الرئاسة إلى الواجهة مع عودة جيرو والكازينو مُقفل والمرفأ مشلول اليوم

كتبت “الجمهورية” تقول : يعود الاستحقاق الرئاسي إلى واجهة الاهتمامات اليوم مع زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي فرنسوا جيرو لبيروت حاملاً معطيات ومحاوِلاً استجماع أخرى للبناء عليها مع الجهات الإقليمية والدولية المعنية لبلوَرة توافق يفضي إلى إنجاز هذا الاستحقاق، في ظلّ توقّعات البعض أن يُنجَز في آذار المقبل. ويتزامن وصول جيرو مع حديث إسرائيلي عن “حرب ثالثة” في لبنان، وتهديد إيراني لتل أبيب برَدّ على اعتداء القنيطرة، جاء بعد إعلان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله أنّ الحزب بات في حلٍّ من قواعد الاشتباك مع إسرائيل. كذلك تتزامن زيارة جيرو مع انطلاق تحرّكات مطلبية لعمّال كازينو لبنان وفي مرفأ بيروت يُتوقّع أن تستمرّ أياماً في انتظار تبَلوُر صيَغ حلول بين المعنيّين.

في غمرة الأحداث المتسارعة في المنطقة، وغداة إعلان السيّد نصرالله إسقاط قواعد الاشتباك مع اسرائيل التي هدّدت لبنان أمس بـ”حرب ثالثة”، فيما توعّدَتها ايران بردّ آخرعلى اعتداء القنيطرة، تحرّكت الجماعات التكفيرية والارهابية مجدّداً عبر استهداف زوّار الأماكن المقدّسة في سوريا، ففجّرت باصاً لزوّار مقامات مقدّسة وسط دمشق، ما أسفرَ عن سقوط ستّة شهداء بينهم 3 لبنانيين و22 جريحاً، وفق بيان حملة “عشّاق الحسين” التي تنظّم الزيارة. وقد تبنّت “جبهة النصرة” الهجوم، وقالت عبر “تويتر” إنّه هجوم انتحاريّ نفّذه “أبو العز” الأنصاري.

ولاقت هذه الجريمة استنكاراً لبنانياً، فدعا رئيس الحكومة تمّام سلام “إلى تفويت الفرصة على الارهابيين اصحاب العقول والمخططات الفتنويّة الخبيثة، عبر التعالي على الجروح وإظهار أعلى درجات التكاتف الوطني في التصدّي لموجة الارهاب الأسود وتحصين أمن البلاد واستقرارها”.

أمّا “حزب الله” فأكّد “أنّ ما يقوم به هؤلاء المجرمون في أنحاء العالم من تفجيرات وقطع للرؤوس وتدمير للمقدسات وانتهاك للحرمات يجب أن يكون حافزاً للقوى العاقلة والحيّة في الأمّة لتركّز الجهود على محاربتهم والقضاء عليهم.

جيرو في بيروت اليوم

وفي هذه الأجواء، يعود الاستحقاق الرئاسي مجدداً إلى دائرة الضوء مع وصول موفد الرئيس الفرنسي الى لبنان جان فرنسوا جيرو الى بيروت اليوم، في خطوةٍ وُصِفت بأنّها مفاجئة، بعدما كان ألغى زيارة سابقة كان ينوي القيام بها الى بيروت بسبب فشل زيارته لطهران مطلع الشهر الماضي وعدم توافر ما يؤشّر الى احتمال استكمال مبادرته لا في السعودية ولا في الفاتيكان.

لكنّ مراجع ديبلوماسية غربية قالت إنّ الجديد الذي فرَض مجيءَ جيرو الى بيروت عقب زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للرياض حيث قدّم التعازي بالملك عبدالله بن عبد العزيز ولمسَ لدى الملك الجديد سلمان بن عبد العزيز إصراراً وتشجيعاً على المضيّ في مبادرته الرئاسية في شأن لبنان والتي لاقت تشجيعاً لدى الفاتيكان الذي يصرّ بدوره على استمرار المساعي مهما كان الثمن والظروف لملاقاة أيّ مناسبة إيجابية يمكن الوصول اليها في أيّ لحظة.

وعلمَت “الجمهورية” أنّ السفارة الفرنسية أعَدّت لجيرو برنامج لقاءات، أبرزُها ستكون غداً حيث سيزور كلّاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام، على ان يلتقي معظم القيادات السياسية والحزبية التي كان التقاها في زيارته السابقة نهاية العام الماضي.

