سري جداً إلى دولة الشهيد..

رفيق الحريري
رحل الشهيد رفيق الحريري وتغير مع رحيله البلد. توقفت الحياة ولم يعد هناك شيء يصلح في البلد. في ذكرى العاشرة لرحيل الحريري هنا نص عاطفي من قلب مواطن الى قلب رئيس الحكومة الراحل.

عذراً منك ومعذرة فما سأقوله في الذكرى العاشرة لإستشهادك سيكون تماماً عكس ما أردت أن تسمعه أوتمنيت لوحييت، سأكتب لك الآن ما أشاء، ولهم الحق في الرد والرعد والتهديد كيفما يشاؤون.

لقد وضع الكثير ممن تركتهم على وجوههم مساحيق النساء، لبسوا زيهن وتمددوا، بعضهم إرتضى السباب وإكتفى أحسنهم ولا أدري بالعويل أوبالصراخ، ومن بقي منهم أحل الحوار مع من قال عنك أنك من أحفاد صهيون وعميل الأمريكان.

لم يبق يا دولة الرئيس في البلد إلا من هم أكبر منها. الزعيم أكبر منها. الحزب أكبر منها. الرؤساء أكبر منها. النواب كلهم أكبر منها. كل وزير فيها جمهورية بحاله. الكثير من مراكز الدولة ومؤسساتها أمست رهينة بيد من إعتبروا أنفسهم عليها أوصياء وهي لم تألوا لأحد سواهم. نحن بالفطرة معتادين على الوراثة، كل شيء ورثناه وراثة، الحكم بالوراثة، الطاعة بالوراثة، التبعية للغير وراثة حتى المذاهب والعادات وارثينها وراثة حتى التاريخ وراثة وسنوّرثه أيضاً وراثة.

رفيق الحريريالبلد يا أبوبهاء واقف والشغل واقف وآخر همهم. الديمقراطية واقفة، تداول السلطة ومشاركة الشعب بإختيار من يمثلهم في السلطة واقفة على رغم من محاولاتك ترسيخها إلا أنها وللأسف لم تتحقق. مجلس النواب مدد لنفسه، الحشيش نبت على كرسي الرئاسة، والدولة ماشية لوحدها. البلد صار  كله مرتبط  بوصاية الأمين العام عليه ولا دخل به لا لرؤساء ولا لمؤسسات ولا لشعب هوالراعي وهو بالوكالة مسؤول عن رعيته.

والعقل لم يعد موجوداً وأصبحنا مضطرين لأن نصدق نصف ما نسمع وكل ما نرى ونشاهد. فحضرات السادة معتادين على تلك الطقوس فهي من أهم وأول دروس حكمهم.

عشر سنوات يا دولة الشهيد كانت كفيلة للعودة بنا إلى ماقبل العام 1943 وقد تكون كفيلة بعودتنا إلى ما قبل ذاك العام أي إلى 1920 يعني إلى عهد المتصرفيات، إلى حكم الفرق والمذاهب، إلى عهد رجال الدين، إلى عهد البطاركة والمشايخ إلى عصر الفتوات والعائلات.

زمانك بالتأكيد لم يعد زماننا ولكن ذكراك هي الوحيدة الباقية، والأمل كان قد تعلق في المحكمة وحكمها ، أطال الله بعمرها، أقلها  كي لاننسى أن هنالك جلاد أصدر حكم  ذهبت أنت والبلد  ضحيته.

رفيق الحريريأهل الشر يا أشرف الناس (ولا نزكي على الله أحد) قد ظهرت قوتهم وكثرت أفعالهم منذ زمن وليس لهم بعد الزيادة  إلا الإنحطاط والنقصان ولكن دولة أهل الخير لم تبدأ بعد ويلزمها  لكي تقوم حكماء فقدناهم وفضلاء بالأمس خسرناهم ومن هم  بالحكم قائمون لا يجتمعون ولا يتفقون ولا هم عقدوا العهد والميثاق على أن لا يتناحروا ولا يتجادلوا ولا هم أقسموا على أن لا يتقاعدوا عن نصرة بعضهم بعضاً ولم يكونوا ولا كانوا ولن يكونوا على ما نرى كالجسد الواحد لكن حسبنا في قول الله تعالى  “وتلك الأيام نداولها بين الناس” ففيها عبرة ولكن أكثرهم لا يعقلون.

أما صحبك ومن تركتهم ومن لف لفهم فعلى ما يبدوهم لم يجدوا حيلة أنجع ولا شيئ أنفع من الدعاء وتقديم القرابين خوفاً من المناحس وطمعاً برضاها، يرجون التخلص من تسلطها. في ذكرى احياء رحيلك زاد بكاءهم لحناً  والبخور أضفى عليها ورع وقرع الأجراس أضاف إليها إيقاعاً وصيحات التكبير رهباً  فهم بالأصل أحيوا ذكراك فقط ليكسبوا النفس فعل الندامة على سالف الذنوب.

في الختام لا يسعنا إلا أن نستودع لبنان ونستودعك يا دولة الرئيس الطيب ونقول يا بلاد ما فيها إلا العجب يا معربة شعر وأدب، من كم سنة ونحن نسأل مين قتل ومين تقتل وأنت  لمقتول ونحن لقتلناك بإيدينا ما نحن مدينا إيدينا للغريب وبعضنا عادينا (وأكيد مثل اللي نكتب “لحنبقى مكملين”).

 

بس السؤال المطلوب الإجابة عليه هو: من فينا الظالم ومن منا الجبان؟

 

 

السابق
الحريري ونصرالله: الفراق الأخير
التالي
رولا سعد ترد على تقليدها لمايا دياب.. وهل أساءت للدين الإسلامي؟