القضاء على ذاكرة حرج بيروت

من ضمن المشاريع المقترحة من قبل بلدية بيروت لحلّ أزمة مواقف السيارات في طريق الجديدة مشروع نقل ملعب بيروت البلدي إلى حرج بيروت، إلاّ أنّ هذا الحل المقترح يخلق أزمة جديدة بحسب جمعيات المجتمع المدني وأهمها تقليص البقعة الخضراء الوحيدة في بيروت.

عند مجالسة أبناء بيروت والحديث عن أيام وليالي بيروت الماضية، لا يمكن أن ينتهي الحديث دون التطرق إلى حرج بيروت، وعن الذكريات التي تربط أبناء المدينة به، عن قصة حب بدأت وانتهت في الحرج، عن لقاءات ومواعيد بين الأصدقاء والأحبة، وعن فسحة الحرية التي كان يجسدها الحرج لأطفال بيروت للعب واللهو في المساحة الخضراء الوحيدة بعد الفورة العمرانية التي اجتاحت بيروت.

إلاّ أنه ومع الوقت ومنذ إثني عشر عاماً عندما بدأ ترميم الحرج، أقفل أمام أبناء بيروت بحجة الصيانة، وبعد الإنتهاء من الصيانة يلزم كل من يريد الدخول إلى الحرج تصريح مسبق من قبل المحافظ، وبدل أن تعمل البلدية على إعادة فتح الحرج لأبناء بيروت، تقدمت بمشروع نقل ملعب بيروت البلدي إلى الحرج، والذي أصبح في مجلس الإنماء والإعمار بتكليف من مجلس الوزراء لدراسته، وتنفيذ هذا المشروع يؤدي إلى مشاكل عديدة يشرحها المدير التنفيذي في جمعية «نحن» محمد أيوب في حديث لـ«جنوبية».

«الحرج هو البقعة الخضراء الوحيدة في بيروت، وعلى البلدية المحافظة عليها وليس الإقتطاع منها من أجل تحويل ملعب بيروت البلدي إلى مرأب للسيارات!»، يقول أيوب.

«ملعب بيروت البلدي هو من المعالم التراثية للطريق الجديدة وإزالته من المنطقة من دون أخذ رأي أهلها هو تصرف غير مقبول». وعن إقامة منتزه للأطفال والكبار ومكتبة عامة مكان الملعب، إضافة إلى مرأب السيارات يقول أيوب: «الهدف الرئيسي من نقل الملعب هو إيجاد مرآب للسيارات لحل أزمة السير، أما الباقي فهو لعب على الكلام».

ويتابع أيوب: «نعم هناك أزمة مواقف سيارات ليس في طريق الجديدة فقط بل في كل بيروت، والحل يكون بوضع استراتيجية لتطوير النقل العام المشترك وتشجيع الناس على استخدامها، وهذا يخفف من زحمة السير وشراء السيارات، أمّا خلق مواقف جديدة للسيارات يحلّ المشكلة لفترة مؤقتة، لأن تأمين مواقف يشجع على شراء سيارات، وبالتالي تشجيع التلوث والزحمة».

أما عن نقل إقتراح البلدية لنقل الملعب إلى الحرج يؤكد أيوب أن «إضافة مدرّج في حرج بيروت هو خطأ علمي وتشويه للتراث والبيئة، إضافةً إلى تقليص المساحة الخضراء، ونقل الزحمة والضجة إلى الحرج، وهو المكان الذي يجب أن يكون هادئ، ويقصده أهالي المدينة للإسترخاء والإبتعاد عن الضجيج والزحمة».

ويضيف: «مشروع نقل الملعب إلى الحرج، حوله مجلس الوزراء إلى مجلس الإنماء والإعمار لدراسته، ولكن نحن كجمعية والمجتمع المدني لن نقبل بهذا التشويه الفادح للحرج، بغية إفادة شركات خاصة من خلال تلزيمها إدارة الحرج والصيانة».

ومن أهم المطالب الآن برأي أيوب هو «فتح فوري للحرج أمام جميع الناس، وحجة البلدية بعدم استطاعتها إدارة الحرج والإنتظار لتلزيم الإدارة لشركات خاصة هي حجج غير مقبولة، فالبلدية تستطيع إدارة الحرج عبر الإستعانة بموظفين كفوئين، وتدريب الـ700 حرس الموجودين في البلدية».

ويختم أيوب: «ومن أهم ما يجب أن تفعله البلدية في أسرع وقت هو إعادة ربط الناس بالحرج، عبر إعادة الحرج لتاريخه وبساطته وثقافته التي كانت سائدة أيام الماضي، عليهم إعادة ذاكرة حرج بيروت لأهلها».

وعن الجو العام في الطريق الجديدة حول إقتراح البلدية، يقول زياد عيتاني: «هناك كلام عن إقامة مجمع تجاري بدل الملعب إضافة إلى مرأب للسيارات تحت الملعب، وهذا إقتراح جيد يفيد أهالي المنطقة، لأنه في طريق الجديدة أزمة حقيقية في الإزدحام وعدم توفر مواقف للسيارات، إضافةً الى مشكلة حقيقية وهي البطالة بين أبناء المنطقة وهذا المجمع التجاري سيخلق فرص عمل لأبناء المنطقة وتنشيط الحركة التجارية».

ويضيف: «أما إذا كان الهدف هو موقف للسيارات فقط فبالطبع سيكون هناك معارضة من قبل أهالي المنطقة، لأن هناك إرتباط بينهم وبين الملعب ».

السابق
بين البروجردي ورستم غزالي
التالي
مجلس لمكافحة الإدمان في صيدا يكشف المستور بالأرقام!