ارتياح لبناني إلى التحوّل في سياسة أوروبا مع دول الجوار الجنوبي في ملف الأمن والإرهاب  

لم يقتصر ما حققته الديبلوماسية اللبنانية في عاصمة الاتحاد الاوروبي، على ما أعلن من مساعدات وتعاون مشترك، في الاجتماع الرسمي الذي عقد في مجلس الشركة اللبناني – الاوروبي، او مع الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية الأوروبية فيديريكا موغوريني ومفوض شؤون سياسة الجوار يوهانس هان، بل يتعداه الى تلك التي عقدت بعيداً من الاعلام، بين وزير الخارجية جبران باسيل والمسؤولين المختصين بملف الأمن ومكافحة الارهاب في الاتحاد الاوروبي سواء مع منسق شؤون الارهاب جيل دو كاركوف،او مع لجنة السياسة والأمن في البرلمان الاوروبي.

فإلى المحادثات العلنية التي شارك في جانب منها وزير الاقتصاد والتجارة ألان حكيم، ووزير الطاقة والمياه أرتور نظريان قبل ان يقطع زيارته عائدا الى لبنان بسبب وفاة والده، والتي سجّلت تقدما في وضع برنامج تعاون اقتصادي، خاض باسيل في حوار حول برامج مساعدات للأجهزة الامنية في مجال مكافحة الارهاب، ويندرج في هذا السياق توجه الى عقد اجتماع للأجهزة الأمنية اللبنانية في وزارة الخارجية، للاطلاع على ما تحتاج اليه، قبل الوصول الى ورشة العمل المقرر إقامتها مع الاتحاد الاوروبي في وزارة الخارجية حول مكافحة الارهاب في ٢٣ من الشهر الجاري.
وعلم في هذا الإطار، ان الدعم الذي تبنّاه الاتحاد الاوروبي في هذا الملف لن يقتصر على الموقف، بل سيترجم بخطة مساعدات مادية وتقنية للجيش والأجهزة الامنية اللبنانية. ووفق باسيل ان لدى الاتحاد الاوروبي آلية لمكافحة الإرهاب، والمسؤولون فيه اظهروا إدراكا لما سمعوه منه عن أهمية موقع لبنان كقاعدة لمحاربة الارهاب.
ويأتي في هذا السياق ، الإعلان من بروكسيل عن اتجاه الخارجية اللبنانية الى عقد اجتماع إقليمي – أوروبي يجمع دول اوروبا مع دول جوارها الجنوبي في الربيع المقبل.
وأبلغ وزير الخارجية اللبناني أن الاستراتيجية الشاملة التي أقرتها اوروبا لمكافحة الارهاب، والتي تقرر تخصيص مليار أورو لتمويل تدابير سياسية اجتماعية وإنسانية في العامين ٢٠١٥ و٢٠١٦ للدول التي تواجه تهديد وخطر “داعش”، سيكون للبنان حصة منها.
والملف الثاني الذي حاز اهتماماً مماثلاً هو مشكلة النزوح السوري، وقد شرحها بالتفاصيل باسيل وحكيم، بعدما فاق عدد النازحين المليون ونصف المليون، وباتت هذه المشكلة تتخطى قدرة لبنان على استيعاب تداعياتها.
وأشار باسيل الى ان مخيمات النازحين تفتح باباً في غالب الأحيان لخروق امنية، يدخل ويخرج منه الإرهابيون. وفي موازاة ذلك، فإن عمالة النازحين تؤدي الى بطالة لدى اللبنانيين وتأخذ من أمامهم فرص العمل، وتدفع بالشباب اللبناني الى مغادرة لبنان، الامر الذي يفرغ البلد من اهله ويجعل منه ساحة فوضى وبيئة سهلة للإرهاب.
ومن جهته، عرض حكيم المشكلة، من خلال ارتفاع نسبة الولادات السورية في لبنان وتجاوزها الولادات اللبنانية، مما يشكل خطرا داهما على لبنان واقتصاده وبنيته الاجتماعية. واشار الى احصاء يبيّن ان ٣٥ الف ولادة نتجت من حالات اغتصاب تمت في سوريا، وهؤلاء سيعيشون بمشاكل اجتماعية تمتد لجيل مقبل.
ولم يغب ملف الشغور الرئاسي عن المحادثات اللبنانية – الأوروبية، وأكد باسيل في هذا الاطار ان المهم ان يكون انتخاب رئيس الجمهورية مدخلاً للاستقرار في لبنان، وأن يؤدي الى وجود قيادة سياسية قادرة وفاعلة لإقفال البلد أمام الارهاب، ولذلك يجب ان تكون المساعدة للبنانيين بتركهم يقرّرون بأنفسهم، وليس بفرض الحل عليهم من الخارج.
وفي رأيه ان ثمة تحوُلاً كبيراً في السياسة الخارجية الأوروبية حيال المنطقة في موضوع الارهاب، ولبنان سيكون النموذج الحيّ في هذا التحول، من خلال خطة ستكون ابعد من الدعم السياسي والمادي في محاربة الارهاب، وفيها سيعيد لبنان صياغة السياسة مع الجوار الجنوبي لأوروبا. وقد عبر عن هذا التحوٰل بوضوح البيان الذي صدر عن الاتحاد الأوروبي بعد اجتماع المجلس المشترك الاوروبي – اللبناني، وفيه أن “الاتحاد يركز على اهمية غنى المجتمع السياسي اللبناني وحيوية مجتمعه المدني ويؤكد ضرورة دعم هذا النموذج خدمة لمستقبل المنطقة”.

(النهار)

السابق
فضيحة الهدر الجمركي: مليار دولار سنوياً للمنتفعين
التالي
آلية القرار الحكومي أمام اختبار التعديل.. «المستقبل» تُخرج الضاهر