«داعش» أمام طريق مسدود

تطوي عملية انسحاب القوات الأميركية الأخيرة من أفغانستان، صفحة الانتشار الكبير للقوات الغربية في الخارج للمشاركة في حروب غير تقليدية. وبدأت العملية هذه في العراق عام 2011، ولكن بروز «داعش» العنيف جر القوات الغربية إلى حرب جوية تستنزف التنظيم هذا. ويشارك في ائتلاف الحرب هذه في العراق وسورية أصحاب مآرب متباينة. والتهميش السياسي للسنّة منذ أربعة عقود في سورية ومنذ سقوط صدام حسين في العراق هو من أبرز أسباب النزاع الذي تعود جذوره إلى الثورة الخمينية والمواجهة بين السنّة والشيعة. والتنافس الشيعي – السنّي يؤجج نيرانه بروز تيارات إسلامية معادية للغرب، و»داعش» هو أعنفها. وتوسل العنف إلى زرع الخوف في النفوس هو وسيلة تقليدية من وسائل الحرب. ولكن العنف ينفلت من كل عقال، وينحرف عن الهدف المرجو منه فينجم عنه خلاف المرتجى ما لم يكن عنفاً شاملاً. وذبح السنّة في محافظة الأنبار لرفضهم الاعتراف بمشروعية الخلافة في غير محله. فالاغتيالات المشهدية تساهم في زيادة أعداد الأعداء وتقوض مشروعية المذابح في أوساط المعسكر الداعشي.

والتدخل الجوي للحلفاء قلص حرية تنقل «داعش». وصار هذا التنظيم يتفادى شن حملات كبيرة. وهو تراجع في معارك سنجار حيث أفلحت قوات البيشمركة الكردية، على وقع مساعدة سلاح الجو الأميركي، في استعادة مواقع سبق أن خسرتها. وأكراد سورية محاصرون في سهل الجزيرة بين مطرقة «داعش» وسندان الأسلاك الشائكة التركية. ويجني نظام بشار الأسد ثمار العداوة المباشرة بين «داعش» وواشنطن وحلفائها. والحاكم الجديد في بغداد صادق على اتفاق وقتي مع أكراد العراق وبادر إلى هجوم مضاد على «داعش». ولكن هذا الهجوم يتعثر بمعوقات التحرك في وسط سنّي.

ولا شك في أن العقيدة الجهادية مصيرها الإخفاق. ولكنها تستقطب شباباً مضطرباً يمر في أزمة هوية أو يرغب في المغامرة. وفي عالم الجهاديين لا وازع يحول دون الاغتصاب والعنف والجرائم والسرقة. وحرية الانتهاك تفتن الشباب المضطرب وتستقطبه.

ولا مفر من انتقال تداعيات تجاوزات «داعش» في العراق وسورية إلى فرنسا وبريطانيا. وحري بوسائل الإعلام، والتلفزيونية منها خصوصاً، أن تُمسك عن النفخ في الأفعال المخيفة وعرضها مراراً وتكراراً. وتجارة إثارة القلق هي ما تسعى إليه هذه الحركات العنيفة. ولا يستخف بدور دول إقليمية في احتضان التطرف الإسلاموي. وكانت طالبان – باكستان، إلى وقت قريب، أداة في يد الجيش الباكستاني في كشمير وغيرها. ولكنها اليوم انقلبت على أسيادها وصارت عدواً داخلياً. والحركة الجهادية أمام طريق مسدود. فهي تفتقر إلى مشروع اقتصادي واجتماعي. وهي تنشغل اليوم في إدارة العادات وطقوسها ومطابقتها المعايير الشرعية المتطرفة فحسب. وهي تثير كثيراً من جلبة لا ترتجى منها فائدة. فهي على خلاف نهج النمو الصبور الصيني، أو النهج الإصلاحي للرئيس الهندي نارندرا مودي، أو الضربة القاسية التي وجهتها واشنطن إلى روسيا فلادمير بوتين في المسألة الأوكرانية وإلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية لحملها على التفاوض في الملف النووي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

السابق
بالفيديو: مليون مشاهدة لسقوط «آيفون 6» من الفضاء الخارجي
التالي
من هو جهاد عماد مغنية وما كان موقعه داخل حزب الله؟