في الذكرى الثلاثين لتحرير صيدا: ماذا تبقّى من الحلم؟

بعد 30 عاماً على تحرير صيدا، ماذا تبقى من الحسّ الوطني ولماذا أصبحت المدينة رهينة المذهبية والطائفية؟

في مثل هذا اليوم قبل ثلاثين عاماً تحررت صيدا من الاحتلال الاسرائيلي بعد تجربة فريدة من المقاومة، مقاومة وطنية متنوعة شارك فيها جميع الوان الطيف السياسي. لم تكن صيدا لأهلها،كما رفع بعضهم ذلك شعاراً له. بل كانت نموزجاً عن الوطن –الحلم، فيها قاتل وقتل ابن عيتا الشعب فضل سرور وابن  عيترون عمار قوصان، وفيها ناضل وخطف ابن طرابلس ياسر البخاري.

صيدا لن تنتصر بالفعل المقاوم فحسب، بل عامل انتصارها الاساس كان وحدة موقفها السياسي للاحتلال، والذي تجمعت تحته فعاليات المدينة وقواها الحية. وعلى طريق تحريرها، كنا نحلم بوطن واحد موحد متنوع يسع الجميع، نحلم بوطن ديموقراطي  يجد فيه كل واحد منا موقعا له. كنا نحلم ونحن على طريق التحرير بنظام سياسي يساوي بين المواطنين فعلاً حقوقا وواجبات.

لكن، قبل التحرير بـ25 يوما انفجر اول لغم في وجه احلامنا، بعد تقاطع مصالح اقليمية ومحلية بشطب مصطفى سعد.وبعد التحرير بشهر انفجر لغم آخر ادى الى نزوح مسيحيي شرق صيدا ليحدث فجوة جديدة بين مكونات الوطن، ويدق مسماراً في نعش احلامنا، لقد تحولت الانظارعن العدو الاساس اسرائيل لتصير ضفتي القتال بين مسلمي صيدا ومسيحيي شرقها.

بعدها بأشهر دق مسمار آخر في النعش باندلاع حرب المخيمات،وانبعث من جديد الوحش المذهبي من داخل ابناء الطوائف، وبدأ من جديد في صيدا الحديث عن سني هنا وشيعي هناك.

لم تعد الهوية التي اكتسبناها بفعل التحرير، هوية الوطن الواحد المتنوع هي الهوية الاساس، بل عادت الهويات الفرعية الى البروز، ودفعت بهوية الوطن الى الخلف.

المقاومة التي تمثلت بالاصرار على هوية الوطن الديموقراطي لم تصمد طويلاً بدأت بالتراجع بعد عام 1992، وبدأ هذا الموقع الوطني الاستثنائي بالضمور، وبدأت صيدا رحلتها للعودة الى بيت الطاعة المذهبي.

بعد ثلاثين عاماً من التحرير، لم يبق من احلامنا سوى نحن اصحاب الحلم الذي لم يتحقق، لكننا الاستثناء الذي يؤكد قاعدة أن الوطن لا تبنيه طوائف بل شعب واحد.

في الذكرى القادمة للتحرير ماذا سنكتب؟

السابق
في زواريب المخيم.. حكايات يجب أن تنتهي
التالي
محبّو نصرالله يطلقون الرصاص ويتجاهلون رجاءه؟