النهار : حِداد لبناني ووفود للتعزية.. والجيش يصدّ هجوماً شرساً

الجيش اللبناني

لم تكن أصداء رحيل العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز ومبايعة السعوديين الملك الخلف سلمان بن عبد العزيز والقيادة السعودية الجديدة أقل من حدث شغل مختلف الاوساط والقوى اللبنانية نظرا الى المكانة الكبيرة التي احتلها الملك الراحل لدى اللبنانيين في دعمه المتواصل للبنان وجيشه فضلا عن الدور المؤثر الواسع للمملكة في كل ما يتصل بالحرص على الاستقرار فيه. واذا كانت ردود الفعل الكثيفة التي صدرت من مختلف الاتجاهات على هذا الحدث والتي أكدت الثقة اللبنانية باستمرار نهج المملكة مع قيادتها الجديدة في دعم لبنان عكست الالتفاف اللبناني الواسع على الدور السعودي، فإن هذا الامر سيترجم اليوم بحركة الوفود اللبنانية الرسمية والسياسية والدينية والمدنية الى الرياض لتقديم التعازي بالملك الراحل وتهنئة الملك سلمان والقيادة الجديدة. ومن المنتظر ان يتوجه وفد رسمي يتقدمه رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء تمام سلام وعدد من الوزراء والنواب الى الرياض بعد ظهر اليوم لتقديم التعزية باسم الجمهورية اللبنانية فيما يتوجه وفد آخر يضم عددا كبيرا من القيادات السياسية والدينية والشخصيات والاعلاميين للغاية نفسها. وقد أعلنت رئاسة الوزراء الحداد الرسمي على العاهل السعودي الراحل ثلاثة أيام.
غير ان ما جرى امس من مواجهات اتسمت بشراسة وعنف بالغين بين الجيش اللبناني والتنظيمات الارهابية في جرود رأس بعلبك، شكل اختراقا قلقا للانشغالات الرسمية والسياسية بالحدث السعودي خصوصا ان التنظيمات المسلحة بدأت هجومها المفاجئ على موقع تلة الحمرا ساعية الى السيطرة عليه واحتلاله. وكلفت مواجهة هذه المحاولة الزج بأعداد اضافية من الوحدات العسكرية التي نجحت مساء في استرداد التلة كما في تكبيد المهاجمين أعدادا كبيرة من القتلى والجرحى فيما سقط للجيش عدد من الشهداء والجرحى وظل مصير عدد من العسكريين الذين فقد الاتصال بهم مجهولا الى حين تراجع الاشتباكات ليلا.
وأفاد مراسل “النهار” في بعلبك وسام اسماعيل الذي واكب اليوم الطويل من المعارك العنيفة التي شهدتها منطقة جرود رأس بعلبك ان الجيش استرد الموقع الاستراتيجي المتقدم في تلة الحمرا الذي أرادت التنظيمات الارهابية ان تسيطر عليه لحاجتها الى معبر لها علما انه أعلى نقطة في المنطقة التي تمتد على مسافة كيلومترين وتكشف رأس بعلبك ومراكز الجيش في المحلة وتبعد ستة كيلومترات عن بلدة رأس بعلبك وتحوطها المقالع الصخرية التابعة لأهالي البلدة. وشهدت البلدة استنفارا واسعا وتحفزا لأهاليها للانخراط في الدفاع عنها، بينما نشبت معارك عنيفة بين الجيش والمسلحين الذين علمت “النهار” من مصادر عسكرية انهم تدفقوا بكثافة ملحوظة في موجات التسلل الصباحية التي قاموا بها وقدروا بالمئات من تنظيمي “داعش” و”النصرة”، فتصدت لهم نقطة رصد عسكرية وصمدت امام هجماتهم ساعات عدة الى حين وصول الدعم من فوج التدخل والفوج المجوقل. وعمدت التنظيمات المهاجمة الى وضع عبوات ناسفة على طريق امدادات الجيش فيما بدأت مدفعية الجيش مدعومة بالطوافات بالقصف المركز العنيف لمواقع انتشار المسلحين ودارت معارك عنيفة طوال النهار الى ان تمكن الجيش من استرداد التلة.
