لماذا قد يصيبنا المرض خلال العطلات؟

هل الإسراع لإنجاز متطلبات العمل قبل انتهاء الموعد المحدد قبل أخذ عطلة للراحة يجعلك عرضة للمرض؟ كلوديا هاموند تحاول الإجابة عن هذا السؤال.

لا أتذكر عدد من قالوا لي إنهم يسارعون في إنجاز المهام قبل البدء في عطلة ما، وسرعان ما تصيبهم نوبة برد في اللحظة التي يتوقفون فيها عن العمل، وهذا لا يحتاج لأن تكون في فصل الشتاء: بل قد تتعرض لوعكة صحية أيضًا في الإجازة الصيفية، أو في رحلتك إلى الشاطئ، أو في العطلات القصيرة.

وهناك من يطلق على هذه الوعكة اسم “وعكة الترفيه”، ويعترف آد فينجرهوتس، عالم النفس الألمانى الذي أطلق هذا الاسم، بأنه ليس هناك تشخيص حتى الآن لهذه الوعكة في عالم الطب، ومع ذلك يمكن التعرف على تعرضك لوعكة صحية بمجرد انتهائك من العمل بعد تجربة قاسية، فما مدى مصداقية ذلك؟

لا توجد دراسة كبيرة ممنهجة لمعرفة ما إذا كان الناس أكثر احتمالا للتعرض لوعكة صحية عندما يكونون في إجازة مقارنة بتعرضهم لها في الأيام العادية في حياتهم اليومية، ولكن عند محاولة وضع رقم معين لمن يتعرضون لها، طرح فينجرهوتس سؤالاً على أكثر من 1.800 شخص عما إذا كانوا يعانون من “وعكة الترفيه” أم لا.

أجاب نحو ثلاثة في المئة فقط منهم بنعم. فمع الأخذ في الاعتبار مدى احتمال تعرضنا للضغط والعمل الشاق قبل أخذ العطلة، فهذا يشير إلى أن ذلك ليس هو المعتاد، ومن غير مألوف أيضا، وخاصة أن هذه الدراسة قد اعتمدت على سؤال الناس للحكم على أنفسهم عما إذا قد تعرضوا لهذه الوعكة أم لا.

إذ أنه كثيرًا ما نتذكر العطلة التي تعرضنا فيها للبرد مثلا أكثر من تذكرنا للعطلات التي مرت علينا بسلام.

ولكن إذا اعترفت نسبة قليلة من الناس بتعرضهم لهذه الوعكة، فهل هناك تفسير فسيولوجي؟ ويرى نصف من شاركوا في دراسة فينجرهوتس أن سبب هذه الوعكة هو الانتقال من العمل للعطلة، وهناك العديد من النظريات التي ترى ذلك.

قائمة المرض
أول نظرية تقول إنه عندما تكون لدينا الفرصة للاسترخاء، تدخل هرمونات الضغط التي تجعلنا نتكيف مع مواعيد العمل في حالة عدم اتزان، وتتركنا عرضة للمرض، ويساعدنا الأدرينالين للتكيف مع الضغط، وكذلك يعزز جهاز المناعة مكافحة الإصابة بالأمراض ويساعدنا على البقاء بصحة جيدة.

وبجانب ذلك، يأتي الكورتيزول الذي يساعدنا أيضًا على التأقلم مع الضغط، ولكن على حساب جهاز المناعة. وكل هذا يبدو معقولاً، وخاصة التحول السريع من حالة الضغط إلى حالة الاسترخاء، ولكن ليس هناك بحوث كافية حتى الآن تؤكد مصداقية هذا الافتراض.

وقد يكون هناك أشخاص يعانون من وعكة طوال الوقت، فهم مشغولون للغاية ومصممون على العمل حتى يحين وقت العطلة. ففي أثناء العمل والكفاح اليومي لا يشعرون ببساطة بأنهم مرضى، ولكن يدركون ذلك عندما تسنح لهم الفرصة بالاسترخاء.