برّي والحوار

في الموازاة، تتواصل الحوارات الداخلية، وتنطلق مساء غد الثلثاء الجولة الخامسة من الحوار بين تيار “المستقبل” و”حزب الله” في عين التينة.
وفي هذا الإطار قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس إنّ كلّ الكلام السلبي الذي أطلقَه البعض تعليقاً على خطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله لن يؤثّر في الحوار بين “الحزب” و”المستقبل”، مؤكّداً أنّ الجلسة الخامسة منه ستنعقد في عين التينة غداً الثلثاء،

وقال: “هذا الحوار مستمرّ، لإيمان الطرَفين بمتابعة هذه الطريق، ومنذ البداية عندما كنّا نحضّر جدول أعماله في المفاوضات مع الرئيس سعد الحريري عبر ممثّله السيّد نادر الحريري ومع الرئيس فؤاد السنيورة تمَّ الاتفاق على تحديد المواضيع التي ستناقَش وتحييد النقاط الخلافية التي تُركت حرّية الموقف فيها لكلّ فريق، وهذه النقاط هي سلاح المقاومة ومشاركة حزب الله في سوريا، والمحكمة الدولية”.

وأضاف: “إنّ الحوار مستمرّ، وخلال هذا الأسبوع سيشهد اللبنانيون بيروتَ نظيفةً من كلّ الصوَر والشعارات الحزبية لحركة “أمل” وحزب الله وتيار “المستقبل”، وستتولّى وزارة الداخلية والبلديات تنفيذَ هذه المهمة، وقد أوعزَ وزير الداخلية نهاد المشنوق لبلدية بيروت في هذا المجال”.

وندّد برّي في هذا الصدد برصاص الابتهاج وغير الابتهاج الذي يطلَق في بعض المناسبات وعند حصول بعض الأحداث، لِما لهذا الأمر مِن ضرَر يُلحقه بالمواطنين، مؤكّداً أنّ الذين انتقدوا هذا الأمر محِقّون ويؤيّدهم في موقفهم.

وردّاً على اتّهام البعض لحزب الله بأنّه يخرق القرار 1701، أجاب بري: “لقد حلّق الطيران الاسرائيلي اليوم (أمس) في سماء بيروت وضاحيتها الجنوبية، أليسَ هذا التحليق انتهاكاً وخَرقاً للقرار 1701؟”. وأشار إلى “أنّ السيّد نصرالله لم يؤكّد في خطابه نيته خرقَ هذا القرار، فلقد قال ما معناه لا “تعتدوا علينا فلا نعتدي عليكم”.

ولقد قابلتُ عدداً من السفراء وسمعت منهم التفسير نفسه لمواقف السيّد، فلماذا يريد البعض ان يفسّر كلام السيد بطريقة مغلوطة ومنقوصة؟ نحن لم نخرق القرار 1701 وإنما إسرائيل هي التي تخرقه يومياً منذ صدوره في البَر والبحر والجو، وأكرّر أنّ عملية حزب الله في مزارع شبعا كانت عملية نظيفة حصلت في أرضنا المحتلة”.

فرعون

وفي المواقف، قال وزير السياحة ميشال فرعون لـ”الجمهورية”: “إنّ القرار 1701 ليس مدرَجاً على جدول أعمال الحوار مع الحزب في اعتبار أنّه من مسلّمات البيان الوزاري، والجنوب والمناطق الحدودية ينعمان بالاستقرار الأمني منذ تسع سنوات.

والهدف الأساس من الحوار إذن هو تحديد سُبل تحصين الاتفاق السياسي حول الأمن الداخلي والتعاون والتنسيق بين القوى الأمنية والجيش، والأحزاب التي تسهّل عملهم. وقد نجحَ هذا الأمر”. وأضاف ” أمّا القرار 242 فهو يخصّ سوريا وليس لبنان، علماً أنّهما يلتزمانه ولو أنّ لبنان لا يزال يطالب بإدراج موضوع مزارع شبعا في القرار 1701″.

وأضاف: “إعلان بعبدا” الذي سقط عملياً اليوم جاء حصيلة حوار برعاية رئيس الجمهورية بناءً على طلب الحكومة نتيجة الأوضاع المتدهورة في البلاد في حينه. ولا شكّ اليوم في أنّ الرئيس لو كانَ موجوداً لانعقدَت طاولة حوار وطني لتؤكّد المؤكّد بمعنى العودة الى البند الاساس، بند احترام القرارات الدولية، خصوصاً القرار 1701 الذي يحظى بحماية دولية كبيرة، وليس من الصعب علينا أن نحميه داخلياً حتى ولو كان هناك تصعيد إسرائيلي”.

