لماذا تفاوض أميركا الأسد وايران؟

إن كان العداء بين القوى العالمية مبني على ركائز وأسس فعلية، فلماذا تفاوض أميركا الرئيس السوري بشار الأسد وايران بدل أن تساند المعارضة وتقويها؟

على وقع التحضير لمفاوضات موسكو بين النظام والمعارضة السورية، كان ملفتاً التصريحات الاميركية الداعية للتفاوض مع الرئيس.السوري بغض النظر عن شرعيته، وقالت الخارجية الأميركية: “المفاوضات مع الرئيس الاسد ينبغي ان تمضي قدما على رغم موقف الولايات المتحدة من شرعيته”.
لم تقف التصريحات الاميركية عند الحدود السورية، فوصلت الى ايران حيث اعلنت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سامنثا باور إنه ما يزال من الممكن التوصل لاتفاق نووي مع ايران، لكن فرض الكونغرس لعقوبات جديدة يمكن أن يقوض بشكل خطير احتمالات التوصل لاتفاق وأن يعزل واشنطن بدلاً من إيران.
هذه التصريحات أتت على وقع فرض حزب الله لهيمنته العسكرية في لبنان وسوريا، تحت شعارات تدعي قتال السلفيين بينما الحقيقة هي ان في ذلك مغالطات كبيرة احدى المغالطات التي قد تطرح، هي أن حزب الله من منطلق عقائدي شيعي يرى في التيارات السلفية والاصولية – وهي التيارات التي ترجع لها معظم حركات الجهاد والقاعدة – خطراً عليه بسبب حالة العداوة البارزة بين هذه التيارات وبين الشيعة، لذلك الهجوم عليها بشعار «التكفيرية» هدفه اسقاط مشروعيتها وحضورها في الأوساط الإسلامية والعربية.
بطبيعة الحال لا يمكن تجاوز حقيقة عدم دخول حزب الله ممثلاً بخطابه وإعلامه في الدعوة والمناظرات العقائدية أو الفقهية، التي ينشط فيها السلفيون وبعض التيارات الشيعية، وهي المجال الرئيسي لصراع الطرفين. وقد يعتبر بعض أن هذه الحقيقة ليست إلا مؤشر شكلي، لكن الحقيقة الأخرى الأهم هي عدم حدوث أي حادث أمني أو سياسي أو مواجهة في التاريخ القريب في لبنان بين حزب الله والتيار السلفي بتنوعاته، وهذا يعتبر مؤشراً حقيقياً إلى عدم رغبة الحزب في الدخول في أي صدام أو منافسة معها. بل إن التاريخ يسجل أن جميع الإشكالات السياسية أو الأمنية، بل وحتى الأهلية، التي حدثت بين حزب الله في لبنان مع تيارات سنية كانت مع التيارات التي توصف بـ«العلمانية»، وبالخصوص تيار المستقبل. بل إنه في أوج فترة الصدام مع تيار المستقبل وبروز خطاب مظلومية السنة في لبنان بعد أحداث أيار ٢٠٠٨، لم يكن التيار السلفي في قلب تلك المواجهة.
أوضح من ذلك، هو توصل حزب الله مع جزء من التيار السلفي في لبنان أواخر عام ٢٠٠٨ الى اتفاقية تفاهم سياسية كالتي أبرمها مع التيار الوطني الحر. ورغم أن الاتفاقية جُمدت بعد توقيعها بيوم بسبب ضغط كبير تعرض له الموقعون من قبل الشارع السني، إلا أنها تعطي مؤشراً واضحاً جداً عن عدم وجود موقف جذري من حزب الله ضد هذه التيارات، بل رغبته الجادة في التفاهم معها، بل وحتى التحالف معها. وإن مثالاً اكثر عمقاً في الإشارة، يبرز اهتمام حزب الله بهذه التيارات، هو أن الحزب وضمن خطته لبناء قوة مقاومة كبيرة في لبنان لمواجهة إسرائيل ودعم المقاومة العراقية، قام بتدريب مجموعات سلفية عديدة عسكرياً لتكون جزءاً من المقاومة الى جانب سرايا المقاومة.
