سلام بعد عام على حكومته: أنا أتعذب.. الحريري العائد: المستقبل .. للحوار

كتبت”السفير” تقول: لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثامن والستين بعد المئتين على التوالي.
بعد الخطاب “المتعدد الوظائف” الذي ألقاه الرئيس سعد الحريري في “البيال” لمناسبة الذكرى العاشرة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، يطل اليوم الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله خطيباً في مناسبة إحياء ذكرى القادة الشهداء للمقاومة، حيث يُرجح أن يبدأ من حيث توقف في خطاب عملية مزارع شبعا.

وبدل أن تتكامل الدماء التي سقطت، على الضفتين، يبدو أن هناك من لا يزال يصر على وضعها في مواجهة بعضها البعض، من دون أن تنجح جلسات الحوار بين “حزب الله” و “تيار المستقبل”، حتى الآن، في ترميم أزمة الثقة التي لا تزال تنعكس على الادبيات السياسية والاعلامية.

وإذا كان طرفا الحوار قد استغرقا وقتا طويلا في مناقشة بند تنفيس الاحتقان المذهبي، واتخاذ الاجراءات اللازمة لتخفيف حدته، من قبيل القرار بإزالة الشعارات والصور والأعلام الحزبية.. فقد أتى خطاب “البيال” ليطرح تساؤلات حول جدوى نزع العلامات الحزبية المستفزة، ما دامت الأدبيات المستفزة لا تزال رائجة مخلّفة وراءها احتقانا يتجاوز مفعول الشعارات والصور والأعلام!

وفيما يُسجل للحريري أنه حرص على إحياء الذكرى العاشرة لاستشهاد والده بين جمهوره ومحبيه في بيروت برغم المخاطر الامنية، وانه اتخذ مواقف حازمة ضد التطرف والارهاب، وظل متمسكا بمواصلة الحوار مع “حزب الله”.. إلا انه يؤخذ عليه عدم مراعاته ضرورات حماية هذا الحوار، من خلال المساهمة في إنتاج بيئة حاضنة له، لا محرضة على أحد طرفيه، كما ظهر في بعض جمل الخطاب التي انطوت على الشيء ونقيضه، بعدما حاول الحريري ان يجمع فيها بين مقتضيات الوفاء للملك السعودي الجديد سلمان، واستقطاب جمهور “تيار المستقبل”، ومتابعة الحوار مع “حزب الله”.

لكن، برغم النبرة العالية لكلمة الحريري، إلا انه يُتوقع ان يُستأنف الحوار بين “حزب الله” و “تيار المستقبل” في عين التينة، في منتصف هذا الاسبوع، لمتابعة النقاش من حيث كان قد توقف قبل خطاب “البيال”، الذي يعتقد الكثيرون ان مفاعيله السلبية حوصرت في الزمان والمكان، ليبقى منه ما هو عملي وواقعي: المستقبل، بالمعنيين الزمني والسياسي، للحوار.

جنبلاط “يقاطع”
وقال النائب وليد جنبلاط لـ “السفير” ان أهم ما في كلمة الحريري تأكيده المضي في الحوار مع “حزب الله”، رافضا التعليق على الانتقادات التي وجهها الحريري الى الحزب.
وأضاف جنبلاط الذي لم يوفد أي ممثل عنه الى احتفال “البيال”: المهم ان يستمر “تيار المستقبل” و “حزب الله” في الحوار، لمعالجة الامور التي من الممكن معالجتها.
وشدد على ضرورة اعتماد سياسة واقعية في هذه المرحلة، “بحيث نقارب المسائل التي هي بمتناولنا من الحوض الرابع الى الخطة الامنية في البقاع وتنفيس الاحتقان مرورا ببناء السدود لحماية الخيرات بعد الأمطار الكثيفة هذه السنة، أما السياسة العليا فليست عندنا”.

“8 آذار” تنتقد
وفيما رفض الرئيس نبيه بري التعليق على خطاب الحريري، قالت مصادر قيادية في “8 آذار” لـ “السفير” ان هذا الخطاب لا يوحي انه يأتي في زمن الحوار، مشيرة الى ان الحريري أراد من خلال كلامه أن يحقق هدفين: الاول، شد عصب جمهوره ودغدغة عواطفه في أول لقاء مباشر بينهما منذ مدة طويلة، والثاني تأكيد الوفاء والولاء للقيادة السعودية الجديدة.