وذكر فرعون أنّه “قبل عملية الجولان أثار وزير “حزب الله” حسين الحاج حسن الوضعَ الاقتصادي والمعيشي وسُبل تفعيل الصناعة وفرَص العمل، ودار حوار شامل وأكّد الجميع أنّ هذا الامر مرتبط بالاستقرار الامني في البلاد واحترام القرارات الدولية، وهذا ما يعطي الثقة. المشكلة اليوم انّ هذه الثقة بدأت تتزعزع والغموض يلفّ موقف “حزب الله”، فإذا انزلقت الامور الى مواجهة واسعة فسيكون الشعب اللبناني هو الضحية الأولى لهذا الغموض”.

علوش

وإذ استنكرَ القيادي في تيار “المستقبل” النائب السابق الدكتور مصطفى علوش التفجيرَ الإرهابي في دمشق والذي طاولَ لبنانيين، اعتبرَ أنّه “جزءٌ من الحرب المفتوحة التي أدخلَ “حزب الله” لبنان واللبنانيين فيها منذ دخوله إلى سوريا ومشاركته في الحرب الدائرة فيها، وليس نتيجة لخطاب السيّد حسن نصر الله”.

وقال علوش لـ”الجمهورية”: “أمّا بالنسبة الى إلغاء قواعد الاشتباك مع اسرائيل فأعتقدُ أن لا شيء تبدّلَ كثيراً بين الحزب وإسرائيل، لكنّ الأمر الواضح الذي أعلنّه نصرالله وبالفم الملآن هو نجاح إيران وإسرائيل في إلغاء الجامعة العربية ودور العالم العربي، وأنّه إذا كان الهجوم في سوريا لا مشكلة عنده في أن يردّ من لبنان، وإذا كان الهجوم على إيرانيين تحدّث عن وحدة الدم الإيراني واللبناني بدل الحديث السابق عن مسؤولية العرب في المواجهة”. وإذ استبعدَ علوش أن يتوقّف الحوار بين “المستقبل” والحزب نتيجة ما جرى، أكّد “أنّ التوقعات الضئيلة منه لا تزال كما كانت في السابق”.

الكازينو والمرفأ

في غضون ذلك، قفزَت التحرّكات المطلبية إلى الواجهة مجدداً، مع بقاء أزمة المصروفِين من “كازينو لبنان” بلا حلّ، شأنها شأن قضية ردم الحوض الرابع في مرفأ بيروت الذي يعمّه الإضراب اليوم.

ففي ملف المصروفين من الكازينو، تواصَلت التحرّكات والاتصالات أمس، من دون بروز تصوّر واضح للحلول المتاحة. وبناءً على تكليف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي استقبل النائب البطريركي العام المطران بولس صيّاح وفداً من الموظفين المصروفين أطلعَه على آخر تطوّرات قضيتهم.

وعلمَت “الجمهورية” أنّ صيّاح سيتّصل بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة اليوم للبحث في هذا الملف وسُبل معالجته. وقال صيّاح لـ”الجمهورية” إنّه يحمّل المسؤولية الأولى إلى المديرين في الكازينو بدءاً من رأس الهرم، “لأنّه إذا كان هناك موظفون لا يداومون أو لا يعملون منذ سنوات فلماذا السكوت عنهم حتى اليوم، ولماذا لم يتمّ توجيه إنذارات اليهم؟”. وكشفَ “أنّ هناك فئة بين المصروفين تعرّضَت لظلم كبير في هذا القرار”.

وكان عمّال كازينو لبنان وموظّفوه واصلوا خطواتهم التصعيدية في إقفال المرفق بكلّ صالاته ومنشآته السياحية والترفيهية في انتظار ما ستُسفِر عنه وساطة وزارة العمل التي تلقَّت أمس دعماً من فريقَي النزاع.

وإلى الموافقة التي أعطاها رئيساً نقابتي العمّال والموظفين في الكازينو على مبادرة وزير العمل سجعان قزي الجديدة، تلقّى قزي مساء أمس كتاباً رسمياً من مجلس إدارة كازينو لبنان رحّب فيه بالدعوة التي أطلقَها إلى اجتماع يُعقَد غداً بين رئيس مجلس الإدارة حميد كريدي وممثّلين لنقابتي العمّال للبحث في مصير المصروفين من العمل.

