوسكار.. وهوليوود تعترف بحاجتها لسينما مغايرة
التالي
خياران أمام المشاورات لحل أزمة الآلية: ضمانات لعدم التعطيل وتماسك 14 آذار