ستريدا في مسيرة عاشوراء

ستريدا جعجع

اليوم سيطرح الوزير نهاد المشنوق أمام مجلس الوزراء موضوع عقد الزواج المدني في لبنان وتسجيله في وزارة الداخلية، على أمل ألا تكون هذه المبادرة شكلية لرمي الكرة في ملعب حكومة ليس أكيداً انها ستجرؤ على هذه الخطوة. المطلوب من وزير الداخلية الذي تعامل مع كل الملفات المهمة بدقة ووطنية وحكمة، ان يضغط في هذا الملف بالطريقة عينها لإنجازه، لأن من المعيب ألا نقبل بزواج يعقد في لبنان فيما نعترف به إذا تم في الخارج.

فإذا ما أقدم الوزير المشنوق على إنهاء هذا التناقض سيكون قد دخل تاريخ لبنان من باب إزالة عقبة وعيب من أمام مسيرة بناء دولة، متحررة من رجس الطائفية ومؤهلة لولوج مسار العلمانية، ذلك إن هذه القضية لا يجوز الاستخفاف بها.

اليوم يبدو لبنان غارقاً في طائفية مرفوضة أكثر من أي وقت، فالخصام السياسي طائفي أكثر فأكثر، وقد فوجئت بأحد الناشطين على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، عباس زهري، عندما ظهر في حلقة تلفزيونية مع الزميل طوني خليفة معلقاً على النائبة ستريدا جعجع بقوله: “معروفة مواقف ستريدا، ما تكون رح تنزل تمشي معنا بمسيرة عاشوراء مثلاً؟”.
عندما يتكلم أحد شبابنا المفترض انه من طبقة المثقفين المنفتحة، لكونه يتابع التكنولوجيا والتطور، بهذا المنطق المريض، ويبني مواقفه من السياسيين على أساس مشاركته في عاشوراء أو عدمها، فهذا إثبات جديد لمدى المرض المتفشي في مجتمعنا، وخصوصاً في عقول البعض، ويا للأسف!. كان يمكن انتقاد مواقف ستريدا جعجع السياسية، وهو الامر الطبيعي، وكذلك انتقاد سياسة “القوات” وآراء الدكتور جعجع، واتخاذ موقف سياسي مؤيد أو معارض. أما أن ينحدر التفكير لدى البعض الى هذا الدرك من الإسفاف وانعدام المنطق، فهذا هو التخلف بعينه، وهو أمر غير مقبول في بلد متحضر. فهل مطلوب من ستريدا المشاركة في عاشوراء ليرضى عنها السيد عباس؟ أو كما علّق طوني خليفة بتساؤله عما إذا كان مطلوباً من نواب ” الوفاء للمقاومة” أن يشاركوا في الجمعة العظيمة؟ من واجبنا تسليط الضوء ورفض منطق متخلّف كهذا لا يجوز تجاهله، لأن ذلك يسهم في تفشّيه، وخصوصاً أن كلام عباس قد يصل الى نحو مليون متابع على مواقع التواصل الاجتماعي. لذا علينا العمل على ترسيخ ثقافة سياسية تقوم على التأييد أو المعارضة لرأي الآخر لا لاعتقاده او إيمانه أو مذهبه، ومن يخرج عن هذه الثقافة ويخرق حقوق الغير ويتجاوز القوانين يجب محاسبته، وبخاصة إذا تسبّب بإثارة النعرات الطائفية. وإذا لم نتصدّ لهذا العمى الطائفي، نكون قد عدنا الى عصر الجاهلية.

(النهار)

السابق
الرعب من المستقبل؟
التالي
لماذا يرمي «داعش» مثليي الجنس من الأماكن العالية ويستقبلهم بالحجارة؟