خطة البقاع تنطلق.. والزخم مفقود

انطلقت أمس مفاعيل الخطة الأمنية في البقاع وسط تأكيد مصادر أمنية لـ”المستقبل” أنّ هذه الانطلاقة لم تحظَ بالزخم المتوخى من الخطة بعد تحت وطأة العاصفة التي تضرب المنطقة.  وأفادت “المستقبل” أنّ الخطة الأمنية انطلقت في البقاع فجراً بتنفيذ آليات القوى العسكرية والأمنية عمليات انتشار ميداني واسعة عند مداخل بلدتي بريتال وحورتعلا وفي محيطهما. ونقل عن مصدر أمني في المنطقة تأكيده وجود “العشرات من المطلوبين بجرائم مختلفة في البلدتين”، ولفت في المقابل إلى “إقامة حواجز عند كافة المداخل المؤدية إليهما، وحتى في الأراضي الزراعية، منعاً لفرار أي مطلوب”.

وجاءت حصيلة الخطة بحسب “النهار” متواضعة باقتصارها على توقيف عشرة مطلوبين وضبط 18 سيارة مخالفة ولكن من غير ان يعني ذلك تقليل أهمية هذه الخطة من الزاويتين الامنية والسياسية. ذلك ان فقدان عامل المباغتة في ظل التصريحات الرسمية والسياسية للمعنيين المتصلة بالخطة قبل الشروع في تنفيذها ساهم في فرار عدد كبير من المطلوبين بجرائم مختلفة الى بعض قرى منطقة القصير السورية.

ومع ذلك، علمت “النهار” ان عمليات استباقية عدة كان نفذها الجيش اخيراً أدت الى توقيفات طاولت عدداً من المطلوبين البارزين في عمليات تهريب وخطف وجرائم متنوعة وان تلك العمليات شكلت عملياً ترجمة تنفيذية لقرار عسكري – سياسي ايذانا بضبط الوضع الامني في هذه المنطقة التي لوحظ انها لم تعد تشهد في الاسابيع الاخيرة التي سبقت الانطلاقة العلنية للخطة أمس احداثاً وفلتاناً أمنياً كالسابق.

وكانت قيادة الجيش أعلنت أنّ حصيلة اليوم الأول من تنفيذ الخطة أسفرت عن “توقيف 10 أشخاص مطلوبين بعدة وثائق، إضافة إلى ضبط 18 سيارة مسروقة”، موضحةً في بيان أنه “في إطار ترسيخ الأمن والاستقرار في منطقة البقاع، ومكافحة الجرائم المنظمة وملاحقة المشبوهين والمطلوبين الى العدالة، باشرت قوة مشتركة من الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام تنفيذ خطة أمنية واسعة تستمر لعدة أيام، وشملت بتاريخه تنفيذ عمليات دهم وإقامة حواجز ثابتة وظرفية، وتسيير دوريات في مختلف البلدات والقرى في المنطقة المذكورة”.

“السفير”: الخطة.. لا تبدّد المخاوف

من جهتها، رأت “السفير” أن البقاع الشمالي كان أمس، على موعد مؤجل مع خطة أمنية يؤمل ألا تكون موسمية كسابقاتها وألا تقتصر على توقيفات من هنا وهناك، بل أن تواكبها الدولة بكل إداراتها ومؤسساتها، بالحد الأدنى من الإنماء الذي يحميها، خصوصاً أن التحديات التي تواجه البقاع من داخله، كما عبر الحدود الشرقية، يمكن أن تكبر في ظل الأزمة السورية المحتدمة، وما يفيض من نزوح، بوابته الأولى البقاع الذي يستضيف النسبة الأكبر منهم في لبنان (نحو 36 في المئة من مجموع النازحين). وإذا كانت الخطة الأمنية للبقاع هي مطلب أهل المنطقة قبل غيرهم، الا ان السؤال الذي يرافقها دوماً:

-ماذا بعد وهل سيستمر التعامل مع هذه المنطقة بوصفها خارجة على القانون، فتصبح أسيرة دولة مقصّرة تاريخياً من جهة وبضعة لصوص وتجار مخدرات لكل منهم محميته ومرجعيته وراعيه الأمني الرسمي والسياسي من جهة ثانية؟

-اذا كانت الخطة الامنية ملحة، فإن ثمة حاجة لإيجاد حل جذري وسريع لمسألة المذكرات والاستنابات القضائية التي تطال ما يزيد عن 38 الف شخص، بينهم عشرات المشتبه فيهم في قضايا وجرائم خطيرة، فيما غالبيتهم العظمى مطلوبون بمخالفات كهرباء وسير وقضايا غير جرمية.

كتب رامح حمية: خطة البقاع: لا توقيفات «دسمة»

بعد طول انتظار، بدأت الخطة الأمنية في البقاع فجر أمس، وتحديداً من بلدتي بريتال وحورتعلا، كما حدد سابقاً وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق.. وفيما اعلنت قيادة الجيش أن الخطة أدت إلى توقيف 10 مطلوبين بعدة وثائق، وضبط 18 سيارة مسروقة، كان لافتاً عدم تسجيل توقيفات «دسمة» لمطلوبين يؤلفون عصابات سلب وخطف وسرقة. إذ إن «لا مطلوبين في المنازل التي دُهمت» أمس، بعدما «توارى معظمهم عن الأنظار» بحسب مسؤول أمني، أكّد أن «ذلك لن يجدي نفعاً إزاء المخطط الأمني البديل والمدروس» لتوقيف المطلوبين، لافتاً إلى «الاعتماد في الخطة الأمنية على عنصر رصد الاتصالات والتقصّي والمتابعة الحثيثة»، فضلاً عن «تقطيع أوصال المنطقة وتفويت فرص انتقال المطلوبين من مكان إلى آخر، الأمر الذي يسمح بتوقيفهم أينما كانوا».

