حملة إزالة الشعارات تمهّد لخطوات أوسع مجلس الوزراء ينتظر تعديل آلية تعطيله

بدا لبنان الذي لا تزال قضية عسكرييه المخطوفين لدى التنظيمات الارهابية تثقل على مجمل أوضاعه الأمنية، متعاطفاً مع الاردن، ربما أكثر من البلدان العربية الأخرى، في الصدمة التي اثارها القتل الوحشي حرقا للطيار الاردني معاذ الكساسبة على ايدي تنظيم “الدولة الاسلامية” (داعش) الامر الذي ترجم بالتنديدات الرسمية والسياسية بهذه الجريمة الوحشية من مختلف الاتجاهات. وعبر عن هذا التعاطف مجلس الوزراء في جلسته الاسبوعية مؤكدا “تضامن اللبنانيين مع المملكة الاردنية الشقيقة في مصابها” واستنكر “هذه الجريمة الشنيعة وأعرب الوزراء عن ذهولهم من الحد الذي يمكن ان تصل اليه ممارسات الارهابيين المتطرفين كما دان المجلس هذا العمل المقيت الذي يعكس الانحطاط الذي بلغه الفكر الظلامي”.

في أي حال، لم يغب هاجس الارهاب عن المسرح اللبناني أمس اذ عممت معلومات مساء أمس عن مطلوب يدعى محمود عبد الكريم حميد من مواليد عرسال (1994) يحضر للقيام بعملية انتحارية تستهدف تجمعات مدنية أو عسكرية وطلب من كل من يعرفه أو يعرف مكان وجوده أن يبلغ عنه فوراً أي مركز امني.
وفي معلومات لـ”النهار” ان الانتحاري المفترض ينتمي الى عائلة معروفة بعلاقاتها مع الجماعات المتشددة، وهو صهر أبو حسن الفلسطيني الذي قضى في أحداث عرسال، كما توفي شقيق محمود في تلك الأحداث.
وقال مصدر أمني لـ”النهار” إن اسم محمود تسرب الى الأجهزة منذ شهر وانه “وجب اخذ المعطيات التي تواترت عن نيته القيام بعملية على محمل الجد، من هنا جاء القرار بالتبليغ”.
وسقطت مساء أمس قذيفة صاروخية بين بلدتي اللبوة والفاكهة في البقاع الشمالي مصدرها المسلحون المنتشرون على السلسلة الشرقية من دون وقوع اصابات. ويذكر ان سقوط القذائف الصاروخية كان توقف منذ شهر آب المنصرم.
أما على الصعيد الداخلي، ومع اعتماد مجلس الوزراء “آلية” ترحيل البنود الخلافية وتأجيلها كالعادة ومنها موضوع تسجيل عقود الزواج المدني وموضوع طمر الحوض الرابع في مرفأ بيروت الذي جمدت الاعمال الجارية فيه سعياً الى تسوية، أرخت الانعكاسات المهدئة التي تركتها الجولة الخامسة من الحوار بين تيار “المستقبل” و”حزب الله” أول من أمس بظلالها على المناخ العام. وينتظر ان تبدأ اليوم حملة ازالة الشعارات الدينية والحزبية ورفع الصور على طول الخط الساحلي من صيدا الى طرابلس مروراً ببيروت بغطاء سياسي من “المستقبل” والحزب وحركة “أمل”، علماً ان تنفيذ هذه الخطوة اسند الى محافظي المناطق والبلديات التي تشملها بمؤازرة من قوى الامن الداخلي.
وفي معلومات اضافية لـ”النهار” عن المناقشات التي شهدتها الجولة الخامسة من الحوار في عين التينة انها تناولت كل المواضيع والنقاط الطارئة التي يمكن ان تهدد الحوار وتعطله وان مقاربة هذه النقاط جرت بهدوء اذ اجاب ممثلو “حزب الله” عن تساؤلات ممثلي “المستقبل” بما يمكن تلخيصه بالآتي: ان الحزب يحرص على معادلة الاستقرار في لبنان وعدم الانزلاق الى اي تجارب غير محسوبة العواقب. وان جوهر كلام الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله أخيراً والذي أثار المخاوف هو ذو طابع دفاعي وقائي في وجه الاحتلال الاسرائيلي ومحاولاته لتكريس معادلة رعب تفضي الى ضرب الاستقرار وتجاوز القرارات الدولية. واستناداً الى هذه المعلومات، استكمل الفريقان الحوار في شأن البند الاساسي المتعلق بتبديد الاحتقان وكان التفاهم تاماً على انجاح خطوة ازالة الشعارات والصور الحزبية فاتحة لخطوات اخرى.

