حنّا غريب.. هنا أخطأ وهنا أصاب

حنّا غريب اليوم لا يملك ميليشيا وراءه، ولا قطاعي طرق، ولا "زعران" شوراع، ولا سرايا مقاومة هنا، وفهوداً هناك تعيده الى المشهد، وإن كان عليه ان يفعل شيئاً للعودة الى المشهد السياسي فمن واجبه ان يملك القدرة على نقد موضوعي للتسرع، والتراجع عن ارضاء تلك الطبقة السياسية التي اثبتت انها تختلف على كل شيء وتتوحّد لإفقار الشعب.

على مدى أكثر من عامين تصدّر المشهد في البلد، ولعله من أندر الوجوه التي حققت زعامة لبنانية على حساب مطالب اجتماعية لا على حساب الوراثة السياسية.

هو من بيئة العمال المهمشين الذين يحلمون بترقية هنا وزيادة في الأجر هناك، هو بالتحديد يشعر بالفقر، هو عند البعض صورة للزعيم الشعبي الذي يشبههم، فهو المواطن الذي يصل الى اخر عشرة أيام من الشهر وجيبه فارغاً من المال.

هو هذا المواطن الذي يملك حساباً شهرياً عند البقال، ويستدين طوال الشهر بعض المعلبات بخجل كي يطعم أولاده، وقبل استلامه للراتب يبدأ مثلنا بتقسيمه على من اقترض منهم طوال الشهر، هو زعامة حقيقة اتفقت مع قراراته ام لم تتفق، فهو التعبير الحقيقي عن وجع الناس.

حنا غريب الزعيم الوحيد الذي اخترق بث المحطات اللبنانية المقسمة طائفياً، وصاحب المظاهرة الشعبية التي لم يختلف على عددها محطات الثامن والرابع عشر من أذار، والذي ظهر على الشاشات بدون ربطة عنق، وكاسة ماء يشرب منها قليلاً عندما يتلعثم بالكلام رغم أنه لم يطلب من المقدم مراجعة أسئلة الحلقة قبل الظهور فيها.

رغم كل ذلك وللأمانة لم يكن حنا غريب هذه الحالة لولا ضعف هذه الطبقة السياسية، وتماديها بالسيطرة على المؤسسات والمنشأت الوطنية في هذا البلد، ولولا تلك الحالة السياسية التي انهكتنا بخلافاتها المصطنعة ونظرياتها بتحويل الإتجاه من الكارثة الإقتصادية الى التجاذبات السياسية الفارغة والتي لم ولن تنته.

بالأمس خرج حنا غريب منكسراً من المعركة النقابية حيث ذابت زعامته ليس بعد اتفاق المكونات السياسية على اخراجه من الحياة المطلبية الإجتماعية، بل عندما تراجع عن عبارة “حيتان المال”، وهرول سريعاً لمجلس النواب لإرضائهم، وأخطأ عندما اعطى الحق بالكلام في عيد العمال الأخير في الأونيسكو لمسببي حالة الأفقار الشعبي.

أخطأ حنا غريب عندما وقع في الفخ بمقاطعته تصليح الإمتحانات الرسمية واخراج جيل غير كفوء سيُعلّق فشله على شماعة “المُقاطع”.

أخطأ حنا غريب المتسرع والمتهور مراراً وتكراراً لكنه للإمانة، لم يسرق، لم يقتل، ولم يكن قائد ميليشيا أو زعيم حرب، او صاحب جنسيتين لبنانية وأخرى أجنبية.

حنا غريب اليوم لا يملك ميليشيا وراءه، ولا قطاعي طرق، ولا “زعران” شوراع، ولا سرايا مقاومة هنا، وفهوداً هناك تعيده الى المشهد، وإن كان عليه ان يفعل شيئاً للعودة الى المشهد السياسي فمن واجبه ان يملك القدرة على نقد موضوعي للتسرع، والتراجع عن ارضاء تلك الطبقة السياسية التي اثبتت انها مختلفة على كل شيء وموحدة على إفقار الشعب.

السابق
حول صدام القيم الحضارية
التالي
لقد خذلنا حزب الله