على مراحل؟

وقالت مصادر امنية لـ”الجمهورية” إنّ المرحلة الأولى من الخطة شملت إثنين من المربّعات الأمنية التي تحدّثَ عنها وزير الداخلية نهاد المشنوق وهما بلدتا بريتال وحورتعلا، فتمّ تطويقهما بإحكام. وحصلَ الإنتشار بعد ساعات على تجهيز القوى الأمنية التي ستتولّى التنفيذ، وتجمّعَت وحدات الجيش في ثكنة الشيخ عبدالله في بعلبك، فيما تجمّعَت وحدات الأمن الداخلي في أبلح قبل ان تقفل العاصفة “يوهان” طريقَ ضهر البيدر. كذلك انطلقَت الوحدات الأخرى من الأمن العام وأمن الدولة من مواقعها الأقرب الى المنطقة.

وقالت مصادر عسكرية لـ”الديار” ان ما حصل هو خطوة اولى في سياق الخطة المقررة للبقاع. واوضح ان عملية الانتشار ستتم تدريجيا وان القوى الامنية المنتشرة ستركز حواجز ثابتة في مناطق واماكن محددة منعا لاي محاولات للاخلال بالامن ومنعا لهروب المطلوبين.

إراحة الجيش

وذكرَت مصادر عسكرية لـ”الجمهورية” أنّ “الجيش موجود في البقاع ويقوم بدوره منذ مدّة، خصوصاً في منطقة عرسال ورأس بعلبك، ويخوض مواجهات ويلاحق الإرهابيين في الجرود، وعصابات التهريب والسرقة والمطلوبين في سهل البقاع”. وأكّدت أنّ “هذه الخطة ستريح الجيش في داخل قرى البقاع ومدنِه ليتفرّغ بدوره للتصدّي للإرهابين على الحدود”. وشدّدت على أنّ “التنسيق بين الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام هو على أكمل وجهه، وأنّ أحد شروط نجاح الخطة في البقاع وفي كلّ لبنان هو التعاون التامّ بين كلّ الأجهزة”.

عداد القوات المشاركة

ورفضَ مرجع أمني الكشفَ عن حجم القوّة وتركيبتِها، وقال لـ”الجمهورية”: “إنّ الحديث عن الأرقام غير مرغوب به في العمليات العسكرية من هذا النوع”. وأضاف: “إنّها خطة أمنية واسعة ولها مقوّماتها الكاملة من عدة وعديدٍ، وتنفّذها وحدات تدركُ أهدافَها، فأمرُ العمليات واضحٌ ودقيق، وقد تمّ “تيويمه” استناداً إلى التغييرات التي عاشَتها المنطقة عقب العمليات العسكرية على الحدود اللبنانية – السورية”. وأكّد المرجع أنّ “منفّذي الخطة لا علاقة لهم بما يجري على الحدود في المواجهات مع مجموعات المسلحين والإرهابيين، لكنّ وجودهم في المنطقة سيكون في أيّ لحظة سنَداً لرفاقِهم على الحدود”.

صدقيّة مثلّثة الأضلاع

في هذا الوقت، قالت مصادر بارزة في قوى “14 آذار” لـ”الجمهورية” إنّ انطلاق الخطة الأمنية في البقاع يعطي صدقيّة سياسية مثلّثة الأضلاع:

-صدقية للحوار بين تيار”المستقبل” و”حزب الله”، حيث أظهرَت هذه الخطوة وما سبقَها من نزعٍ للشعارات أنّ الحوار بدأ يحقّق نتائج عملية ويسير في خطى ثابتة، وأن لا عودة إلى الوراء، وأنّه يمكن الرهان على هذا التوجّه من أجل تحقيق مزيد من الاختراقات في أكثر من ملف وعلى شتّى المستويات.

-صدقية لوزير الداخلية نهاد المشنوق الذي اتّهمه بعض المغالين بأنّه يطبّق خطواته على السُنّة فقط، فجاءت خطة البقاع لتؤكّد أنّ هذا الكلام غير صحيح، وأنّ الأمور مرهونة بأوقاتها، وأن لا صيف وشتاء تحت سقف واحد. فبَعد طرابلس ورومية ونزع الشعارات نجحَ المشنوق في التوجّه نحو البقاع لاستكمال الخطة الرامية إلى ضبط الاستقرار، فظهرَ أنّه على مسافة واحدة من الجميع.

-صدقية للتوجّه الذي انطلقَ مع تأليف الحكومة واستُكمِل مع الحوار، والذي أثبتَ مجدّداً أنّ لبنان لا يُحكم إلّا بالتوافق السياسي.

السابق
اتفاقية تعاون بين اليابان ومستشفى صيدا الحكومي
التالي
غمرة عالسريع ما بتنفع… مش حلوي السرعة بعيد الحب