قال الدكتور برهان غليون الرئيس الأسبق للمجلس الوطني السوري المعارض إنه عندما تعلن حكومة الأسد أنها مستعدة للمشاركة في مفاوضات في موسكو من دون تدخلات أجنبية فهي تقصد بتدخل روسيا وطهران فقط لافتا الى أن هدف هذه المفاوضات هو تلبية شروط الأسد.وأعلن النظام السوري في بيان له أمس عن قبوله المشاركة في مفاوضات السلام مع المعارضة السورية في العاصمة الروسية موسكو.
وأشار غليون في تدوينه أخرى على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك تحت عنوان “مفاوضات من دون شروط” الى أنه عندما يقول الروس إنهم يريدون أن يجمعوا المعارضة والنظام لبدء مفاوضات من دون شروط مسبقة، فهم يعنون أنها ستكون بشروط الأسد، أي مع استمرار القصف بالبراميل المتفجرة ومدفعية الميدان والغازات السامة وقتل عشرات المدنيين وعطب وجرح المئات منهم كل يوم. واضاف “هذا هو التفاوض من دون شروط.”
وقال عضو الائتلاف إنه في كل مرة ننتقد فيها مبادرات لا تستوفي شروطها للخروج بحل مقبول للنزاع السوري، وربما تهدف إلى التغطية على هذه الشروط وتغييبها لصالح حل يوافق هوى المبادرين، يرد بعض إخوتنا من الذين لم يعد بإمكانهم، عن حق، احتمال الأوضاع المأساوية: إذا كانت المفاوضات في موسكو غير مجدية ولا توصل إلى حل والحلول التي يقترحها دي ميستورا لا يمكن تطبيقها، فما هو الحل؟وأضاف أن الجواب ببساطة في مفاوضات قائمة على أسس سليمة وقادرة على إيصال السوريين إلى حل للنزاع المستمر منذ سنوات.وتابع، هذا ما جسدته إلى حد ما مفاوضات جنيف التي رفضها النظام، التي كانت تقوم على أساس مرجعية قرار مجلس الأمن الذي يجسد، حتى إشعار آخر، الشرعية الدولية، وتهدف بشكل واضح إلى تكوين سلطة انتقالية تحضر البلاد لإقامة نظام ديمقراطي بديل للنظام القائم، وتؤكد المبادئ المشتركة التي ينبغي أن يستلهمها أي حل، وهي مبادئ الحق والحرية وكرامة الانسان، أي مجموعة الحقوق الانسانية المعترف بها.
واستطرد غليون، من يرفض التفاوض على هذه الأسس وفي هذه الشروط، ويلتف عليها، لا يسعى للحل، وإنما إلى كسب الوقت بانتظار الإيقاع بالطرف الآخر وإضعافه والقضاء عليه.دي مستورا كان أكثر المعبرين عن مدى إهمال الغرب للوضع السوري فقال : الصراع السوري هو أكبر أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية وازمة اللاجئين السوريين وصمة عار في جبين العالم. وبتصريح للرئيس الأسد لصحيفة “ليتيرارني نوفيني” التشيكية، قال: “نحن ضد قتل الأبرياء في أي مكان في العالم – السؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذا التصريح، ماذا عن آلاف القتلى والأسرى واكثر من ثلاث ملايين مهجر سوري أليسوا أبرياء … صدق القاشوش عندما قال يا بشار ويا كذاب تضرب انت وهالخطاب الحريه صارت عالباب يلا ارحل يا بشار

السابق
جنود اسرائيليون يطلقون قنابل دخانية على نقطة عسكرية للجيش اللبناني
التالي
مخيّم عين الحلوة.. «شو بيشبه» لبنان