الحكومة تجمع على إدانة إعتداء القنيطرة .. وردّ حزب الله يرتبط بأهداف العدوان

جلسة الحكومة اللبنانية

كتبت صحيفة “اللواء” تقول : على الطريقة اللبنانية في المناسبات الحزينة، حدد لبنان الرسمي موقفه في مجلس الوزراء، وفقاً لما اشارت إليه “اللواء” أمس، عبر استهلالية الرئيس تمام سلام، ومداخلات الوزراء التي انتهت إلى ان المجلس “دان الاعتداء الإسرائيلي على القنيطرة الذي أدى إلى استشهاد عدد من اللبنانيين”، مضيفاً ان “اسرائيل تحرق القرارات الدولية ولا سيما القرار 1701 الذي يلتزمه لبنان، وذلك باعتداءاتها المتكررة على الأراضي اللبنانية والجيش اللبناني، وأن التصدّي لأي اعتداء إسرائيلي يتحقق بوحدة اللبنانيين وتضامنهم والتزامهم تلك القرارت الدولية”.

اما على طريقة “حزب الله” فبعد ان ارتأت قيادة الحزب تأجيل إطلالة الأمين العام السيّد حسن نصر الله من الأحد في ذكرى أسبوع الشهداء الستة، إلى يوم الجمعة في الثلاثين من كانون الثاني الحالي، احياء للذكرى ضمن احتفال جماهيري لم يُحدّد مكانه بعد، وذلك لإعطاء مزيد من الوقت لجلاء الصورة، في ضوء تطورات اليمن، والتفاعل القلق داخل الكيان الإسرائيلي، تعكف القيادة على دراسة الموقف وسط “تكتم حديدي” وضع حداً للغة المصدر الأمني أو المصادر المطلعة في الحزب، عبر بيان صادر عن العلاقات الإعلامية، نفى فيه الحزب ما كانت وكالة “رويترز” نسبته إلى مصدر أمني جاء فيه ان “العدو اقترب من الخطوط الحمر في الصراع الأمني مع حزب الله، ومن المؤكد ان قواعد اللعبة قد تغيرت”.

وأضاف المصدر الأمني الرفيع في حزب الله، وفقاً لرويترز: “في السابق كانت كأنها قواعد غير معلنة تتجاهلوننا ونحن نتجاهلكم، والا تصل الهجمات إلى حدود الاستفزاز الكامل، هذا الذي حصل، استفزاز كامل لحزب الله لكنها سقطت الآن”.
وتابع المصدر: “اذا لم يرد الحزب سيظهر انه غرق في البحر السوري، وهذا غير صحيح، وخسر قدرته على الرد”.
ولم تكتف “رويترز” بالمصدر الأمني الذي نفته “العلاقات الاعلامية” بل نقلت عن مسؤول سياسي قريب من حزب الله قوله: “يجب ان نتوقع الرد على البارد، فحزب الله لن يمارس ردّ فعل عشوائياً وغير محسوب، وهو سيرد وفق قواعد اللعبة التي رسمها لنفسه في التوقيت والمكان المناسبين”.

وفي سياق الاحتمالات، قال مسؤول دفاعي إسرائيلي لرويترز أيضاً أن “الرد من حزب الله متوقع، لكنه أضاف انه سيكون هجمات على نطاق أصغر، ومن غير المرجح أن تقود إلى حرب”.

 

اما على طاولة الحزب، حيث تناقش القيادتان السياسية والعسكرية ما يتعين فعله، فالصورة أوضح، حيث تدرس قيادة المقاومة “سيناريوهات دوافع العدوان الإسرائيلي على القنيطرة، ونتائج التحقيقات الجارية، والمعلومات المتوافرة ليبنى على كل ذلك استراتيجية ردّ الحزب”:
1 – احتمال أن تكون إسرائيل لا تمتلك معلومات عن هوية المجموعة المستهدفة، وعلى هذا الأساس تتولى السفارات الأوروبية في بيروت عبر ملحقين عسكريين نقل توضيحات إلى الحزب بأن إسرائيل لم تكن على علم بهوية المجموعة المستهدفة، لا سيما الجنرال الايراني محمد علي الله دادي، وعليه هي لا ترغب بأي تصعيد او تسخين على اي جبهة من الجبهات.
وتنظر المقاومة إلى هذه التوضيحات على انها جس نبض، وبالتالي فلا اجابة على التوضيحات الإسرائيلية، بل الامعان في التزام الصمت.
2- الاحتمال الثاني، ان تكون إسرائيل تعرف هوية المجموعة المستهدفة بانها تنتمي إلى “حزب الله” وتريد ردّ فعل مباشر على الاعتداء الذي جاء غداة ساعات قليلة من موقف السيّد نصر الله والذي تحدث من ان المقاومة لا بد ان ترد.
3- اما الاحتمال الثالث، فهو ان يكون الجانب الإسرائيلي على علم بهوية المجموعة وأسماء أعضائها، وهو احتمال جدي وتترتب عليه نتائج خطيرة تتخطى قواعد اللعبة المتبادلة بين المقاومة وإسرائيل، وهو قد يعني فيما يعني، انخراط إسرائيل مباشرة في الحرب السورية لمواجهة الحلف السوري – الإيراني واستنزاف المقاومة هناك.

