إرهاب «النصرة» يلاحق اللبنانيين: 6 شهداء في دمشق

كتبت “السفير” تقول : لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الرابع والخمسين بعد المئتين على التوالي.
لاحق الإرهاب اللبنانيين مرة أخرى الى سوريا، مستهدفاً من جديد زوار المقامات الدينية، الذين سقط منهم أمس ستة شهداء وعدد من الجرحى، وسط دمشق، خلال انتقالهم في حافلة من مقام السيدة رقية الى مقام السيدة زينب.
ويأتي هذا الاعتداء عشية انعقاد الجلسة الخامسة من الحوار غداً بين “حزب الله” و”تيار المستقبل”، والتي ستستكمل البحث في كيفية تحصين الوضع الأمني وتخفيف الاحتقان المذهبي.

وأبلغ الرئيس نبيه بري زواره أمس أن بلدية بيروت ستبدأ، بناء على إيعاز وزارة الداخلية، بإزالة العلامات الحزبية من مناطق العاصمة خلال هذا الاسبوع، مؤكداً ان بيروت ستخلو من الشعارات والصور والأعلام، في إطار تطبيق ما كان قد اتفق عليه بين “الحزب” و”المستقبل”، بحضور الوزير علي حسن خليل.

وانتقد بري الكلام السلبي الذي صدر عن البعض حيال خطاب السيد حسن نصرالله، مؤكداً أن هذه السلبية لن تؤثر على مسار الحوار الذي سيستمر لقناعة طرفيه بضرورة متابعة هذه الطريق، “علماً أننا كنا قد اتفقنا منذ البداية على تحديد النقاط التي ستُناقش، ضمن جدول أعمال واضح لا يشمل سلاح المقاومة والتدخل في سوريا والمحكمة الدولية”.
وفي سياق متصل، قال وزير الداخلية نهاد المشنوق لـ”السفير” إن حملة إزالة الشعارات والأعلام والصور الحزبية ستنطلق هذا الاسبوع، موضحاً انها ستشمل بيروت وصيدا وطرابلس والطريق الساحلية، ومناطق أخرى.

وأعرب المشنوق عن اعتقاده بأن جلسة الحوار المقبلة مع “حزب الله” ستكون “صعبة”، بعد الخطاب الأخير للسيد حسن نصرالله، مشيراً الى ان وفد “المستقبل” سيبدي رأيه بصراحة في هذا الخطاب. وأضاف: لكن المهم ان الحوار سيستمر برغم صعوبته.

تفجير دمشق
في هذه الأثناء، أرخى الاعتداء الذي تعرضت له حافلة تنقل زواراً من حملة “عشاق الإمام الحسين”، في دمشق، ظلاله القاتمة على الداخل اللبناني.
فبعد تجربة مخطوفي أعزاز، مجموعة أخرى من اللبنانيين تدفع ثمن الإرهاب التكفيري، عبر هجوم إجرامي تبنته “جبهة النصرة” واستهدف حافلة كانت تقل زواراً، أثناء توجههم الى زيارة مقام السيدة زينب، وتحديداً قرب أحد مداخل سوق الحميدية، ما أدى الى استشهاد ستة وجرح قرابة 22 غادر معظمهم مستشفيات دمشق، وعادوا مع الناجين الى بيروت، حيث كان ذووهم في استقبالهم امام مقر حملة “عشاق الإمام الحسين” في الضاحية الجنوبية.

وبينما أفادت بعض المعلومات الأولية ان الانفجار ناتج عن انتحاري فجّر نفسه، أكد مصدر في الشرطة السورية أن التفجير تم بعبوة ناسفة زرعت في مقدمة الباص.
وأوضحت مصادر لوكالة “سانا” أن زنة العبوة تقدر بخمسة كيلوغرامات من المواد المتفجرة، فيما أشارت معلومات أمنية الى انه جرى تفكيك عبوة إضافية كانت في منتصف الحافلة.

وعُلم أن التفجير وقع بالقرب من نصب لصلاح الدين يجاور مدخل دمشق القديمة لجهة سوق الكلاسة، حيث جرت العادة أن يتم ركن الحافلات في هذه المنطقة ليتوجه الزوار الى الداخل سيراً على الأقدام، أولاً لأنه لا يمكن دخول السيارات لصعوبة الحركة وضيق الحارات، وثانياً بحكم الإجراءات المشددة عند بوابات المدينة القديمة التي تعد إحدى اكثر المناطق هدوءاً في العاصمة، ولم يسبق أن تعرضت لتفجيرأو لسقوط صواريخ، باستثناء وحيد طاول المسجد الأموي قبل سنة ونصف السنة تقريباً.

