رسالة إسرائيلية لـ«حزب الله» عبر البريد الروسي! كيف «تسرّب» المولوي إلى.. عرسال؟

كتبت “السفير” تقول : لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم السابع والأربعين بعد المئتين على التوالي.
واصل الجيش أمس، تشييع شهدائه الذين سقطوا في معركة تلة الحمرا في جرود راس بعلبك، حيث توزعت المآتم على البقاع والجنوب وعكار، في تعبير إضافي عن الهوية الوطنية للجيش، وتضحياته العابرة لحدود الطوائف والمذاهب.

لكن الإرهاب المتنقل لم يمنع الدولة بكل قواها السياسية والحزبية ومرجعياتها الدينية من السفر الى الرياض للتعزية بوفاة الملك عبد الله، بحيث تمدّد “الشغور”، لبضع ساعات، من الرئاسة في قصر بعبدا الى الجمهورية بأكملها.
وإذا كانت كل الدول “الطبيعية” قد شاركت في مراسم التعازي عبر مسؤوليها الرسميين حصراً، فإن لبنان حضر بـ “دوله المستترة” التي تمثل كلٌ منها بوزراء ونواب وسياسيين ورجال دين، في انعكاس للواقع اللبناني المتشظي.

المولوي الى عرسال
وبينما أحكم الجيش قبضته على “تلة الحمرا” وواصل تعزيز مواقعه في جرود راس بعلبك، أبلغت مراجع أمنية واسعة الاطلاع “السفير” أن المطلوبين شادي المولوي وأسامة منصور غادرا مخيم عين الحلوة بالفعل، كاشفة عن ان المولوي بات موجودا في منطقة عرسال، وبالتالي أصبح جزءاً من معادلة المجموعات الإرهابية هناك، بينما لا يزال التدقيق جارياً في الوجهة التي يمكن أن يكون منصور قد قصدها.

ويطرح هذا التطور المستجد تساؤلات جديدة حول الطريقة الغامضة التي غادر بها المولوي المخيم كما كان قد دخله، وكيفية نجاحه في عبور المسافة الطويلة الممتدة من عين الحلوة الى أقصى البقاع من دون ان يتم ضبطه، ومن ثم كيفية تمكنه من “التسرّب” الى منطقة عرسال؟

لكن مغادرة المولوي ومنصور للمخيم لا تعني أن ملف “عين الحلوة” طوي، مع وجود أسماء أخرى مطلوبة لأجهزة الدولة اللبنانية التي تنتظر من الفصائل الفلسطينية المساهمة في تسليم المطلوبين بأسرع وقت ممكن.

وعُلم أن ممثلي الفصائل أبلغوا وزير الداخلية نهاد المشنوق أن “عين الحلوة” تحت سقف القانون والدولة، وأنه من المرفوض أن يتحول الى ملاذ آمن للفارين من وجه العدالة، وتمنوا معالجة مسألة المطلوبين بهدوء، معربين عن استعدادهم للتعاون في سبيل التجاوب مع توجهات السلطة اللبنانية من جهة، وإراحة المخيم من جهة أخرى.

وقال المشنوق لـ “السفير” إن “الفرصة ستعطى في المرحلة الاولى للمعالجة السياسية، لكننا لن نتراجع عن طلبنا تسليم المطلوبين”، موضحاً أنه أبلغ الفصائل الفلسطينية هذا الموقف، وأكد لهم أن استمرار الواقع الحالي في المخيم ليس لصالح الفلسطينيين ولا لصالح العلاقات المشتركة.

وشدد المشنوق على أن التجربة الحالية في مقاربة قضية المطلوبين الفارين الى عين الحلوة لا علاقة لها بما سبق، “ونحن جادون في ما نطرحه، وما حصل في سجن رومية مؤخراً إشارة يجب أن يلتقطها المعنيون”.

ووضع المشنوق معركة جرود راس بعلبك في إطار المواجهة المفتوحة على الحدود الشرقية، معتبراً أن المجموعات المسلحة تحاول انتهاز أي فرصة لضرب هدف عسكري للجيش، “وعلينا من جهتنا أن نكون في أقصى جهوزية”.

وحول دلالات البيان الصادر عن السفارة الأميركية في بيروت، والذي حذّر الاميركيين من السفر الى لبنان ودعا المتواجدين فيه الى اتخاذ جانب الحيطة والحذر، قال المشنوق: لم يتشاور معنا الأميركيون مسبقاً في شـأن هذا البيان، كما درجت العادة في حالات مماثلة، ويبدو أن التحذير الذي أطلقوه يعود الى تقارير أمنية متصلة بالأحداث التي حصلت في الأيام الماضية.
وأوضح المشنوق أن الخطة الأمنية المخصّصة للبقاع الشمالي لم تنطلق رسمياً بعد، مشيراً الى مواصلة التحضيرات للمباشرة فيها.