تعديل “الآلية” الحكومية
في غضون ذلك، لم يطرح رئيس الوزراء تمام سلام في جلسة مجلس الوزراء، أمس موضوع تعديل آلية العمل واتخاذ القرارات كما سادت توقعات سابقة للجلسة مع ان سلام كان قرر المضي في هذا الاتجاه قبل نحو اسبوعين بعدما بلغ تمادي بعض الوزراء في تعطيل مقررات الحكومة حدا شديد السلبية. لكن سلام آثر التريث في طرح تعديل الآلية كاشفاً نيته استكمال الاتصالات التي بدأها مع عدد من مكونات الحكومة. وعزت مصادر وزارية تريثه الى عدم نضج الآلية التي يقترح تعديلها والحاجة الى مزيد من المشاورات في شأنها، خصوصاً ان أي رفض من أي فريق لتعديلها سيؤدي الى احراج رئيس الوزراء وارباكه بعدما ماشى الآلية المعتمدة التي تخضع قرارات الحكومة للاجماع ولفيتوات الوزراء نزولا عند رغبة بعض القوى وخلافا لرأي وزراء كانوا ضدها وفي مقدمهم الوزيران بطرس حرب ورمزي جريج انطلاقاً من خلفية قانونية ودستورية. وتتركز حركة المشاورات الجارية على ايجاد مخرج يعيد الى مجلس الوزراء فاعليته وانتاجيته.
ويشار الى ان جلسة البارحة شهدت تعطيل قرار تحويل عائدات الخليوي للبلديات عبر وزارة المال الذي رحل بدوره الى جلسة اخرى بعد نقاش استمر أكثر من ساعتين من دون اي نتيجة بفعل رفض وزير الخارجية جبران باسيل هذا القرار. وافادت مصادر وزارية ان باسيل بدا منفرداً في معارضة هذا التدبير على رغم محاولات لإقناعه من عدد من الوزراء بينهم وزير المال علي حسن خليل والوزير محمد فنيش. وأسف وزير الاتصالات بطرس حرب لوقف باسيل “المبني على الخطأ لانه لا يجوز حرمان البلديات حقوقها في هذه الاموال”. وأوضح انه ينتظر اعادة طرح الموضوع على مجلس الوزراء متمنيا بته قريبا.

جيرو
وسط هذه الاجواء، أنهى رئيس دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جان – فرنسوا جيرو جولة اللقاءات الواسعة التي عقدها في بيروت في اليومين الاخيرين والمتصلة بالبحث في ازمة الفراغ الرئاسي والتي شملت امس الرئيس امين الجميل والرئيس فؤاد السنيورة والعماد ميشال عون والنائب وليد جنبلاط ومسؤول العلاقات الدولية في “حزب الله” عمار الموسوي. وفي معلومات لـ”النهار” أن جيرو أبلغ من التقاهم أنه سيتوجه الاثنين المقبل (يصادف عيد القديس مارون) الى الفاتيكان للقاء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ويرجح ان تشمل زيارته لقاءات مع مسؤولين في الكرسي الرسولي يوالي الموفد الفرنسي التشاور معهم في شأن الاستحقاق الرئاسي اللبناني.
وأعلن الرئيس الجميل عقب لقائه جيرو انه قدم مبادرة “تجمع بين هوية الرئيس القادر من جهة واحترام الاصول الديموقراطية والبرلمانية من جهة اخرى وتقضي بترشيح الاقطاب الموارنة لرئاسة الجمهورية والوقوف بجانب احدهم من دون اقفال الباب امام المرشحين الآخرين كي تأخذ اللعبة الديموقراطية مجراها الطبيعي”.

(النهار)

السابق
جنبلاط : باريس مهتمة بالرئاسة أكثر من بعض اللبنانيين
التالي
بري :«حزب الله» و«المستقبل» ملتزمان 100% بالـ1701