ربط الجنوب بالجولان.. حماية للبنان أم جنون؟

منذ استهداف “حزب الله” في القنيطرة وردّ الأخير في مزارع شبعا لم يعد لبنان بمنأى عن التهديدات الاسرائيلية، في وقت تبذل فيه الأجهزة الأمنية الشرعية جهودًا لحماية لبنان على طول حدوده الشرقية المهددة بالإرهاب. ورغم وجود الحزب أيضاً في مناطق القلمون وجرودها فإن ذلك لم يبعد الخطر، ولم يقضِ على الارهابيين، ولا تزال الحال غير مستقرّة.

“ربط الجولان بالجنوب جنون” صرخة جديدة وجّهها الرئيس سعد الحريري بوجه “حزب الله”، إدراكاً منه بأن لبنان لم يعد يحتمل ردود الفعل، وجاءت بمثابة الردّ على خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله الذي قال فيه ان “قواعد الاشتباك لم تعد تعنينا ومن حقنا مواجهة العدو”، في وقت يواصل فيه الحزب قيادته للمعارك في جنوب سوريا حيث المثلث الذي يربط بين درعا ودمشق والقنيطرة، فهل ربط الجولان بالجنوب حماية للبنان كما يدعي حزب الله أم هو فعلاً جنون يهدد لبنان؟

حماية للبنان
لا شك أن لـ”حزب الله” رؤيته العسكرية لحماية نفسه لكن العقدة تتعلق بحال لبنان أمام خطط الحزب الاستراتيجية، فالعميد المتقاعد أمين حطيط يعتبر أن “توسيع الجبهة والضغط على اسرائيل يجبرها على تشتيت قواها، وبالتالي يخفّف ضغطاً على لبنان، وبحسب المنطق العسكري من الجنون ألاّ نوسع الجبهة، لأن ربط الجبهتين يخدم لبنان وأمنه ويدفع اسرائيل إلى العمل على أكثر من محور”. وبناء على هذه الرؤية فإن “من يريد أن يقاتل اسرائيل ويؤثّر عليها فإن توسيع الجبهة وتشتيت الجهود الاسرائيلية تخدم أهدافه العسكرية، أما الذي لا يريد ان يقاتل اسرائيل ويريد أن يريحها فانه يرى في كل توسيع للجبهة جنوناً”.

خطر على لبنان
لكن العميد المتقاعد خليل الحلو يذكّر بأن هناك “حدوداً دولية بيننا وبين سوريا، ونحن مسؤولون عن أرضنا وليس عن الأرض السورية أو ما يجري هناك، بل نتعاطف مع ما يجري هناك، لكن من دون أن نتدخل، فلبنان لا يحتمل أن يهتمّ بقضيته وبالقضيتين السورية والفلسطينية”. لهذا يعتبر الحلو أن الحريري على حق، فالمنطق العسكري يبيّن أنه “عندما يصبح الجولان والجنوب جبهة واحدة، فإن الرد الاسرائيلي على اي عملية من الجولان قد تكون على لبنان”. ويشدّد على الوضع القانوني بين لبنان واسرائيل “هناك اتفاقية هدنة وقررات دولية كالـ 1701 الذي اعترف به حزب الله”، متسائلاً: “لماذا فتح جبهة ثانية؟ ونعرّض أنفسنا لرد لا نستطيع أن نتحمله، فنحن نكاد لا نقدر على مخاطر السلسلة الشرقية وما يجري في الداخل السوري”.
لماذا لم يهدد النظام السوري اسرائيل قبل الأزمة، ولماذا لم يربط “حزب الله” الجبهتين عندما كان النظام مرتاحاً (40 سنة والجبهة هادئة)؟ يجيب حطيط: “كانت سوريا تحترم اتفاقية فض الاشتباك التي وقّعت بعد اختلال التوازن الاستراتيجي وخروج مصر من المعادلة واتجاهها الى السلام مع اسرائيل عام 1974، عندما اوقفت اطلاق نار من جانب واحد من دون تنسيق وقرّرت الذهاب الى كامب ديفيد، فكانت الاتفاقية ضرورية للامن السوري وقراراً استراتيجياً في محله، اما اليوم فتغيرت الظروف وحصل أمران كبيران. الأول: أصبحت قدرات سوريا منتظمة بوجود محور المقاومة القادر على تلبية الكثير من احتياجاتها، والثاني: قيام اسرائيل بخرق اتفاقية فض الاشتباك، فاغتنمت سوريا الفرصة وتقدّمت”.

معارضة معتدلة أم عملاء؟
لم يصل “حزب الله” إلى الشريط الحدودي. وكي يكون تهديده مباشراً مع اسرائيل عليه اجتياز مواقع قوات المعارضة السورية المدعومة من أميركا، لكن حطيط يسأل: “أين المعارضة؟ فهناك عملاء لاسرائيل تماماً كجيش لحد في لبنان، ولا يحتاج “حزب الله” إلى وقت لاجتياز هؤلاء ومجرد قتالهم يعني مقاتلة اسرائيل، لان القرار في الجولان اسرائيلي”. فيما الحلو لم يسمع وصف المعارضة هناك بـ”العملاء” سوى من “حزب الله” وايران، ويوضح: “معروف ان هؤلاء جزء من الجيش الحر، وتم تدريبهم علنا وليس سرًّا في الاردن، اما جبهة النصرة فترتبط بالقاعدة عقائدياً ودينياً فأين اسرائيل من هؤلاء؟ هذا حكي بلا طعم وهو للاستخدام المحلي وشدّ العصب وإبراز وجود الحزب”.

حطيط سمع الرأي الاخر بأن ربط الجبهتين يهدد لبنان، لكنه يسأل: “هل علينا أن نسمع إلى كل من تحدث بالموضوع الاستراتيجي والعسكري؟ هناك منطق وقواعد علمية تحكم السلوكيات العسكرية والاستراتجية، وانا اتحدث عِلماً وليس سياسة، إن توسيع الجبهة يخفّف عن لبنان، واليوم عندما نجبر اسرائيل على اخذ تدابير لمواجهة المقاومة على 152 كلم، يختلف عن تدابير على 40 إلى 70 كلم في لبنان”.
أما الحلو فيدرك تماماً ما هو المنطق العسكري وما هو ميزان القوى بين الطرفين، ويعتبر أن “أن مشكلة الحزب أنه جهّز نفسه لحرب مع اسرائيل، تكون قصيرة المدى ويأخذ عادة المبادرة فيها ويشعلها ويخمدها، لكنه ليس مستعدًّا لحرب استنزاف يخوضها ثلاث سنوات أو أكثر، ولو كنا نحن قادرون على احتلال اسرائيل لقمنا بذلك غداً… لا نريد أن نضحك على بعضنا، فهناك ميزان قوى مختلف تماماً وليس لصالحنا، فنحن نستطيع أن نزعج اسرائيل باطلاق الصواريخ فقط”.

(النهار)

السابق
عدم تلقيها هدية في عيد الحب جعلها تنتحر
التالي
نصرالله في «بيت القصيد»: تعالوا إلى طاولة الكبار