في غزة.. حيوانات برية تموت جوعاً

للوهلة الأولى، يُخيّل للزائر إلى حديقة حيوان «غابة الجنوب»، في قطاع غزة، أنه في متحف للحيوانات المحنّطة، لكنه سرعان ما يكتشف أن ما يراه ليس سوى «جيف» حيوانات، قضت جوعاً.

وحرم القصف الإسرائيلي المكثف والعنيف، لمحيط الحديقة خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، صيف العام الماضي، مالكها والعاملين فيها من الوصول إليها، للاعتناء بالحيوانات وإطعامها، ما أدى إلى نفوق عدد كبير منها، وتكبد مالكها خسائر فادحة.
والمفارقة أن هذه «الفاجعة»، التي لحقت بمالك الحديقة، تتكرر معه للمرة الثالثة، حيث خسر العديد من الحيوانات، خلال الحربين اللتين شنتهما إسرائيل على قطاع غزة في العامين 2008، و2012.
ويقول مالك الحديقة محمد عويضة «افتتحت الحديقة كمشروع خاص في العام 2007، مع بداية الحصار الإسرائيلي للقطاع، وخلال الحرب الأولى في العام 2008، لم نستطع الوصول الى الحديقة، بفعل القصف الإسرائيلي العنيف، ومات كثير من الطيور والحيوانات باهظة الثمن، جوعاً، وبفعل أصوات الانفجارات والشظايا التي تتناثر من الصواريخ ورائحة الدخان المتصاعد بعد القصف».
ويضيف عويضة: «أعدنا افتتاح الحديقة، وأدخلنا حيوانات جديدة، لنفاجأ بحرب العام 2012، حيث مات أيضا الكثير من الحيوانات والطيور للسبب ذاته».
وخلال الحرب الاخيرة، لم يستطع عويضة الوصول الى الحديقة، ما أدى الى نفوق الكثير من الحيوانات جوعاً.
ويوضح «خلال الحرب، زرت الحديقة لمرة واحدة، بشكل خاطف، فوجدت كثيراً من الحيوانات خارج أقفاصها هاربة، وبعضها ميت، وعدنا بعد الحرب، وصدمنا من المشهد، فالروائح الكريهة لا تُطاق من جثث الحيوانات التي نفقت جوعاً، ولشدة القصف لمحيطها»، مشيراً الى «نفوق حوالي 30 صنفاً من الحيوانات من أصل 40 صنفاً».
ويتابع معدداً خسائره: «فقدت أسدا، ونمرا، وسبعة غزلان، وخمسة من طيور النعام، وحيّتين، واربعة من حيوانات النيص، وحيوان لاما، واربعة تماسيح أميركية، وذئبين، واربعة من طيور البشروش، وعشرة قرود، وضبعين».
ويشير عويضة الى أن محيط الحديقة الواقعة في مكان ريفي، تعرض لعدد كبير من الغارات الجوية الإسرائيلية، ما منعه من الحضور إليها لإطعامها. ويقدر عويّضة خسائره بنحو 150 ألف دولار.
ولم تقتصر خسائره على ذلك، حيث تقلص عدد زائري الحديقة بشكل كبير جداً، نظراً الى قلة الحيوانات النزيلة فيها.
ويقول عويضة: «أشعر بالحسرة، فقط كانت الحديقة ممتلئة بصنوف الحيوانات والطيور باهظة الثمن التي أتيت بها من أميركا وأوروبا ومصر وأفريقيا، وكان يتردد عليها أعداد كبيرة من الزائرين».
ويشير عويضة إلى صعوبة إحضار حيوانات جديدة الى الحديقة بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة، بالإضافة إلى عدم توفر المال الكافي لديه.
ولم يتبق لدى عويضة في حديقته سوى نمر، وبعض الصقور التي تم اصطيادها محليًا، وقطط، وقرود، وحصان، وحيوان لاما، وغزالة، وزوج بجع، وبعض الطيور التي تُربى محلياً.
وأبقى مالك الحديقة، على الحيوانات النافقة، بعدما وضع عليها مادة مخصصة لحفظ أجسادها، لكي تظل شاهدا على ما لحق به من خسائر.
ويقول عويضة، إنه عرض الحديقة للبيع، لكي يوقف ما أسماه «نزيف خسائره»، إلا أنه لم يجد مشترياً حتى الآن.
ويوجد في قطاع غزة، عدة حدائق حيوان صغيرة ومتواضعة (غير حكومية)، أنشئت غالبيتها خلال السنوات العشر الماضية، وتم جلب الحيوانات النزيلة فيها عبر الأنفاق مع مصر، بحسب قائمين عليها.
ووفقًا لإحصائيات رسمية لوزارة الزراعة الفلسطينية، فإن قيمة الخسائر في قطاع الثروة الحيوانية، بسبب الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وصلت إلى 40 مليون دولار.

السابق
لأن «الوطنيّة اللبنانيّة» توافقيّة لا إراديّة..
التالي
جنبلاط: الغضَب الساطع آتٍ