الجمهورية: ترقُّب كلمة الحريري في 14 و«حزب الله»: مؤشرات لإنجاز الإستحقاق الرئاسي

الأنظار اعتباراً من مطلع الأسبوع المقبل ستتوجّه إلى “البيال” التي يطلّ منها الرئيس سعد الحريري يوم السبت في 14 شباط 2015 بمناسبة إحياء الذكرى العاشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، وفيما الظروف الأمنية لا تسمح بتأكيد أو نفي مشاركته شخصياً، إلّا أنّ عودته المفاجئة في آب الماضي التي حصَلت على أثر الهبة السعودية للجيش اللبناني جعلت حضورَه محتمَلاً، خصوصاً أنّ للمناسبة هذا العام أبعاداً مختلفة.

تختلف الذكرى العاشرة عمّا سبقها من محطات في الشكل والمضمون. ففي الشكل هي بكل بساطة المحطة العاشرة، الأمر الذي يجعل رمزيتها واضحة، كونها تشكّل عقداً من الزمن على جريمة العصر التي أدخلت لبنان في مرحلة سياسية جديدة ونشأ بموجبها ميزان قوى جديد.
وأمّا في المضمون فأهمّيتها تكمن في الآتي:
أوّلاً، كلام الحريري يأتي بعد انطلاق الحوار بين “المستقبل” و”حزب الله”، والذي كانت أولى ترجماته العملية نزع الشعارات الحزبية والدينية، وهذه المرة الأولى منذ حوار العام 2006 التي يُنفّذ فيها ما يتمّ التوافق حوله.
ولكن ما يميّز الإطلالة المنتظرة عن الحوار هو أنّها ستتطرّق لكل الملفات الخلافية التي تمّ تغييبها عن هذا الحوار، من المحكمة الدولية إلى قتال الحزب في سوريا وصولاً إلى الالتزام بالقرارات الدولية وفي طليعتها القرار 1701، وعلاقات لبنان العربية.
وعلى رغم ما تتطلّبه المناسبة من شدّ عصَب ووضوح في الموقف، ولكن من غير المتوقع أن تنعكس على المسار الحواري الذي انطلق أساساً بمبادرة من الرئيس الحريري، وهو الأحرص على استمراره تخفيفاً للتشنّج المذهبي، بل سيؤكّد الحريري على تمسّكه بهذا الحوار، على غرار “حزب الله”.
ثانياً، صعود التطرّف السنّي في العالمين العربي والغربي والحاجة إلى أصوات قيادية معتدلة تطَمئن الشارع الغربي من الإسلاموفوبيا والشارع العربي من رجاحة كفّة الاعتدال، يجعل من إطلالة الحريري حاجةً ماسّة في هذه اللحظة بالذات.
ثالثاً، الفراغ الرئاسي الذي ينعكس سلباً على انتظام عمل المؤسسات، كما على الدور المسيحي في ظلّ المخاوف المسيحية المتصلة بما شهدَته السنة المنصرمة من ظلاميّة بحقّ المسيحيين المشرقيّين، سيكون في صلب كلام الحريري الذي سيجدد موقفه من ضرورة انتخاب رئيس جديد، وحِرصه على الحضور المسيحي المشرقي.
رابعاً، التصدّي للإرهاب على الحدود وفي الداخل ودعم الجيش اللبناني ومتابعة الهبة السعودية ستكون في صميم خطاب الحريري الذي جازفَ بأمنِه في الصيف الماضي من أجل التأكيد على أولوية مواجهة الإرهاب حفاظاً على الاستقرار في لبنان.
خامساً، إعطاء جرعة دعم للحكومة التي يشكّل التوافق داخلها المظلّة الوطنية لحماية الاستقرار ومَنح الجيش الضوء الأخضر للقيام بمهامّه ومسؤولياته.
سادساً، التأكيد على انتساب لبنان إلى الشرعيتين العربية والدولية، والحرص على عدم تعريض علاقات لبنان مع أيّ دولة عربية أو غربية.
فمناسبة 14 شباط ستشكّل بهذا المعنى محطة مفصلية على أكثر من صعيد ومستوى، ولعلّ أبرزها أنّها رافعةٌ للاعتدال في لبنان والخارج، ودعوةٌ إلى السلام اللبناني.

وفي هذه الأجواء، زار وفد من “حزب الله” عون في الرابية وأكّد عضو المجلس السياسي في الحزب الحاج محمود قماطي بعد اللقاء أنّ الطرفين جدّدا تمسّكهما بكلّ ما ورد في وثيقة التفاهم، التي تصلح لتكون مسوّدة حوار بين جميع اللبنانيين.
وأشار إلى أنّ وفد الحزب وضعَ عون في أجواء الحوار مع “المستقبل”، مؤكّداً أنّ الحوار جدّي وسيستمرّ، وأنّ كلّ الأطراف المشاركة فيه تتحلّى بالهدوء والعقلانية والموضوعية.
ولمسَ قماطي من عون جدّيةً في الوصول إلى نتائج في حواره المرتقَب مع “القوات اللبنانية”، عازياً سببَ التأخّر في عقد هذا اللقاء، الى مدى جدّية الوصول إلى نتائج مثمرة، وضمان نجاح هذا الحوار.
وفي ملف الاستحقاق الرئاسي، قال قماطي: “تطرّقنا إلى هذا الموضوع، وتجدر الإشارة إلى أنّ هناك تطوّرات إقليمية ومحلية، وأجواء حوار لبناني- لبناني. فإذا ما جمعنا كلّ هذه الأمور، نرى أنّها تؤشّر إلى إمكانية الوصول إلى اتفاق وإنجاز الاستحقاق الرئاسي، ولكن لا نستطيع أن نحدّد موعداً لذلك.
إذاً، ما أستطيع أن أقوله هو أنّ الأجواء مقبولة وجيّدة وهناك إمكانية ومؤشّرات تدلّ على ذلك، ونأمل في أن يتمّ الاستحقاق إن شاءَ الله”.
وعمّا إذا كان جيرو حملَ رسالة أو مبادرة في شأن الرئاسة، أجاب قماطي: “موقفُنا واضح في موضوع الرئاسة، فكما يقال: “رح نبقى هون مهما العالم قالوا، ما منترك عون ما منرضى بدالو”.

السابق
السفير: خطة البقاع الشمالي جاهزة.. و«تحركات مقلقة» في جرود عرسال
التالي
جنبلاط يطوي استقالته