ماذا بقي من «انتفاضة الاستقلال» بعد عقد على اغتيال الحريري؟

عشرة أعوام مضت على الهزة التي احدثها اغتيال الرئيس رفيق الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان، بعد “وصاية” استمرت ثلاثين عاماً، لكن الآمال التي حلم بها اللبنانيون من استقلال وسيادة وخروج من التبعية للنظام السوري، لم تتحقق بالكامل، إذ أن “حزب الله” لا يزال يسهر على مصالح دمشق.

“انتفاضة الاستقلال” التي أعقبت استشهاد الرئيس الحريري فقدت الكثير من زخمها وعزمها، كي لا نقول ضاقت انفاسها وباتت في حاجة الى إنعاش. فحلفاء دمشق الذين نزلوا الى الشوارع بدعوة من “حزب الله” وحلفائه للدفاع عن النظام السوري، بعد دعوة الجيش السوري الى الانسحاب من لبنان، سجلوا العديد من النقاط على الساحة السياسية الداخلية.
وعلى رغم ان النظام السوري فقد الكثير من تأثيره على الساحة اللبنانية من جراء الصراع الداخلي على أرضه الذي دخل عامه الرابع، إلا أنه وجد في “حزب الله” الحليف الذي يدافع عن مصالحه داخل لبنان.
كذلك أعيد خلط الأوراق، بعد اغتيال الحريري، فالعماد ميشال عون عدو النظام السوري، تحالف مع “حزب الله” الذي عزز موقعه بتحالفه مع فريق مسيحي، فتحول من ميليشيا شيعية الى مقاومة لبنانية.
ويمكن اعتبار انشاء المحكمة الدولية عام ٢٠٠٧ للنظر في اغتيال الحريري هزيمة لحلفاء دمشق وانتصاراً لفريق الرابع عشر من آذار. غير انها لم تعد، على رغم اتهام قياديين من الحزب بعملية الاغتيال، في صلب السياسة الداخلية اللبنانية.
ويمكن القول ان النزاع الداخلي في سوريا ادى حتى الآن، على رغم مشاركة “حزب الله” فيه والخسائر التي مني بها، الى تعزيز مكانته على الساحة السياسية الداخلية. فالقوات السورية غادرت الاراضي اللبنانية، لكن حلفاءها لا يزالون على الارض والبلد منقسم الى فريقين، لأن فريق الرابع عشر من آذار لم يكن لديه مشروع سياسي سوى خروج الجيش السوري من لبنان. اما المواضيع الشائكة بين البلدين، فلا تزال على ما هي، ولم يتمكن لبنان على رغم الدعم الدولي، من ترسيم الحدود بين البلدين على سبيل المثال.
حتى ان النظام السوري يطالب بواسطة حلفائه، بتفعيل التعاون الامني بين الجيشين اللبناني والسوري تحت راية قتال المتطرفين والارهاب.
ولا تزال دمشق عبر حلفائها في الداخل، تفرض على القوى “الاستقلالية” قيوداً للوضع السياسي، فالفراغ الرئاسي مستمر منذ أيار ٢٠١٤ ولا أفق لحل وشيك. والمسؤولون يجمعون على القول ان انتخاب رئيس جديد للجمهورية ليس بين ايدي اللبنانيين، بل ان الخارج هو من سيختاره، ومن هذا الخارج سوريا وحلفاؤها. وقد ترك النظام السوري الحرية لـ”حزب الله” من أجل إدارة هذا الملف، لانشغاله بملفاته الداخلية.
وفي هذا السياق، يمكن القول ان بقاء النظام السوري يعود الى حد كبير الى “حزب الله” او بالأحرى الى ايران. ومنذ اندلاع الحرب في سوريا، اصبح “لبنان الحزب” يؤثر على الوضع في سوريا وليس العكس.
لكن لا بد بعد عشرة أعوام من اغتيال الحريري، من عدم التسرع في وضع تصور لمستقبل لبنان، لان الأوراق لا تزال تخلط، ولا يمكن أحداً تحديد المستقبل الذي يصاغ بالطبع خارج الحدود.
غير ان معركة السيادة والاستقلال التي يقودها فريق الرابع عشر من آذار، يجب أن تستمر حية وأن تنتعش “لأن مصير البلد مهدّد من ارتدادات الحرب السورية عليه واقتراب لهيب المعارك منه”.

(النهار)

السابق
ناشئات لبنان يتعادلن مع الجيبوتيات في تصفيات «كأس العرب»
التالي
تحالف ثلاثي لضرب «داعش» في ليبيا ينتظر غطاءً أمميّاً