نصرالله متمسّكاً بالحوار مع «المستقبل»: لنذهب معاً إلى سوريا

كتبت”النهار” تقول : إذا كان تأكيد الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله المضي في الحوار مع “تيار المستقبل” لم يفاجئ أحداً بل بدا الوجه المرن الايجابي الذي قابل به مرونة الرئيس سعد الحريري، فإن جوانب أخرى من خطابه أمس اكتسبت دلالات مماثلة في أهميتها لخطاب الحريري من موقع الخلافات الجذرية بين الفريقين. في الشكل أولاً، اتخذت المناسبتان المتعاقبتان بعداً نادراً لجهة القاء كل من الزعيمين خطابه وسط حضور الرئيس الحريري في بيروت منذ السبت الماضي وكذلك وسط التحفز لعقد الجولة السادسة من الحوار بين “المستقبل” و”حزب الله” غداً في عين التينة، بما يثبّت القرار السياسي للفريقين بالمضي في “حوار الضرورة” هذا.

أما في المضمون، فإن السيد نصرالله سارع في مستهل خطابه الى اطلاق رسالتين ايجابيتين الى “المستقبل” وزعيمه من خلال توجيهه “مشاعر المواساة والعزاء” في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ومن ثم تأكيد تأييده الدعوة الى وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الارهاب، ولو انه غمز من قناة عدم الاتفاق على استراتيجية مماثلة لمواجهة اسرائيل. وإذ مر بالاستحقاق الرئاسي من باب دعوته الى “معاودة الجهد الداخلي وعدم انتظار المتغيرات في المنطقة والخارج”، أعلن “اننا سنواصل الحوار مع تيار “المستقبل” الذي انتج بعض الامور الايجابية، ونأمل في ان نتوصل الى نهاية ايجابية”.
وفي ما بدا رداً مركزاً على موقف الرئيس الحريري من تورّط الحزب في سوريا والعراق، ساق السيد نصرالله المبررات لتدخل الحزب في سوريا، قائلاً إن “لبنان متأثر اليوم بما يجري في المنطقة اكثر من أي وقت مضى… وهناك مصير شعبنا وبلدنا وكرامتنا ومستقبل أجيالنا”، ووصف الكلام على تحييد لبنان والنأي بالنفس بأنه “غير واقعي ولا يمكن تحييد لبنان عما يجري”. واذ استفاض في شرح الخطر الارهابي التكفيري لداعش قال: “اننا نعتبر أنفسنا ندافع عن الاسلام بكامله في مواجهة أبشع تشويه للاسلام في تاريخ البشرية”، محذراً من التمييز بين “داعش” و”النصرة”. وخاطب “الذين يدعوننا الى الانسحاب من سوريا”، فدعاهم “الى الذهاب معاً الى سوريا بل تعالوا نذهب الى أي مكان نواجه فيه هذا التهديد لاننا بهذه الطريقة ندافع عن لبنان وعن غير لبنان”. كما جدد مطالبته بالتنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري “قبل ذوبان الثلج”.

“المستقبل”
وقال قيادي بارز في “تيار المستقبل” لـ”النهار” ان الحوار رسم سقفاً لكلمة الرئيس الحريري في” البيال” السبت الماضي، كما رسم سقفاً لكلمة السيد نصرالله أمس. فلو جاءت كلمة الرئيس الحريري من غير أن يكون هناك حوار قائم بين التيار والحزب لكان السقف أعلى ولجاءت كلمة السيد نصرالله أمس أعلى أيضاً. ولفت الى أن ما يهم الحريري هو تثبيت أوضاع التيار في مناطقه بعيداً من تأثير الارهاب وتفعيل قوى 14 آذار وحماية الاستقرار الداخلي. وذكر بأن العام المنصرم شهد إنجازات أمنية مهمة، منوهاً بحكومة الرئيس تمام سلام وبالتعاون مع “التيار الوطني الحر” وقال إن الثغرة التي يجب الانصراف الى معالجتها هي الشغور الرئاسي. ورأى انه سيحين الوقت الذي سينتخب فيه رئيس للجمهورية مما يجعل الواقع اللبناني أكثر أمنا من الغرق الذي يلامس حالياً الحد الاخير لهذا الواقع، وكلما أنجز استحقاق جديد مثل إجراء انتخابات نيابية وتشكيل حكومة جديدة، تراجع منسوب خطر الغرق. وأبدى ثقة بواقع التيار حالياً الى درجة الاطمئنان الى انه اذا ما أجريت انتخابات نيابية الآن فهو سيحرز نتائج جيدة. وأشار الى أن أي تغيير سيطرأ على مواقف “حزب الله” داخلياً سيكون مرتبطاً بما سينتهي اليه الحوار الدائر بين طهران وواشنطن.

