إذا كنتِ متزوجة…فأنتِ ممنوعة من هذه الوظيفة في الدولة اللبنانية!

في نيسان 2014، عمَت فرحة النساء في أرجاء لبنان، وأخيراً التفت السياسيون اليهن ولاحظوا انهن يتعرضن للعنف بكل أشكاله، ففي الأول من ذلك الشهر أقرّ مجلس النواب قانون “حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري”. هذه الخطوة المهمة بالنسبة للمرأة وحمايتها وإعطائها حقوقها في بلد يدّعي أن المرأة اللبنانية تمثل أيقونة التحرر والحرية، غير أن هذا القانون، للأسف، لم يحمِ المرأة من الدولة التي تهدر حقوق المواطنة اللبنانية، وفي أي فرصة تسنح تمنعها من وظيفة لأنها بكل بساطة… “متزوجة”!

في الأسابيع القليلة الماضية، نشر موقع مجلس الخدمة المدنية تعميماً أعلن فيه أنه ستنظم مباراة لملء المراكز الشاغرة في وظائف الفئة الثالثة في السلك الخارجي في ملاك وزارة الخارجية والمغتربين. موقع وظيفي يحلم كثيرون، من خريجي الجامعات، اناثاً وذكوراً، بأن تسنح لهم الفرصة في اجراء الامتحان ليدخلوا عالم الديبلوماسية. رلى كانت تحلم بوظيفة مماثلة، صديقها أرسل لها شروط “الاشتراك في المباراة”، المقسمة بين الشروط العامة والشروط الخاصة.
اذ ان أبرز الشروط العامة السبعة التي تم فرضها للاشتراك في المباراة:
1- أن يكون الشخص لبنانياً منذ عشر سنوات على الأقل .
2- أن يكون قد أتمّ العشرين من العمر ولم يتجاوز بتاريخ إجراء المباراة الخامسة والثلاثين (سواء أكان من الموظفين أم من غير الموظفين).
3- أما بالنسبة للمرشحة، فيشترط أن تكون “عزبـاء” سنداً لنص الفقرة الأخيرة من المادة / ” سندا ١٢/ من مشروع القانون الصادر بالمرسوم رقم ١٣٠٦ تاريخ 18-6-1971 ( نظام وزارة الخارجية والمغتربين وتحديد ملاكاتها العددية) على أن ترفق صاحبة العلاقة، اثباتاً لذلك، بيان قيد افرادي لا يعود تاريخه لأكثر من شهر من تاريخ تقديم الطلب . ً
4- وأن يكون سليماً من الأمراض والعاهات التي تحول دون قيامه بأعباء الوظيفة .

كيفية وضع الشروط

الوزير السابق والرئيس السابق لمجلس الخدمة المدنية خالد قباني شرح لـ”النهار كيف يتم وضع شروط الاشتراك في المباريات لملء مركز شغور وظيفي في الدولة اللبنانية، وذلك عبر مجلس الخدمة المدنية الذي يشرف على الادارات العامة، والذي يستشار في كل مشروع قانون يتعلق بالوظيفة العامة.
ويشير قباني إلى أن العملية تبدأ بالوزارة المعنية التي تضع مشاريع القوانين قبل إحالتها الى مجلس الخدمة المدنية الذي يراجع المشاريع ويدقق بما تطلبه الوزارات، وبدوره يحيلها الى مجلس النواب لدراستها ومن ثم تتم إحالتها الى مجلس الوزراء للموافقة الأخيرة.
وعن الشرط المطروح في هذه الوظيفة بأن تكون السيدة “عزباء”، شرح قباني ان “وزارة الخارجية هي التي حددت الشرط وفق مشروع قانون أحيل الى مجلس الخدمة المدنية ومن ثم الى مجلس النواب فمجلس الوزراء”.
مصدر في وزارة الخارجية قال لـ”النهار” أن اشتراط أن تكون السيدة عزباء لتحظى بالوظيفة يتصل بقانون تنظيم وزارة الخارجية والمغتربين، مشيراً الى محاولات عدة جرت خلال السنوات العشر الأخيرة لاعادة النظر في هذا التنظيم، “الا انها كانت تصطدم بالعوائق السياسية وأولويات الملفات الداخلية”.
ورفض المصدر الاتهام بالتمييز ضد المرأة مسمياً عدداً من النساء المتزوجات اللواتي يتبوأن مناصب ديبلوماسية في الدولة اللبنانية، وقال: “هناك 36 سيّدة ملتحقات بالسلك الديبلوماسي”.

وزير الخارجية الأسبق فوزي صلوخ، قال لـ”النهار” أن الشروط استندت الى مشروع القانون الصادر بالمرسوم رقم ١٣٠٦ تاريخ 18-6-1971 ( نظام وزارة الخارجية و المغتربين و تحديد ملاكاتها العددية).
ولفت الى أنه لم تصله أي شكوى في فترة التي كان فيها وزيراً، رغم أنه تم خلال عهده إجراء مباريات عدة.
وأكد صلوخ أحقية مطالبة المرأة بالمساواة مع الرجل في ما يتعلق بتكافؤ الفرص بين الجنسين، لكنه قال: “للأسف الوضع في لبنان غير مستقر والتركيز على مثل هذه الأمور ثانوي”.
الناطقة الاعلامية في جمعية “كفى” مايا عمار أكدت أن الأمر مرفوض، ” الشرط نفسه لم ينطبق على الرجل، هذا يعتبر تمييزاً ضد المرأة وتمييز من حيث الفرص لأننا نحن نؤمن بالمساواة في الفرص بين الرجل والمرأة”، مضيفة ان “هذا يعيق مشاركتها في الحياة العامة والوظيفية”. ورأت عمار ان “هذا التمييز سيؤدي الى أذى اقتصادي ومعنوي، كما انه يعتبر خرقاً للكثير من المعاهدات الدولية التي وقع عليها لبنان وهو ملزم بتطبيقها وابرزها معاهدة سيداو (القضاء على جميع افكار التمييز ضد المرأة الذي صادق عليها لبنان في العام 1996″، مشددة أنه في حال إلزامية فرض هذا الشرط، فينبغي تطبيقه على الجنسين.
من جهتها، رأت رئيسة رابطة المرأة العاملة إقبال دوغان أن شرط المشاركة في المباراة مخالف للدستور اللبناني، “هذا تمييز صريح وممنوع بحكم الدستور الذي أكد على المساواة”، لافتة إلى أنه كان على مجلس الخدمة المدنية رد هذه الشروط التي تتعارض مع دستورنا.
مرسوم تضعه الوزارة المعنية، تتم إحالته إلى مجلس الخدمة المدنية تترأسه السيدة فاطمة الصايغ، من ثم إلى مجلس النواب فمجلس الوزراء، كل هذه المراحل ولم يلاحظ أحد “تمييزا ” فاقعاً باللون الاحمر، فبدل أن تكمل دولتنا صون حقوق المواطنة اللبنانية ، تعمل بنفسها على طعنها.

(النهار)

 

السابق
مخابرات الجيش ضبطت في مجدل زون صاروخا غير معد للاطلاق موجها نحو فلسطين المحتلة
التالي
الجلسة الرابعة للحوار بين جزب الله والمستقبل : تأكيد على الموقف الثابت بدعم الجيش في مواجهة الارهاب