استئناف الحوار
ومن المتوقع أن تحضر التطورات الأمنية الأخيرة، لاسيما مواجهة راس بعلبك، على طاولة البحث في جلسة الحوار الرابعة التي تعقد بين وفدي “حزب الله” و”تيار المستقبل” في عين التينة اليوم، الى جانب استكمال النقاش في جدول الاعمال المقرر.
وأجواء الحوار بين “حزب الله” و “تيار المستقبل” حضرت في السعودية خلال لقاء سريع جمع الرئيس نبيه بري مع الرئيس سعد الحريري، خلال تقديم التعازي بوفاة الملك عبد الله، حيث تداولا في مسار الحوار.

“حزب الله”
وبينما لم تُسجّل مشاركة أي شخصية تمثل “حزب الله” في تعازي الرياض، صدر أمس، موقف هو الأول من نوعه عن قيادة الحزب حيال اعتداء القنيطرة. فقد قال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم خلال احتفال تأبيني للشهيد جهاد عماد مغنية، في الضاحية الجنوبية: إن الاعتداء في القنيطرة هو محاولة صهيونية لتكريس معادلة جديدة، مشددا على ان “اسرائيل ليست في وضع يسمح لها بفرض برنامجها ومعادلاتها ولا تستطيع اخضاع المنطقة لحساباتها، فهي اعجز من ان ترسم خطوات وقواعد جديدة”.

اسرائيل تتوسط روسيا!
وفي انتظار “الكلمة ـ الموقف” للأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله يوم الجمعة المقبل، تواصلت تل ابيب، أمس، مع موسكو من أجل محاولة استخدام نفوذها لدى كل من دمشق وطهران و “حزب الله”، لتنقل الى هذه الاطراف رسالة مفادها أن إسرائيل “ليست في وارد التصعيد وتسخين “الجبهة الشمالية” ولكنها أيضاً لا تقبل بإقامة قواعد لجماعات “إرهابية” قرب حدودها”، على حد تعبير الاذاعة الاسرائيلية.
ووفق الإذاعة، فإن وزير الخارجية الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان الذي وصل، أمس، الى موسكو، في زيارة قصيرة، “سيبحث مع المسؤولين الروس في الأوضاع المتوترة على الحدود الشمالية مع سوريا ولبنان”.

وتزامن وصول ليبرمان مع استمرار حالة الارتباك في صفوف الجيش الاسرائيلي والمستوطنين على طول الحدود الشمالية، وآخر فصولها رفع درجة التأهب في أعقاب الاشتباه بعملية تسلل في منطقة تلة راميم في منطقة اصبع الجليل، فأغلق عدد من الطرق في المنطقة الحدودية وتم الدفع بقوات كبيرة إلى المنطقة.

كما أصدر الجيش تعليمات لسكان مستوطنات “يفتاح” و”مسكاف عام” و”المالكية” و”المنارة” بضرورة التزام منازلهم وعدم الخروج منها، وذلك قبل التراجع عن هذه الاجراءات، مساء أمس، بعد حملة تمشيط ومراقبة تقرر في ضوئها اعادة فتح الطرق والسماح للمستوطنين بالتجوال.
يذكر أنها المرة الثانية التي تعلن فيها حالة الاستنفار في هذه المنطقة منذ عملية القنيطرة الاحد في 18 كانون الثاني الماضي.

وفيما أظهر استطلاع رأي لمصلحة “جيروزاليم بوست” أن 40 % من الاسرائيليين يعتبرون أن الاعتبارات السياسية والانتخابية كانت الدافع الاساس وراء هجوم القنيطرة، حاول وزير الحرب موشيه يعلون طمأنة المستوطنين، أمس، بقوله للاذاعة الاسرائيلية “لقد قمنا بتعزيز قواتنا، ومع ذلك لا يوجد ضرورة لتشويش مجرى الحياة الطبيعية في الشمال، لكن من يحاول المس بـاسرائيل بتنفيذ تهديداته سيدفع ثمناً باهظاً بما فيها دول”. وختم أن المجموعة التي استهدفت في القنيطرة “كانت جزءاً من التعاون بين ايران وحزب الله الذي يهدف الى تنفيذ عمليات نوعية في الجولان مثل عمليات تسلل الى داخل المستوطنات واطلاق صوارخ باتجاه اهداف اسرائيلية”.

سلام: الحكومة “غير مريحة”
على صعيد آخر، ومع استمرار الانسداد في افق الاستحقاق الرئاسي، يبدو ان الحكومة التي تملأ الشغور، تعاني من “أمراض مستعصية”، آخذة عوارضها في التفاقم، بفعل عدم انتظام عمل مجلس الوزراء، تحت وطأة الآلية المعتمدة لاتخاذ القرار، والتي تستند الى قاعدة “التوافق الالزامي”.

وقال الرئيس تمام سلام لـ “السفير” إن عمل مجلس الوزراء تحول الى معاناة دائمة تتخذ اشكالا مختلفة، خصوصا في ظل الشغور الرئاسي، والحكومة تمر في وضع غير طبيعي وغير مريح، لكن مع ذلك لم يتوقف التفكير في كيفية استيعاب هذا الوضع وسبل تحسين انتاجية الحكومة لمواجهة الاستحقاقات الكثيرة المنتظرة بأفضل الوسائل.

السابق
ثلاثة أهداف لـ«داعش» في هجوم رأس بعلبك
التالي
73 جهاديا فرنسيا قتلوا «على مسرح العمليات الإرهابية» في سوريا والعراق