وجاء في الكتاب الذي تلقّت “الجمهورية” نسخةً منه “أنّ مجلس الإدارة يتقدّم بجزيل الشكر على جهوده ومساعيه لإيجاد حلول لقضية العمّال المصروفين… ويبدي رغبتَه بالتواصل والتعاون مع معاليه للوصول إلى الحلول المناسبة”.

قزّي

وقال قزي لـ”الجمهورية”: “إنّ الاجتماع الأوّل لفريقي الخلاف سيُعقَد غداً الثلثاء، وسأطرح عليهما ماهية الوساطة وإطارها القانوني ومنهجية الحلول. وسأدعو الإدارة إلى تجميد قرارت الصرف، والعمّال والموظفين إلى العودة لفتح الكازينو في مهلة تمتدّ للأيام الخمسة عشرة المقبلة، على أنّها المهلة الكافية لدرس الملفّات بالتعاون بين جميع الأطراف”.

وأضاف: “الكباش لا يؤدّي الى حلّ، فالحلول الإجتماعية والإنسانية لا تقوم على منطق الكسر والغالب والمغلوب، وليتقدّم منطق الحقّ والقانون والاعتبارات الاجتماعية والإنسانية على ما عداه”.

شلّ حركة المرفأ

أمّا في ملف المرفأ، فكما أشارت “الجمهورية” السبت الماضي، يتوقّف العمل في مرفأ بيروت ابتداءً من اليوم وحتى إشعار آخر، بفعل الإضراب الشامل الذي ستنفّذه نقابة مالكي الشاحنات العمومية في المرفأ بالتنسيق والتعاون مع عدد من نقابات وعمّال المرفأ، ما سيؤدّي الى شلّ الحركة فيه منذ الصباح، وذلك احتجاجاً على استئناف ردم الحوض الرابع وتجاهل مواقف النقابات العمّالية ومعها مواقف الأحزاب المسيحية الخمسة الأخرى وبكركي التي تمنَّت على رئيس الحكومة استيعابَ الأمر واستعادة الموضوع من هيئة إدارة المرفأ وإعادتِه الى مجلس الوزراء لبَتّه.

ويعقد رئيس نقابة مالكي الشاحنات العمومية في المرفأ نعيم صوايا مؤتمراً صحافياً الحادية عشرة والنصف قبل ظهر اليوم يكشف فيه عن الخطوات اللاحقة التي ينوي المضرِبون بلوغَها في المراحل المقبلة.

ويرفض الداعون الى الإضراب، والذين حَظوا بتأييد المكاتب والمصالح العمالية في الأحزاب المسيحية الخمسة امتناعَ المعنيين من إدراجَ الموضوع على جدول اعمال مجلس الوزراء الذي دُعي إلى الانعقاد في العاشرة من قبل ظهر بعد غد الأربعاء، والذي جرى تعميمه السبت الماضي على الوزراء، من غير الإشارة الى هذا الملف في أيّ بند من بنوده الـ 34 المدرَجة عليه، وهي في معظمها إدارية وماليّة عادية، بالإضافة إلى بندٍ خاص بتوزيع مستحقّات البلديات من عائدات الهاتف الخلوي بناءً لاقتراح وزير الاتصالات بطرس حرب، وإحالة المتّهمين بتفجيرَي جبل محسن في طرابلس إلى المجلس العدلي بناءً على طلب وزير العدل اللواء أشرف ريفي، وقبول هبات لوزارة الدفاع لدعم الجيش، والبَت بسلسلة من سلفات الخزينة إلى وزارات ومؤسسات عامة.

وتعليقاً على تجاهل مجلس الوزراء هذا الملف قال مصدر وزاري لـ”الجمهورية” إنّ المساعي مستمرّة لمناقشته في جلسة مجلس الوزراء في جلسة بعد غد الاربعاء من خارج جدول الأعمال، خصوصاً أنّ الإضراب وشلَّ الحركة في أكبر المرافئ اللبنانية سيدفع إلى طرح هذا الموضوع.

السابق
هل يبلغ الإصلاح مستشفى صيدا الحكومي؟ 
التالي
دلالات انسحاب «الدولة الإسلامية» من كوباني