الحزب أم إيران؟

عندما تؤكد طهران مقتل ضابط كبير في الحرس الثوري يصير للجريمة التي ارتكبتها اسرائيل في القنيطرة معنى آخر. وعندما توجه الدولة العبرية ضربة مباشرة وواضحة الى هدف ايراني يفترض ان تتراجع القراءات الامنية التكتيكية لتتقدمها الحسابات السياسية الاستراتيجية.

صحيح ان “حزب الله” تلقى ضربة معنوية قاسية بسقوط رمزين كبيرين من رموزه ومعهما رهط من المقاتلين وضعته أمام تحدي الرد… بيد ان اطلاق النار مباشرة على ايران هو استهداف لدورها الطامح والطموح في صميمه.
الاستياء الاسرائيلي من التفاهم الاميركي – الايراني واضح وصريح وكاد يدفع بتل ابيب مرات عدة الى جنون شن هجوم أحادي على المفاعلات النووية. الآن، كل المعطيات تشير الى ان خلف هذا التفاهم قوة دفع ثنائية قوية قد توصله الى النهايات السعيدة حتى قبل الموعد المحدد في الاول من تموز. هذا الاندفاع لا يبدو ان قيداً يمكنه وقفه سوى حرب تقلب المعادلات. فهل تضمر اسرائيل من وراء الضربة – التحدي، جرجرة خصمها اللدود الى حرب مباشرة او بالواسطة ترغم واشنطن على حسم خياراتها والوقوف كما جرت العادة الى جانب صنيعتها والتخلي عن مشروع صداقتها المحتمل مع ايران؟
إسرائيل ترفض النووي الايراني أكان سلميا أم عسكريا وهي مرتابة من الدور المستقبلي لطهران الذي قد يترتب على تفاهمها مع الغرب. لكنها تخشى اكثر الطوق الايراني المباشر او بالواسطة الذي يلتف حول خريطتها، في جنوب لبنان عبر الحليف الاوثق “حزب الله” ، وفي غزة عبر الحليف “الجهاد” ونصف الحليف “حماس”، واخيرا في الجولان عبر الوجود الفاعل للحزب و”الحرس الثوري”. وبرسالتها القاتلة في “مزارع الامل” ، كأن اسرائيل تقول: “انا لاعب اقليمي كبير ايضا ومعني برسم الخطوط المستقبلية في سوريا وخصوصا على حدودي في الجولان، ولا اقبل بأمر واقع يفرض علي ولا يتناسب مع مصالحي الامنية والسياسية حتى لو كلف الامر حربا جديدة مدمرة!”.
رسائل بالجملة حملتها الغارة الاسرائيلية. وايران المعنية بحصة الاسد منها، كيف سترد؟ هل ترد مباشرة ام ترد بالواسطة وبالتكليف؟ هل تنجر الى مغامرة مكلفة الثمن ام تتجاهل الرد؟
الحائك الايراني الذي يحبك السجاد حبكة حبكة، لن يفوت الحبكة الاخيرة المتاحة لإنجاز السجادة السحرية للاتفاق مع الغرب. وبعدما حقق كلاعب هجوم محترف أهدافا متتالية في المرمى السوري، سيحاول تفادي الاخطاء التي من شأنها ان تتسبب برفع بطاقة حمراء في وجهه لإخراجه من هذا الملعب. اما رده، فعلى الارجح، لن يكون مباشرا انما “ذبحا بالقطن” كما جرت عادته، وبالخيوط القاطعة للحلفاء وليس بخيوطه الخاصة.

السابق
ضبط شاحنتين من المعكرونة ورقائق البطاطا في صيدا
التالي
أبعد من الحوض الرابع