جنبلاط : باريس مهتمة بالرئاسة أكثر من بعض اللبنانيين

وليد جنبلاط

كتبت “السفير” تقول : لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم السابع والخمسين بعد المئتين على التوالي.
وأغلب الظن، أن المسار التصاعدي لـ “عدّاد” الشغور لم يعد يستفز الكثيرين، بعد “التطبيع” الذي حصل مع الأمر الواقع الناشئ منذ 25 أيار الماضي.
ربما الموفد الفرنسي جان فرانسوا جيرو وحده لا يزال يفتش في صحراء الشغور عن شبح رئيس، علماً أنه لم يحمل في زيارته الثانية لبيروت أي مبادرة تؤشر الى إمكانية العثور على واحة رئاسية في هذه الصحراء.
أما في نيويورك فإن لفرنسا وجهاً آخر. هناك، يأخذ انحياز باريس الى جانب اسرائيل مداه الأقصى، متجاوزة حتى التوازن بين الضحية والقاتل، برغم أن المساواة بينهما هي بحد ذاتها ظالمة وموجعة.

معركة ديبلوماسية
وإذا كان مجلس الأمن الدولي قد أدان بأشدّ العبارات، في بيان صادر عنه أمس، مقتل الجندي الاسباني في “اليونيفيل”، داعياً الى الإسراع في إكمال التحقيقات لمعرفة ملابسات مقتله.. إلا انه سبق صدور هذا البيان معركة ديبلوماسية “صامتة” خاضها لبنان خلال الأيام الماضية، وأفضت الى إجهاض محاولة فرنسية لتمرير بيان رئاسي في مجلس الأمن يدين “حزب الله” بأقسى العبارات، على خلفية العملية التي نفّذتها المقاومة في مزارع شبعا.

وقالت مصادر ديبلوماسية في نيويورك لـ “السفير” إن مشروع البيان الذي كانت تقترحه باريس لا ينصف لبنان بتاتا، مشيرة الى أن الفرنسيين حاولوا منذ البداية تحميل كل المسؤولية عن التوتر الذي حصل على الحدود لـ “حزب الله” حصراً، متجاهلين القصف الاسرائيلي للاراضي اللبنانية ومقتل الجندي الاسباني في قوات “اليونيفيل”، ورافضين توجيه أي إدانة لإسرائيل او اعتبار اعتداءاتها خرقاً للقرار 1701.

وفي المعلومات، أن باريس سعت بداية الى تمرير مشروع بيانها في مجلس الأمن من دون التشاور مع لبنان، لكنه لم يمر بفعل موقف بعض الدول الاعضاء في المجلس وفي طليعتها روسيا، والجهد الذي بذلته وزارة الخارجية اللبنانية.

عندها قرر الفرنسيون السعي الى اقناع بيروت بمشروع البيان، على قاعدة أنهم إذا وجدوا تجاوباً لبنانيا معه، فإن الدول الأخرى في مجلس الأمن لن تكون ملكية اكثر من الملك ولا بد عندها من أن يمرّ البيان، علما ان البيان الرئاسي يحتاج الى موافقة الأعضاء الـ15، ولا يخضع للتصويت.

تواصلت باريس عبر الأقنية الديبلوماسية مع كل من رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية ومندوب لبنان في الأمم المتحدة، لكن طرحها جوبه بالرفض التام على كل المستويات الرسمية، في وقت كان لبنان يوظّف صداقاته مع عدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن لتحصين الموقف اللبناني ومنع فرنسا من الالتفاف عليه.

وعرض لبنان على باريس واحدا من ثلاثة خيارات: إما لا بيان في حال الاصرار على انحيازه، وإما إصدار بيان متوازن، وإما إدانة مقتل الجندي الاسباني في “اليونفيل” تحديدا.

وخلال المفاوضات، سمع الفرنسيون كلاما لبنانيا واضحا مفاده: “لماذا تضعون أنفسكم في موضع من ينقل رسائل سيئة الى لبنان ويحاول إلحاق الاذى به من خلال بيان منحاز؟ وكيف يمكن لكم ان تمرّروا مسألة قتل اسرائيل للجندي الاسباني، وهل تعلمون ان رفضكم الإشارة الى انتهاك اسرائيل للسيادة اللبنانية يشجعها على التمادي في هذا الانتهاك، وهل تدركون ان تجاهل قتل الجندي الاسباني يهدد بأن يُقتل لاحقا جنود آخرون في القوات الدولية قد يكون من بينهم فرنسيون؟”

وأمام ضغط لبنان، وثبات عدد لا بأس به من الدول الاعضاء في مجلس الامن على الموقف الرافض للطرح الباريسي، سقط مشروع البيان الفرنسي الذي كان موجها ضد “حزب الله”، وصدر بيان الادانة لمقتل الجندي الاسباني، والذي يطال ضمنا اسرائيل.
تجدر الاشارة الى ان هذا الملف كان حاضرا في جانب من محادثات الموفد الفرنسي جان فرانسوا جيرو مع بعض المسؤولين اللبنانيين، ومن بينهم وزير الخارجية جبران باسيل.

