ماذا كشف العقيد في الجيش الحر الذي أوقفه الأمن العام

رغم أن الأمن العام اللبناني أطلق سراحه منذ عشرين يوماً، بعد التأكد من عدم تورّطه بأي عمل أمني في لبنان، لا يزال العقيد في “الجيش السوري الحر” عبد الرفاعي مقيّداً في حركته في عرسال، بسبب تهديدات بتصفيته، خصوصًا في ظلّ عمليات الخطف التي تنشط في البلدة من دون أي حسيب أو رقيب.

من دون إثارة أيّ ضجة، أُطلق سراح الرفاعي الذي تمّ توقيفه في تشرين الثاني، عند حاجز للجيش اللبناني خلال توجهه مع أحد العراسلة إلى الجرود من دون أوراق ثبوتية، ويرجح أن يكون هناك من وشى به.
حقّقت الأجهزة الأمنية مع الرفاعي، ويقول لـ”النهار”: “أرادوا معرفة علاقتي بـ”جبهة النصرة” و”الدولة الإسلامية”، وعما إذا كنت شاركت في معركة عرسال، أو إذا كان لديّ أي مخططات داخل لبنان، أما موضوع الأوراق الثبوتية فكان التطرّق إليه في شكل ثانوي”.

الرفاعي والعسكريون
ربط المحللون في لبنان احتجاز الرفاعي وإطلاق سبيله بالعسكريين المخطوفين لدى “النصرة” و”الدولة الإسلامية”، إلا أن الرفاعي ينفي ذلك، ويضيف: “لكني سئلت عن إمكانية المساعدة في إعادة العسكريين، فكانت إجابتي بأني لا أمون على جماعة الدولة والنصرة، وعرض امكانية حلّ قضية أسير “حزب الله” عماد عياد”، وتوقف عند هذه القضية، واصفاً ما فعله الحزب لتحرير أسيره بـ”السيّء”، إذ أقدم الحزب على اعتقال أطفال ونساء أحد أفراد الجيش الحرّ “العمدة”، فتمت مبادلة الأسير بهم، كما سلّمونا سوريين اثنين لم يكونا ضمن الاتفاق، أحدهما من حمص لا نعرفه والثاني شيخ كبير بالسنّ من يبرود، وذلك في جرود عسال الورد”.
خلال فترة غياب الرفاعي اختلفت حال الجرود “180 درجة”. ويقول: “حصلت تغييرات كثيرة، ودخل قادة من الدولة الإسلامية إلى الجرود وحصلت مبايعات كثيرة، تحديداً في جرود قارة وجرجير التي تعتبر منطقة عسكرية للدولة الإسلامية. والمتواجد هناك إما يُبايعهم او يسلّم سلاحه ويرحل. في المقابل تحاول النصرة أن تزيد من قوّتها في مناطقها في فليطة والمعرة وعسال الورد”.

دخول “الدولة الإسلامية” إلى لبنان
أحد قياديّي “الجيش الحر” في القلمون، رفض الكشف عن اسمه، أكد لـ”النهار” أن عديد عناصر “داعش” بلغ نحو 1000 مقاتل والنصرة نحو 600 مقاتل”، فهو لا يستبعد محاولة “داعش” دخول لبنان بقوله: “احتمال حدوث ذلك كبير، لكننا لا نعلم مخطّطتهم”. وبات الجميع يدرك أن العلاقة بين “النصرة” و”داعش” لم تعد بخير. ويقول القيادي: “هناك حساسية كبيرة بين داعش والنصرة في الجرود واحتمال القتال بينهما كبير، ويبدو أن هذا الامر بات قريباً”، وهل تفوز النصرة؟ يجيب: “الواقع يظهر أن “داعش” هي الأقوى الآن، لكن السؤال هل من بايع “الدولة” في الفترة الاخيرة ثابت أم أقدم على ذلك من أجل المصلحة؟”. ويصف امكانية مبايعة أبو مالك الشامي لـ”الدولة الإسلامية” بـ”المستحيلة”، ويضيف: “عرضوا عليه ذلك سابقاً لكنه رفض”.
يقود اليوم “الدولة” في الجرود، مسؤولها الشرعي هناك ابو الوليد المقدسي بدلاً من ابي عبد السلام السوري، ويؤكد القيادي وجود “لبنانيين في الجرود مع داعش والنصرة، لكن ليس مع الجيش الحر، الذي يُعتبر الحلقة الأضعف في الجرود، ولا أحد يلجأ إليه”، كاشفاً عن “وجود خلايا تابعة للنصرة وداعش في عرسال تقوم بخطف من تريد”.