اجتماع مشترك
ورأس الرئيس الحريري مساء امس في بيت الوسط، اجتماعاً مشتركاً، للمكتبين السياسي والتنفيذي في “تيار المستقبل” واستهله بمداخلة سياسية شاملة شرح فيها “أهمية التمسك بالحوار ملاذاً للبنان واللبنانيين، وضرورة تطرف “تيار المستقبل” في الدفاع عن الاعتدال، سواء في وجه إرهاب “داعش”، أو إرهاب المعتدين على الحرية وحق الشعوب فيها في لبنان وخارجه”.

وأبدى المجتمعون “تأييدهم المطلق لرهان الرئيس الحريري على عودة جميع القوى السياسية اللبنانية إلى حضن الدولة، باعتبارها الوحيدة القادرة على جمع كل اللبنانيين”.

وخلص المجتمعون إلى “ضرورة عدم مهادنة التطرف، تحت أي ظرف من الظروف، مؤكدين التضامن مع البلدان العربية الشقيقة التي تواجه هذا الخطر”.

وشدد الرئيس الحريري على “مسؤولية الدولة في مواجهة الإرهاب، ومكافحة كل أشكال التطرف، مؤكداً الدعوة التي أطلقها لقيام استراتيجية وطنية تحمي لبنان من هذا الخطر ومن كل أشكال التورط في الحرائق المحيطة، لأنه لا يجوز بعد اليوم أن يبقى لبنان رهينة سياسات التفرد واتخاذ القرارات التي تخالف الإجماع الوطني”.

وتوقف المجتمعون عند الذكرى العاشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، وأكدوا “أن مشروع الرئيس الشهيد للنهوض الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لا يزال حياً ولم يفقد بريقه وأهميته كباب خلاص للبنان من أزماته”.

كما شدد المجتمعون على “أن الأولوية حالياً هي لانتخاب رئيس للجمهورية، لكونه حجر الأساس في بنية الدولة التي تحتاج إلى ثبات مداميكها، وأن الحوار الراهن مع “حزب الله” يتخذ الانتخاب بنداً رئيسياً، إلى جانب تجنب الاحتقان المذهبي، من غير أن يعني ذلك إسقاط الرفض المبدئي والدائم لمحاولات إجهاض المحكمة الدولية، أو القبول بقوة مسلحة من خارج إطار الدولة، أو تقاتل باسم اللبنانيين خارج الوطن”.

مجلس الوزراء
الى ذلك، أبلغت مصادر وزارية “النهار” ان هناك مأزقاً حكومياً جديّاً حتى لو كانت ثمة أكثرية وزارية تؤيد اعتماد آلية عمل جديدة بإعتبار ان هناك حاجة الى اجماع في هذا المجال. ومثلما إحتاج اعتماد الآلية الحالية الى إجماع لتطبيقها، فإن أية آلية أخرى في حاجة الى إجماع أيضا وهو أمر متعذر حالياً. ولفتت الى ان الاتصالات التي جرت حتى الآن لا تشير الى وجود توافق على اقتراح تعديل الآلية المعتمدة.

وفي هذا الاطار، قال وزير العمل سجعان قزي لـ”النهار” انه إقترح على الرئيس سلام ان تبقى جلسات مجلس الوزراء مستمرة في موازاة بحث في تعديل الآلية لئلا يتوقف عمل الحكومة على مستويات تسيير شؤون الدولة ومواكبة تطبيق الخطط الامنية ومكافحة الارهاب وإجراء الاتصالات مع المجتمع الدولي. وتساءل: “إذا كنا سنعطّل مجلس الوزراء بسبب آلية عمله، فلماذا لا نعطّله بسبب عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟”.

السابق
نصرالله في «بيت القصيد»: تعالوا إلى طاولة الكبار
التالي
نصرالله يُلاقي الحريري.. إنتخاب وحوار غداً والآلية قيد البحث