نصرالله: لنذهب إلى سوريا.. دفاعاً عن لبنان

لعل دعوة السيد حسن نصر الله الى المعنيين بالذهاب «سوياً» الى سوريا وإلى العراق وإلى كل مكان للدفاع عن لبنان، تلخص مغزى خطاب الأمين العام لـ «حزب الله» في ذكرى شهداء المقاومة. إنه المضمون الأساس للخطاب، حسب المتابعين لخطب وكلمات «السيد»، إذ باعتبار هؤلاء انه «لا بد لأي خطاب من موضوع أساسي يفرض نفسه حسب الظروف». وقد رسمت مواجهة الوضع الخطير في المنطقة، ولبنان في صلبها، والتهديد التكفيري الذي تتعرض له كياناتها ومجتمعاتها، المضمون الأهم للخطاب. من هنا، توقف المتابعون عند تشديد نصر الله على أن مواجهة هذا الخطر يجب ان تحصل خارج لبنان.. في سبيل حماية لبنان نفسه الذي يتعرض للخطر الذي تواجهه المنطقة.. وحتى العالم.
لا يتفوق خطر الموجة التكفيرية على الخطر الإسرائيلي، بل إنه يسير بموازاته، والخطران يتكاملان، وقد شدد نصر الله على أن «الموساد» والـ «سي.أي.آي» والمخابرات البريطانية هي جهات تقف وراء «داعش» و «النصرة» غير المختلفين عن بعضهما البعض. ويشير المتابعون الى أن نصر الله شدد في الخطاب على التأكيد أن فلسطين لا تحتل أي اهتمام لدى التكفير الذي يريد الوصول الى مكّة والمدينة، وذلك في رسالة بالغة الدلالة الى السعودية «بأن تعالوا ننسى خلافاتنا في سبيل مواجهة الخطر المشترك». وهو ما يعني بأنه من العبث التعويل على الولايات المتحدة للقضاء على هذا الخطر، بل يجب ان ينسى الأفرقاء خلافاتهم لأن هذا التهديد يشمل بخطره المنطقة كلها، وهو أشار الى انه لولا التصدي لهذا الخطر في العراق لكان وصل التكفير الى الخليج.
من هنا، يشدد المتابعون للخطاب على أن «السيد» أراد التأكيد على انه من غير الممكن فصل الحركة التكفيرية عن المشروع الصهيوني الذي يستهدف كل قوة المنطقة، وذلك عبر تدمير مكامن القوة فيها ومحاولة إعادة رسمها.
ويلفت هؤلاء النظر أيضاً الى أن نصرالله رسم هدف المعركة على التكفير عبر التشديد على ان مواجهته إنما هي للدفاع عن الإسلام الأصيل، مثلما هو دفاع عن مصالح المنطقة ولبنان.
ويشير المتبعون الى ان نصرالله، بتركيزه على هذا الامر، قارب الملف اللبناني من زاوية ان حماية لبنان تتأتى من مجابهة هذا الخطر المقبل بخطوات واثقة الى هذا البلد، مشدداً على انه من السهل هزيمة هذا الخطر في حال توحَّد اللبنانيون لمجابهته.
.. وعلى صعيد المشهد اللبناني، يلفت المتابعون للخطاب النظر الى ان نصرالله تجنب التصعيد مع الخصوم، وهو لم يردّ بشكل مباشر على الخطاب الاخير لزعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري، وإن حمل مضمون كلمة نصرالله رداً عليه على أكثر من صعيد.. وقد لاقى «السيد» الحريري في جوانب أخرى، كالتأكيد على الحوار، كما في الدعوة الى إستراتيجية موحدة لمكافحة الإرهاب.. مع فتح باب النقاش على آليتها.