ومن المؤكد أن الأمر يتعلق بمدى تقييمنا للأعراض بالاعتماد على الأشياء الأخرى التي نقوم بها، فقد توصل عالم النفس جيمس بينباكر إلى أنه كلما قل ما يدور حول الشخص من أحداث، زادت الأعراض التي تشير إلى أنه في حالة سيئة.

وقد عرض على مجموعة من التلاميذ فيلم معين، وأجرى تقييما لهم كل 30 ثانية ليعرف رأيهم حول مدى أهمية الفيلم. وبعد ذلك، عرض نفس الفيلم على مجموعة من التلاميذ وراقب كم مرة يعانون من السعال، وكلما زاد اهتمامهم بأحد مشاهد الفيلم الجذابة، قل سعالهم.

وفي المشاهد غير الجذابة، كانوا يبدأون في الشعور بالتهاب الحلق، ويسعلون بمعدل أكثر. كان ذلك ملحوظا بشكل ربما كان سيجعل أي ممثل على خشبة مسرح يضجر من جمهور الحاضرين الذين يعانون من مثل هذه الدرجة من السعال.

وبالتالي، وفي حين أنك ستشعر بالألم والأوجاع بشكل أكثر عندما لا تكون في مكان العمل، فإن هذا لا يمنع أيضا احتمال أن تلاحظ أنك تشعر بثقل في الرأس وسيلان الأنف أثناء العمل، ومهما كان ذلك العمل الذي تقوم به صعبًا.

حمى المقصورة
وهناك احتمال مختلف تمامًا، وهو أنه ليس ضغط العمل هو المتسبب في تلك الوعكة الصحية، ولكنها العطلة نفسها. فالسفر عادة ما يكون مجهدًا، وخاصة السفر جوًا. وكلما طالت المسافة، زاد احتمال إصابتك بأحد الفيروسات.

فمعدل إصابة الأمريكيين بالبرد كل عام تبلغ 2.5 في المئة، وعلى هذا الأساس حسبت الأبحاث أن فرص الإصابة بالبرد في رحلة طيران واحدة تبلغ واحد في المئة بالنسبة للبالغين.

لكن عندما أجري مسح على المرضى بعد أسبوع من سفرهم في رحلة جوية من خليج سان فرانسيسكو إلى دنفر، بلغت نسبة من ظهر لديهم الإصابة بالبرد 20 في المئة، وإن حدثت هذه الإصابة على مدار العام، فمن المتوقع أن تصل النسبة إلى أكثر من 56 حالة سنويًا.

وغالبًا ما يأتى اللوم في التسبب في هذه الوعكة الصحية على إعادة تدوير الهواء داخل الطائرة، لكن في هذه الدراسة لم يكن هناك أي اختلاف، إذ يلقى الباحثون اللوم على عاملين آخرين وهما: الجلوس في مساحة مغلقة، وبالقرب من جرثومات شخص آخر على نحو غير معتاد، والرطوبة. إذ يفترضون أن الهواء الرطب داخل الطائرة قد يتسبب في أن ينتقل الفيروس، والمخاط الملئ بالبكتريا إلى الأمعاء فيصبها بالوعكة.

ويرى فينجرهوتس أن هناك تفسيرات أخرى لتعرض الناس لوعكة صحية أثناء العطلات، فهناك اقتراح يفيد بأنه إن لم تكن من محبي العطلات، فإن المرض يأتيك خلالها نظرا لكرهك لها.

لكن قلة الأبحاث في هذا الصدد تجعل الأمر محالاً أن تجد تفسيرا مفضلا على غيره من التفسيرات، وقد يكون الأمر بسبب اجتماع عدد من هذه العوامل معا.

ومع ذلك، فالخبر السار هو أنه نادرًا ما يحدث ذلك أكثر مما تتوقع، والأفضل من ذلك أنه عندما يتقدم بنا العمر يكون لدى جهاز المناعة الوقت الأكثر لتطوير الجسيمات المضادة، فيقل تعرضنا للبرد سواء كنا في عطلة أم لا. وأخيرًا، هذا من أحد الجوانب التي تجعلنا نتطلع إلى أن نكبر في العمر.

السابق
انهيار صخري طاول منزلا في ببنين
التالي
أبو فاعور يوقف عقد الإستشفاء مع مستشفى أوتيل ديو