وتحضر تعليقات القادة الإسرائيليين العسكريين والامنيين بقوة على طاولة التقييم، انطلاقاً من ثابتتين: الأولى ان ردّ المقاومة آت، والثانية ان المنطقة الشمالية قد لا تكون بعيدة عن جغرافية الرد.
مجلس الوزراء
وبطبيعة الحال، فإن كل هذه الاحتمالات لم تحضر في مناقشات مجلس الوزراء الذي حاول اجتياز “قطوع” هذا الاعتداء، من زاوية ان جميع اللبنانيين موحدون اتجاه أي عدوان إسرائيلي، سواء كان على أرض لبنانية أو على أرض عربية، وبالتالي فإنه من المستحيل أن يكون هناك موقفان تجاه اسرائيل، بحسب ما أكد وزير العدل اللواء أشرف ريفي، لكن المجلس زاد على ذلك تأكيد الالتزام بالقرار 1701، وفي ذلك رسالة بأن “المهمة الأساسية للقوى السياسية اللبنانية يجب أن يكون التفكير بحماية لبنان واللبنانيين، ومصالحهم”، وأن “العدو حين يريد الاعتداء على لبنان قادر على اختلاق الحجج والمبررات لأي عدوان، وبالتالي فإن المطلوب من اللبنانيين عدم إعطاء أي مبرر للعدو من أجل القيام باعتداء على لبنان”، على حد تعبير الرئيس فؤاد السنيورة الذي ختم بيانه أمس بالقول: “إنه لم يعد مقبولاً المغامرة بحياة شعب من أجل أجندات إقليمية جامحة لا تخصّ اللبنانيين وطموحاتهم”.

وفي معلومات المصادر الوزارية أن نقاشاً إيجابياً وصف بأنه “راقٍ وموضوعي” ساد موضوعي اعتداء القنيطرة وتصريحات نصر الله بخصوص البحرين، وأن المداخلات اتسمت بالهدوء والتركيز على النقاط المشتركة، مشيرة إلى أن ما صوّر في الإعلام قبل جلسة مجلس الوزراء لا يمتّ إلى الحقيقة بصلة، لا سيما ما تردد عن وجود اتجاه لتطيير الجلسة.

وكشفت المصادر، في ما خص اعتداء القنيطرة أن المداخلات أجمعت على وصف ما جرى بالعدوان على أرض عربية، وأنه يندرج في سياق الصراع العربي – الاسرائيلي، وأن عدداً من الوزراء قدموا تعازيهم بالشهداء الذين سقطوا وهم من اللبنانيين، وأكد بعضهم على أهمية عدم حصول انعكاسات لما جرى على لبنان وحمايته، استناداً إلى تأكيد الالتزام بالقرار 1701 الذي يرعى وقف العمليات العسكرية بين اسرائيل وحزب الله.

وفي هذا السياق، علم أن عددا من الوزراء من بينهم بطرس حرب وسجعان قزي وآلان حكيم تحدثوا عن أهمية التمسك بالقرار 1701، فيما أيّد آخرون إصدار بيان رسمي واضح، والذي أقرّ في نهاية النقاش.

وعلم أيضاً أن الوزير ريفي أثار التصريحات في حق البحرين، والتي لا تعبر عن موقف الدولة اللبنانية، وكان تركيز على أن رئيس الحكومة هو الذي يعبّر عن موقف الدولة، وأنه قام والوزير جبران باسيل بواجباتهما في ما خص توضيح الموقف اللبناني لئلا يؤدي الى ارتدادات تصيب اللبنانيين في دول الخليج.

وشددت المصادر على أنه كان مهماً جداً إظهار التوافق الداخلي في شأن الاعتداء الاسرائيلي، وقال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ “اللواء” بأن البيان الذي صدر عن الحكومة يعبّر فعلاً عما دار داخل الجلسة، مؤكداً أن من يعبّر عن موقف الحكومة هو رئيسها.
ولاحظت المصادر أن وزيري “حزب الله” محمد فنيش وحسين الحاج حسن تفهما الموقف الذي صدر عن الحكومة.

ومن خارج جدول الأعمال، أثير موضوع جسر جل الديب الذي رصد له مبلغ 37 مليار ليرة وضرورة استكمال العمل فيه، كما أثار وزراء حزب الكتائب موضوع جسر الهواء بين نهر الكلب والكازينو والأضرار البيئية من سد جنة على أن يصار إلى إعادة طرحه مجدداً داخل المجلس، وانتقد الوزيران ميشال فرعون ونبيل دو فريج الأضرار الحاصلة من جراء قطع الاشجار وتشويه طبيعة المنطقة وطالبا وقف العمل.