700 مقاتل من “الجيش الحرّ”
سألنا العقيد الرفاعي: هل لا يزال هناك “جيش حر”؟ فأجاب: “هناك نحو 700 مقاتل في الجرود لكنهم في حال تخوّف، ولم تعد غالبية الفصائل تعلم إلى أي جهة تنتمي، أم تبقى على وضعها الحالي. ونحاول تعديل اوضاعهم، وحالياً امامهم ثلاثة خيارات إما الانضمام الى النصرة أو الدولة الإسلامية او الرحيل، وهناك عدد كبير بايع داعش وكثيرون سيرحلون باتجاه القلمون الشرقي”.
منذ إغلاق الممرات باتجاه عرسال والدعم مقطوع على الجميع، لكن الرفاعي يلفت إلى أن المتضرّر الأكبر من فصل عرسال عن الجرود هو “الجيش السوري الحر”، الذي كان يعتمد بشكل أساسي في غذائه على عرسال، ولأن “داعش” و”النصرة” لديهم طرقهم الخاصة للحصول على الامداد، ونحن حالياً لا نستطيع تأمين ربطة خبز واحدة لشبابنا هناك”.

السلاح
لن يرفع الرفاعي السلاح ضد أيّ فصيل في الجرود مهما كان تكوينه، ويقول: “حالياً معركتنا مع عدونا الأساسي النظام السوري ونشترك مع كلّ المكونات في الجرود ضدّ النظام، ونتمنّى ألاّ نصل الى ان يرفع السلاح أحدنا على الآخر”.
مرت العاصفة “زينا” على الجرود، مغلقة كل المنافذ، ويؤكد الرفاعي أن “الجيش الحر أكثر المتضررين هناك، فمن هم في جرد رأس المعرة وصولاً إلى عسال الورد محاصرون بالثلوج ولا يوجد طريق إليهم”. إذاً كيف يمضي هؤلاء أيامهم؟
يوضح الرفاعي أن “المقاتلين في الجرود يخزّنون الغذاء قبل العاصفة وقبل الشتاء لتلبية حاجتهم لفترة معينة من الزمن، لكنها بدأت تنفد لديهم. أما الوقود فهناك “كازيات” (محطات وقود) في جرود عرسال يستخدمها المقاتلون، وهي بعيدة عن مواقع الجيش اللبناني”، وينتقد منع إيصال الخبز إلى الجيش السوري الحر، رافعاً الصوت: “الجيش الحر ينأى بنفسه عما جرى في لبنان او عرسال، أنا رفضت ما جرى في عرسال، وعارضت أيّ تدخّل في لبنان، ومنعت أيّ فصيل تحت إمرتي من الاقتراب من لبنان او المشاركة في معركة عرسال، لأن الجيش اللبناني ليس عدوّنا ونحن نريد الحفاظ على أمن اللاجئين في لبنان، أما حزب الله فنحن نقاتله لأنه يقاتلنا في الاراضي السورية، وإذا عدت الى الجرود سأقاتله مجددًا، فيما ليس لنا مصلحة في مقاتلة الجيش اللبناني”. كما أعلن الرفاعي رفضه للتفجيرات التي تضرب لبنان، معتبراً أنها “تعود بالضرر على الجيش الحر وتخدم النظام أكثر مما تخدم السوريين”.
وعن الحلّ في سوريا، يجيب: “الحل سياسي، وبقاء الأسد في السلطة بات مستحيلاً، وطالما هو موجود فإن المعارك متواصلة، وما أن يسقط سيكون من الممكن حل الأزمة سياسياً، وحتى الآن السيناريوات غامضة”.

السابق
خطة البقاع تنطلق بـ«كاتم للصوت» حكومة «الرؤساء» تَقبَل بترشيح سفراء
التالي
برّي: الخطة الأمنيَّة ستُنفّذ بحذافيرها ولا بندَ سواها في الحوار الإثنين