أم كلثوم وفيروز وغيرهما: العمالقة غنّوا طقاطيق جنسية أيضاً

بين الحين والآخر تغزو شاشاتنا، أونلاين وعلى التلفزيونات، أغنيات يصفها البعض بأنّها “هابطة”، طورا عن “أكل الموز”، وأحياناً لمغنيّات بثياب غير لائقة، يعرضنَ مفاتنهنّ، أو أغنيات كلماتها مليئة بالإيحاءات الجنسية. فيخرج علينا النقّاد بالحديث عن “هبوط” في مستوى الفنّ.
لكنّ الحقيقة في مكان آخر. فالأغنيات الأقلّ مستوى، أو الطقاطيق، عمرها من عمر الفنّ العربي وغير العربي. ولا يوجد “هبوط”، بل هو “استمرار” أفقي لأنواع غنائية يحبّها الجمهور ويقع في غرامها، قبل أن يشتمها ويدّعي أنّه لا يقبل بها. وإلا لما استمرّ “الفنّ” في إنتاج هذا النوع من الأغنيات.

والمعروف أنّ “العمالقة”، ممن نقيس بهم، ونعتبر أنّهم “زئبق” الفنّ، قدّموا أغنيات تتراوح بين “الخلاعة” والإيحاءات الجنسية، منذ 100 عام تقريباً، مع أغنية “الستّ” أم كلثوم، “الخلاعة والدلاعة مذهبي”، وصولا إلى السيّدة فيروز والمطرب صباح فخري والمطربة نجاح سلام والمطرب محمد منير وغيرهم كثيرين، من سيّد درويش وأغنية “الكوكايين” إلى محمد عبدالوهاب وطقطوقة “الكوتشينة”، ومنيرة المهدية وأغنية “بعد العشا” وكثيرين كثيرين ممن لا مجال لذكرهم في نصّ واحد.

نبدأ من “الستّ” أم كلثوم، التي يعرف كثيرون أغنيتها “الخلاعة والدلاعة مذهبي”، التي تقول كلماتها: “الخلاعة والدلاعة مذهبي، من زمان أهوى صفاها والنبي”، وذلك بحسب بعض المراجع في عام 1926، أي قبل 90 عاماً.

ومن منّا لم يسمع أغنية “فايق يا هوى” للسيّدة فيروز، وتقول كلماتها: “فايق لمّا راحوا، أهالينا مشوار، تركونا وراحوا، وقالوا ولاد زغار، ودارت فينا الدار، ونحنا ولاد زغار، والهوى جمّعنا، وفرّقنا الهوى”. ويمكن للخيال أن “يظنّ” ما يريده في جملة “ودارت فينا الدار”.

والأكثر شهرة أغنية “الليلة يا سمرة” للمطرب المصري محمد منير، من عام 1991، التي تقول كلماتها: “البنت قالت فستاني، منشور على الشطّ التاني، خدني المراكبي وعدّاني، ورجعت في القمرة الليلة، الليلة الليلة الليلة يا سمرة يا سمارة”.
والمعنى واضح، وهو أنّ “البنت” قطعت النهر، على الأرجح عارية، مع “المراكبي”، وللخيال أن يسرح مع المركب والمراكبي والليل و”السمرة”.

ومن الأغنيات الشهيرة “حوّل يا غنّام” للمطربة اللبنانية نجاح سلام، ومن كلماتها: “حوّل يا غنّام حوّل، بات الليلة هين، قلّي يا غنّام بالله شايف حبّي وين، قلّي يا غنّام بالله شايف حبّي وين”. وهي دعوة صريحة لـ”الغنّام” أن ينام في دار المغنيّة- بطلة الأغنية. وهنا يترك كاتب الأغنية الدور الأكبر للخيال، لكنّ إيحاء “النوم” مع “الغنّام” لا يحتاج إلى توضيح أكثر من هذا، في أغنية صادرة قبل نصف قرن تقريباً.

المطرب صباح فخري ربّما يكون الأقلّ إيحاءً في أغنية “البلبل ناغى”، إذ يقول: “كنّا ستّة على النبعة، إجا المحبوب صرنا سبعة، طلب بوسة ما عطيتو، قلتلو حرام يوم الجمعة”. القبلات خارج الزواج مسموح بها إذاً، لكن في أيّام الأسبوع ما عدا يوم الجمعة.

هي عيّنة صغيرة من أغنيات “العمالقة” الذين “دخلوا” في موجة “الطقاطيق” والأغنيات التي تمجّد الخلاعة والتي تمتلئ بإيحاءات جنسية، تمزج الغرام بالجنس بالرغبات والشهوات الجسدية، بعيداً عن “الصورة العذرية” التي يقدّمها كثيرون لـ”الفنّ”. هذا الذي ليس إلا نتاج تراكم “الجيّد” و”السيّئ” و”الرصين” و”الخليع”، منذ ولادته.
 (العربي الجديد)

http://www.alaraby.co.uk/miscellaneous/ed56a216-1862-4c9b-946b-0ec6b66dfd8c

السابق
الشرطة في سويسرا تقتحم مكاتب إتش إس بي سي
التالي
جعجع لنصرالله: من ينتظر التطورات الإقليمية يعطل انتخاب رئيس