أعرب الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، في كلمة له أثناء الاحتفال المركزي الذي اقامه «حزب الله» إحياء لذكرى القادة الشهداء في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية، عن إدانته الشديدة للجريمة التي ارتكبها تنظيم «داعش» في ليبيا بحق العمال المصريين المظلومين. ثم تناول الشأن اللبناني. وبعد ان توجه بمشاعر المواساة والعزاء الى عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأنصاره ومحبيه وتياره، دعا إلى وضع إستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب. وقال: «أمام خطر الإرهاب الذي يتهدد لبنان والمنطقة، نحن نؤيد الدعوة إلى وضع إستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب، وأعتقد أن القوى السياسية اللبنانية والقيادات اللبنانية تستطيع أن تتفق، قد لا يكون صعباً بقدر الإستراتيجية الدفاعية في مواجهة إسرائيل، لأننا قد نتفق على عدو هو الإرهاب ونختلف للأسف على عدو هو إسرائيل، للأسف. بكل الأحوال، نحن نؤيد الدعوة إلى وضع إستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب».
وجدد تأييد الخطة الأمنية في البقاع، التي «جاءت متأخرة»، داعياً إلى «تواصلها وتفعيلها». وطالب بخطة إنمائية للبقاع، و»حل مشكلة عشرات آلاف المطلوبين بمذكرات توقيف أو استنابات لأسباب تافهة أو بسيطة أو قديمة».
وطالب نصرالله الدولة بأن تحزم أمرها بوجه التنظيمات التكفيرية «عندما يذوب الثلج». وقال: «اليوم على السلسلة الشرقية هناك في الطرف المقابل، في الجبال والتلال في جرود عرسال، يوجد داعش والنصرة. داعش الممتدة من ليبيا لتلف وتذهب إلى المكان الذي تريده حتى تصل لجرود عرسال. حسناً الآن يوجد ثلج ويوجد طقس عاصف ويوجد ظروف مناخية حدّت أو منعت حصول مواجهات، لكن عندما يذوب الثلج، يوجد استحقاق، الدولة يجب أن تحزم أمرها والشعب اللبناني يجب أن يحزم أمره، كيف سيتعاطى مع هذا الخطر وهذا التهديد الموجود على التلال وعلى الجبال والذي يتهدد القرى والجميع؟ هذه المرحلة نحن مقبلون عليها، المطلوب أن نأخذ موقفاً فيها».
وإذ شدد على اهمية التفاهم بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر»، دعا إلى عقد تفاهمات مشابهة على المستوى الوطني. وقال: «نحن كنا نحلم في ذاك الوقت أن نفس هذا التفاهم يتوسع وينضم إليه آخرون، الآن يمكن بعض البنود قد تثير بعض الحساسيات أو هناك بعض القضايا الشكلية البروتوكولية، لنبقِها جانباً».
وعلى صعيد الاستحقاق الرئاسي، دعا اللبنانيين الى عدم انتظار المتغيرات في المنطقة والمتغيرات في الخارج، والاعتماد على انفسهم، مشدداً على ان «المنطقة ذاهبة إلى المزيد من الأزمات والمزيد من المواجهات، يوجد جبهات جديدة تفتح». داعياً إلى دعم الحكومة التي اعتبرها «حاجة وطنية». وقال «هناك إشكالات تعترض طريقها، يجب التعاون لحل هذا الإشكالات، موضوع آلية اتخاذ القرار، نحن سنتعامل بإيجابية مع هذه الحلول، مع بعض الحلول المطروحة، وبعضها معقول ومناسب، وندعو إلى التعاطي الإيجابي من قبل القوى المشاركة في الحكومة لتجاوز هذه المشكلة».
وشدد على أهمية مواصلة الحوار مع تيار «المستقبل»، «والذي نرى أنه أوصل إلى نتائج جيدة وإيجابية حتى الآن ضمن سقف التوقعات منذ البداية».
وأكد نصرالله أن «من يرد أن يقرر مصير لبنان يجب أن يكون حاضراً في مصير المنطقة، واليوم مصير دول المنطقة يُصنع في المنطقة، بل أكثر من ذلك، مصير العالم الآن يُصنع في المنطقة».
وشدد على ان التيار التكفيري «وعنوانه داعش بات يشكل تهديداً لأمن المنطقة ولأمن العالم.. يوجد إسرائيل فقط التي لا تعتبره خطراً ولا تهديداً.. كل شيء يخدم قوة إسرائيل وهيمنة إسرائيل على المنطقة، كل شيء يخدم قوة وهيمنة أميركا على المنطقة تفعله داعش، ويفعله التيار التكفيري». ودعا «أمام هذا الخطر الذي يتهدد الجميع، شعوب وحكومات المنطقة إلى العمل سوياً في مواجهة هذا التهديد الإرهابي التكفيري الخطير والكبير».
ودعا الى «اعتبار أن المواجهة الفكرية والسياسية والإعلامية والميدانية مع هذا التيار التكفيري هي دفاع عن الإسلام». واذ توجه الى داعمي التكفيريين بالقول إن «اللعبة انتهت»، شدد على ان «داعش» و «النصرة» هما في الحقيقة تيار واحد.
وطالب بوضع الخلافات بين الحكومات جانباً، ضارباً المثل اللبناني عبر مطالبة بعض دول الخليج برفع «الفيتو بالموضوع الرئاسي». وأضاف «لا يخافنّ أحد من قصة أنه أذا انتهى الوضع في سوريا إلى تسوية، ستعود الإدارة السورية والوصاية السورية، هذا بات من الماضي، وأنتم تعرفون كل ظروف هذا الماضي، أنتم ادرى منا فيه. لا داعي لنضع هذا النوع من المخاوف أمام أخطار حقيقية وجدية تتهدد الجميع». ودعا «الحكومة اللبنانية إلى التنسيق مع الحكومة السورية في ملف اللاجئين أو المهجرين وفي الملف الأمني. اليوم الخطر أكبر بكثير من كل الحسابات الحزبية والمذهبية والطائفية، ونحن أيضاً ندعو إلى نظرة شاملة على هذا الصعيد».

السابق
نواب إيرانيون يضعون أقنعة واقية في البرلمان
التالي
«حزب الله» يطوي خطاب البيال ويمضي..

تابعوا اهم اخبارنا على تطبيق الوتساب

يقدّم موقع جنوبية مواضيع خاصّة وحصرية، تتضمن صوراً ووثائق وأخباراً من مصادر موثوقة ومتنوّعة تتراوح بين السياسة والمجتمع والاقتصاد والأمن والفن والترفيه والثقافة.

مجموعة جنوبية على الوتساب