دلالات الاعتداء
وفي انتظار استكمال التحقيقات حول ظروف ما حصل، يمكن التوقف عند الدلالات الآتية للتفجير الإرهابي في العاصمة السورية:

– وقع الاعتداء بعد يومين على خطاب السيد نصرالله، الذي اتهم فيه “النصرة” بأنها حليف طبيعي لإسرائيل و”جيش لحد” جديد، ما يوحي بأن الرسالة الدموية موجهة في توقيتها ومضمونها الى “حزب الله”.

– أتى الاعتدء على الزوار المنتمين الى بيئة المقاومة بعد قرابة أسبوعين على الغارة الإسرائيلية التي استهدفت موكب “حزب الله” في القنيطرة السورية، الأمر الذي يعزز الاعتقاد السائد لدى كثيرين بأن هناك تقاطعاً في الأدوار بين العدو الإسرائيلي وبعض الجماعات المتطرفة.

– يؤشر اختيار دمشق للهجوم على هدف مدني لبناني، الى أن قدرة المجموعات الإرهابية على اختراق العمق اللبناني وبيئة “حزب الله” لتنفيذ عمليات تفجير، باتت محدودة جداً، بفعل الإجراءات الاحترازية المشددة المتخذة من قبل الجيش والقوى الأمنية و “حزب الله”.

– يوحي تنقل حافلات للزوار اللبنانيين في شوارع دمشق وعلى الطرق المؤدية الى المقامات الدينية، بنوع من الاسترخاء في الإجراءات الاحترازية، لا يتناسب وخطورة التهديدات الأمنية المحدقة باللبنانيين، في وطنهم او في سوريا، بفعل هجمة الإرهاب الذي لا يميز بين جنسية وأخرى، أو بين مقاتلين ومدنيين.

– يُفترض بأصحاب الشأن، خصوصاً مديري “الحملات”، إعادة النظر في تنظيم رحلات دينية الى سوريا، في هذه الظروف الدقيقة التي لا تحتمل المغامرة والمجازفة. وإذا كانت زيارة المقامات تُعدّ بالنسبة الى البعض مقدسة، إلا أنه لا يجوز في الوقت ذاته تسهيل مهمة الإرهابيين والتبرع بأهداف سهلة لهم.

– سبق لـ “حزب الله” و”حركة أمل” ان تمنيا، في أعقاب أزمة مخطوفي أعزاز، الامتناع عن تنظيم رحلات زيارة جماعية عبر البر السوري، تجنباً للمخاطر الأمنية، وهو التمني الذي يجب إعادة تفعيله بعد الهجوم الإرهابي الجديد، علماً أن المشكلة التي تواجه “الحزب” و “الحركة” هي أنهما لا يستطيعان إلزام من هم خارج صفوفهما التنظيمية بهذا الخيار.

الى ذلك، قال وزير الداخلية نهاد المشنوق لـ “السفير” إن الاعتداء الذي استهدف الزوار اللبنانيين في دمشق يشكل جريمة لا تُغتفر، طالت مواطنين أبرياء، قُتلوا ظلماً وعدواناً. وشدد على أنه لا يوجد أي سبب سياسي او مذهبي يمكن أن يبرر هذه الجريمة، متقدماً بالتعازي الى أهالي الشهداء.

وأصدر “حزب الله” بياناً، اعتبر فيه أن “ما يقوم به هؤلاء المجرمون في أنحاء العالم من تفجيرات وقطع للرؤوس وتدمير للمقدسات وانتهاك للحرمات يجب أن يكون حافزاً لجميع القوى العاقلة والحيّة في الأمة وفي العالم لتركيز الجهود على محاربتهم والقضاء عليهم، بعدما أصبحوا أداة إجرامية في يد الكيان الصهيوني”.

(السفير)

السابق
لا تراهنوا على تغيير حزب الله استراتيجيته
التالي
«النصرة» تردّ على«حزب الله» بتفجير أبرياء برّي: نصرالله لم يذكر خرق الـ1701