وأكدت معلومات لـ”النهار” سقوط عدد كبير من المسلحين قدر بنحو 35 قتيلا، فيما سقط للجيش عدد من الشهداء بينهم ضابط وجرحى وفقد الاتصال بأربعة عسكريين. ولم يتضح مصير هؤلاء الاربعة وسط استبعاد ان يكونوا وقعوا رهائن في ايدي المسلحين، لان أي تنظيم لم يعلن خطف اي عسكريين. أما ما تردد عن خطف “جبهة النصرة” العسكري حسين دياب من جبل محسن فكذّبه العسكري دياب الذي اتصل بأهله مؤكدا انه بخير، لكنه أصيب ببعض الجروح. وأشارت المعلومات الى ان كل وحدات الجيش المنتشرة على الحدود الشرقية أعلنت الاستنفار الاقصى تحسبا لمزيد من محاولات الاختراق بعدما رصد الجيش توافد المسلحين من اكثر من محور وشددت على ان اتجاهات المواجهة امس كانت كافية لإفهام التنظيمات المسلحة استحالة نجاحها في السيطرة على اي بقعة لبنانية ولو نجحت في الاختراقات الاولية.
وقالت اوساط وزارية لـ”النهار” ان الحديث الذي جرى حول احراز تقدم في المفاوضات لإطلاق العسكريين المختطفين كان مجرد خداع من الخاطفين لشن اعتداء جديد يهدف الى خطف مزيد من العسكريين، علما ان الحكومة كانت تنوي اعتماد المقايضة لاستعادة المخطوفين. ورأت ان الحاجة صارت أكثر إلحاحا للاسراع في تزويد الجيش المعدات المطلوبة على غرار ما قامت به واشنطن في معركة عرسال الاولى عندما حوّلت شحنة أسلحة كانت مرسلة بحرا الى العراق الى لبنان. وفي هذا السياق ثمة حاجة الى التجهيزات التي تحمي الافراد لا بد من توفيرها عاجلا. وفي أي حال، أظهرت التطورات الاخيرة التفافا وطنيا واسعا حول الجيش وقت كانت الحكومة قد أقرت في جلستها الاخيرة سبعة مليارات ليرة لتعويض الاضرار التي لحقت ببلدة عرسال. وفيما كانت الانظار متجهة الى الرد المحتمل من “حزب الله” على إسرائيل على الغارة في القنيطرة، إذا بنا امام هجوم غادر على الجيش اللبناني بما يشير الى تلاقي مصالح بين اسرائيل والمهاجمين.
وتابع الرئيس سلام في اتصال مع قائد الجيش العماد جان قهوجي تطورات هذه المواجهة واستمع منه الى عرض للوضع الميداني مؤكدا له “دعمه الكامل للجيش في ما يقوم به دفاعا عن لبنان وصونا لأمن اللبنانيين”. كما شدد على ان “اللبنانيين يقفون صفا واحدا وراء جيشهم وليس امامهم من خيار سوى الانتصار في هذه المعركة المفروضة عليهم ولن يسمحوا لحفنة من الارهابيين بكسر قناعاتهم الوطنية والعبث باستقرارهم”.
ونعت قيادة الجيش ليلاً ضابطا واربعة جنود استشهدوا في معركة جرود رأس بعلبك هم: الملازم الاول احمد محمود طبيخ، الرقيب محمد نيازي ناصر الدين، الجندي بلال خضر أحمد، المجند محمد علي علاء الدين، المجند حسن رمضان ديب.
وأفادت “الوكالة الوطنية للاعلام” ليلا انه سمع دوي انفجار عنيف في بلدة عرسال استهدف المحكمة الشرعية والمكتب الامني لـ”داعش”.

السابق
بالصورة: هذا هو القيادي في “داعش” الذي قتله “حزب الله” اليوم
التالي
الحياة : النصرة خطفت مجموعة جنود لبنانيين