لقاءات جيرو
وكان جيرو قد واصل أمس جولته على الأطراف اللبنانية، في سياق استطلاع أفق الاستحقاق الرئاسي، فالتقى كلا من العماد ميشال عون والرئيس فؤاد السينورة والنائب وليد جنبلاط والرئيس أمين الجميل الذي قدم له مبادرة تقضي بترشيح الأقطاب الموارنة لرئاسة الجمهورية.

كما زار جيرو مسؤول العلاقات الدولية في “حزب الله” عمار الموسوي. وتم التطرق، وفق بيان صادر عن الحزب، الى “الرئاسة والمساعي التي يبذلها المسؤول الفرنسي على هذا الصعيد، سواء في جولاته على بعض العواصم الإقليمية أو خلال مباحثاته التي أجراها مع المسؤولين الرسميين والقيادات السياسية في بيروت”.

وقال النائب وليد جنبلاط لـ “السفير” إن حديثا طويلا دار بينه وبين جيرو وأركان السفارة الفرنسية حول أوضاع لبنان والمنطقة، خلال مأدبة الغداء التي دعي اليها في السفارة. وأضاف: أنا أقدر مهمة جيرو ودور فرنسا في محاولة المساعدة لانجاز الاستحقاق الرئاسي، ملاحظاً أن فرنسا تبدو حريصة على لبنان وانتخاب رئيس الجمهورية أكثر من بعض اللبنانيين، وهذا مؤسف.

وفيما أشار أهالي المخطوفين العسكريين بعد لقائهم المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم أمس، الى انهم لمسوا وجود جدية وإيجابية في المتابعة، أكد جنبلاط لـ “السفير” أنه يبذل كل جهده للمساهمة في معالجة هذه القضية، “ولكنني في نهاية المطاف لا استطيع تجاوز صلاحيات الجهة المختصة التي تتابعها”.
واعتبر ان تحرير العسكريين المخطوفين يحتاج الى تضحيات، “وأعتقد انه عندما نستعيد ما حصل مع الطيار الاردني، نشعر ان الأمر يستحق بذل الجهد والتضحيات لإنهاء هذه الازمة”.

نزع الشعارات
الى ذلك، يُفترض ان تنطلق اليوم رسميا عملية نزع الصور والأعلام والشعارات الحزبية من بيروت وصيدا وطرابلس والطريق الساحلية في اتجاه الجنوب والشمال، ترجمة لما تم الاتفاق عليه في جلسات الحوار بين “حزب الله” و “تيار المستقبل”، بمشاركة “حركة أمل”.

ومن المقرر ان تشرف وزارة الداخلية على هذه الورشة، علما ان كلا من “حزب الله” و “حركة أمل” بادرا امس، الى المباشرة في نزع العلامات والإشارات الحزبية المنتشرة في مناطق تواجدهما.

وإذا كان من شأن هذه الخطوة ان تساعد الحوار في اكتساب مصداقية يحتاج اليها، وتساهم في التخفيف من الاحتقان المذهبي، إلا ان الأهم يبقى إزالة الاحتقان من النفوس والخطاب السياسي، خصوصا ان لغة بعض المعنيين بالحوار لا تزال غير متناغمة مع شروط التهدئة.

ملاحقة انتحاري
أمنياً ايضاً، أفاد مندوب “الوكالة الوطنية للاعلام” أن معلومات توافرت عن نية المدعو محمود عبد الكريم حميد (والدته نفيسة حميد، وهو من مواليد عرسال) 1994، القيام بعملية انتحارية تستهدف تجمعات مدنية أو عسكرية. وبناء عليه، على كل من يعرفه أو يعلم مكان تواجده التبليغ فوراً لأي مركز أمني.

(السفير)

السابق
عن شيعة وسنّة فرحوا بإعدام الكساسبة وشمتوا بالأردن
التالي
حملة إزالة الشعارات تمهّد لخطوات أوسع مجلس الوزراء ينتظر تعديل آلية تعطيله