ولاحظت المصادر ان الحريري كان يعبّر عن الموقف السعودي المنزعج من مسار التطورات في المنطقة، وتساءلت: إذا كان الحريري يعتبر ان “حزب الله” يتدخل في ما لا يعنيه في اليمن والعراق وسوريا والبحرين، فكيف يعطي لنفسه الحق في إطلاق مواقف حادة حيال ما يجري في تلك الدول، وكيف يبرر لنفسه هذا التدخل الذي يرفضه للآخرين؟ وإذا كان يتهم الحزب بزج لبنان في محور ضد آخر، فبأي حق يزج هو لبنان في محور الرياض ويحمّله وزر الخيارات السعودية؟

واعتبرت المصادر انه كان من الأفضل لو ان الحريري تناول النتائج الإيجابية للحوار حتى الآن، من قبيل نزع الصور والشعارات وتنفيذ الخطة الامنية في البقاع، بدل التركيز على مبررات الخوض فيه، مشيرة الى انه كان ملاحظا ان الحريري كرر في كلمته أدبياته المعروفة حيال “حزب الله” وسوريا وإيران، في حين انه كان أمام فرصة للبناء على الحوار وإطلاق طروحات جديدة.

الحريري مع الحوار وضد “حزب الله”
وكان الحريري قد أكد في خطابه أنه لن يعترف لـ “حزب الله” بأي حقوق تتقدم على حق الدولة في قرارات السلم والحرب، وتجعل من لبنان ساحة أمنية وعسكرية، “يسخّرون من خلالها إمكانات الدولة وأرواح اللبنانيين لإنقاذ النظام السوري وحماية المصالح الإيرانية”.

وأضاف: أما ربط النزاع، فهو دعوة صريحة وصادقة لمنع انفجار النزاع. المهم بالنسبة لنا هو رفض الانجرار وراء الغرائز المذهبية، والامتناع عن تحكيم الشارع في الخلافات السياسية.

وشدد على أن الحوار مع الحزب هو حاجة وضرورة في هذه المرحلة، معربا عن اعتقاده أن فوائده حتى الآن مناسبة لتأكيد مواصلة هذا المسار. إلا انه اعتبر ان تدخل “حزب الله” في الحرب السورية جنون وربط الجولان بالجنوب جنون أيضا، مطالبا إياه بالانسحاب من سوريا والتوقف عن سياسات التفرد.

سلام: لا يمكنالقبول باستمرار التعطيل
في هذه الأثناء، ومع مرور عام تقريبا على تشكيل حكومة المصلحة الوطنية، يشعر الرئيس تمام سلام بأنه بات “محاصرا”، فلا هو يستطيع تفعيل عمل الحكومة بطريقة تجعلها أكثر إنتاجية، ولا هو يستطيع مغادرتها لأنه يعرف جيدا ان استقالته تقود الى المجهول ـــ المعلوم، ما يضطره الى التعايش مع الواقع بأقل الخسائر الممكنة، وهي المعادلة التي اختصرها بالقول لـ “السفير”: أنا أتعذب..

وأكد سلام ان جلسات مجلس الوزراء معلقة حتى يتم إيجاد آلية عمل منتجة، بعدما جرى استخدام قاعدة التوافق للتعطيل، موضحا ان “هناك صيغة نتداول بها ما زالت غير واضحة، وإقرارها يحتاج الى مرونة من الجميع، لكن لا يمكن ان نستمر على هذه الحال من التعطيل”.

واعتبر ان هناك تقصيراً من الحكومة على مستوى تحقيق الانسجام ومعالجة الملفات الكبيرة، لافتا الانتباه الى ان “مسؤوليتي هي عدم ترك الأمور للوصول الى حد الانهيار، وبقدر ما يسمح لي الظرف بالمعالجة، لكن عندما أعجز أرفع الصوت وهذا ما هو حاصل اليوم، وآمل من الجميع ان يتجاوبوا”.

وأشار الى انه نتيجة الظروف الاقليمية والدولية المعروفة يظهر ان هناك تخلياً دولياً عن مساعدتنا بإنجاز الاستحقاق الرئاسي، “لذلك أرى انه في ظل الصراع بين فريقي “8 و14 آذار”، نحتاج رئيسا وسطيا للجمهورية لا من هذا الفريق ولا من ذاك، وهناك أسماء عديدة محايدة يمكن التداول بها تساعد في عبور هذه المرحلة الصعبة”.

السابق
معادلة الذكرى العاشرة: الحريري يُحاور متشدّدا سلام : حكومتي تُدير الشغور الرئاسي
التالي
ماذا تعرف عن الفنان غسان مطر؟