وفي خلال الساعات التي أمضاها مجلس الوزراء في بحث بنود جدول أعمال من 59 بنداً، فقد ظهر أن هناك تبايناً قوياً بين الوزراء ولا سيما بين وزراء التيار العوني وحركة “أمل” فلم تنجح الحكومة بتمرير مسائل حيوية بسبب الاعتراضات الوزارية التي عكسها معظم الأفرقاء، وهو ما أثار استياء الوزير آلان حكيم الذي توقف عند آلية العمل الحكومي فقال صراحة: “صلّوا ليصير عنّا رئيس للجمهورية لنخلص من هالمسرحية”، منتقداً عدم التمكن من اتخاذ قرارات أو حسم ما هو ضروري، وهو كان لفت لـ “اللواء” إلى أن وجود رئيس للجمهورية يسمح للحكومة بأن تكون على الخط السليم بهدف حسم قراراتها.

أما ملف توريد المحروقات لمؤسسة الكهرباء فلم يمر داخل الجلسة، وكانت ملاحظات حول أهمية اعتماد دليل دفتر الشروط الذي كان قد وضع في وقت سابق وهو ما يسهّل مسألة المناقصات، وينص على كيفية وضع دفتر شروط موحّد.

على أن اللافت في الجلسة، كان استغراق الوزراء على مدى ساعتين ونصف الساعة، في نقاش عقيم حول البند المتعلق بفتح اعتماد بقيمة 30 مليون دولار لزوم استكمال أعمال ضرورية تكملة لمشروع طريق صور – الناقورة، حيث انفجر الخلاف مجدداً بين وزراء “التيار الوطني الحر” وحركة “امل”، انطلاقاً من اعتراض وزير التربية الياس بو صعب بأن الاعتماد المرصود هو لطرق فرعية في البقاع، في حين أصرّ وزراء “امل” بأن ذلك غير صحيح، وأن المسألة إنمائية بحتة، وانتهى النقاش بإقرار البند المذكور بعد تحفظ الوزراء باسيل وبو صعب وفرعون.

وتخوفت مصادر وزارية من ان يؤدي استمرار السجال بين وزراء الفريقين إلى عقبة تفاهم قد تؤثر على أداء الحكومة، خصوصاً وأن الخلاف بين الوزراء المعنيين، أبعد عن مجرّد تباين في وجهات النظر، وأن هو يتصل ربما “بالكيمياء المفقودة” بين الرئيس نبيه برّي والعماد ميشال عون.

ولفت أحد الوزراء إلى أن كلاماً من دون المستوى قيل أثناء الجدل بين هؤلاء الوزراء، إلى حدّ أن الوزير بوصعب قال صراحة: “اللي بيوقف لي مشروع ها وقفولو ياه”، مشيراً إلى أن انتقاده للتعاطي “بكيدية” مردود إليه.

وفي معلومات المصادر ان النقاش حول بند طريق صور فتح الباب أمام آلية عمل الحكومة وطريقة تحكمها بإقرار البنود، حيث طالب الوزراء بإعادة البحث في هذه الآلية للخروج من حالة التوتر التي تسود في كل مرّة عند مناقشة أي بند خلافي، فوعد الرئيس سلام بمناقشة هذه المسألة في الجلسة المقبلة.
سيّارة مفخخة
أمنياً، كان البارز أمس، تفكيك الخبير العسكري بعد الظهر سيّارة مفخخة من نوع “كيا” بـ25 كيلوغراماً من المتفجرات عند مدخل عرسال قرب حاجز عين الشعب، من دون أن تعرف وجهة سير السيّارة، ولا مصير سائقها، وعما إذا كان تركها في المكان، لكن بيان قيادة الجيش ألمح إلى ان دورية من المخابرات عثرت على السيّارة، في إشارة إلى أن سائقها تركها وفرّ، أو ربما كان هدفه تفجير السيّارة عند حاجز الجيش، بدليل ان المتفجرات وهي من مادة “سي فور” وزّعت على أبواب السيّارة، والتي كانت موصولة بقنبلة، علماً ان السيّارة المذكورة، لم تكن الأولى إذ سبقها قبل أيام، وتحديداً في 13 كانون الثاني، حيث عثر على سيّارة مرسيدس مفخخة بـ120 كيلوغراماً من المتفجرات، بعد أن انزلقت بفعل الثلوج في المكان.

السابق
«حزب الله» يتعهّد أمام مجلس الوزراء «عدم تعريض لبنان للخطر» سلام : ضمانتنا الـ1701
التالي
المراوحة الرئاسية تنتظر تفاهمًا سعوديًا ايرانيًا لانهائها