الأزمة مع البحرين والخليج تُحاصر الحكومة الجولة الحوارية الثالثة: حماية خطوات الاستقرار

حزب الله وتيار المستقبل

كتبت صحيفة “النهار” تقول : لم تقلل المناخات الايجابية للحوار الثنائي بين تيار “المستقبل” و”حزب الله” والذي انعقدت جولته الثالثة مساء امس في عين التينة وسط أجواء الارتياح الى الخطوات والانجازات الامنية الاخيرة، الوقع السلبي لتداعيات الازمة التي فتحتها تصريحات الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ضد مملكة البحرين والتي أحرجت الحكومة اللبنانية بشدة، وخصوصا بعدما ندد مجلس وزراء جامعة الدول العربية بهذه التصريحات وعدّها تحريضا على العنف والارهاب من أجل زعزعة الاستقرار في البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي وطالب الحكومة بموقف منها.
ومع تصاعد المخاوف الوزارية والسياسية الداخلية من احتمال ان تتسبب هذه الازمة باجراءات سلبية تطاول الرعايا اللبنانيين في بعض الدول الخليجية، عكس موقف حاد لوزير الخارجية البحريني خالد بن محمد آل خليفة من نصرالله مستوى مقلقا للتجاذب الذي وجد لبنان الرسمي نفسه محاصرا به. ذلك ان الوزير البحريني هاجم نصرالله واعتبر ان بيان الجامعة العربية الاخير “واضح كالشمس وعلى لبنان ان يقف مع اشقائه كما وقفوا معه دائما في السراء والضراء”. وأشار الى ان وفد لبنان الى اجتماع الجامعة العربية “فضّل التمسك بوحدة وطنية زائفة على التضامن العربي الذي أنقذه من الاحتراب”. وقال ان “لبنان بلد عظيم حكمه رجال وشيوخ كرام مثل بشارة الخوري وكميل شمعون وصائب سلام ورفيق الحريري، أما اليوم فيا للاسف يتحكم فيه ارهابي عميل”.
والواقع ان الموقف الرسمي اللبناني المحرج في هذه الازمة اتسم التعبير عنه بدرجات متفاوتة بين التحفظ عن تصريحات نصرالله كما فعل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، والمطالبة بالاعتذار كما فعل وزير الداخلية نهاد المشنوق.
وأكد الوزير باسيل في حديث الى “النهار” غداة عودته من الاجتماع الوزاري في القاهرة ان “الكلام الذي صدر في حق البحرين لا يعبر عن موقف الحكومة اللبنانية وسياستها ولا عن الجهة السياسية التي أمثلها، كذلك لا يختلف موقف لبنان الضمني عن موقف الدول العربية في بيانهم لناحية عدم التدخل في شؤون البحرين. ولكن ان يصدر بيان يفسر انه ضد لبنان او ضد فريق من اللبنانيين فطبعا اعترض عليه حفاظا على الوحدة الوطنية”. وأضاف “اننا نتفهم مطالبة البحرين بعدم التدخل في شؤونها. لكن ما نقوله هو ان هذا الموضوع مع البحرين وكل الدول العربية نعالجه داخل الحكومة اللبنانية” مشددا على “اننا معنيون بالمحافظة على العلاقات العربية لمصلحة لبنان والدول العربية معا، ويجب الا نفكر باي اجراء لا من جانبنا ولا من جانب الدول العربية لانه ينعكس سلبا على الجهتين”.
اما موقف الوزير المشنوق من تصريحات نصرالله عن البحرين فجاء، كما علمت “النهار”، بعد التشاور مع رئيس الوزراء تمام سلام الذي كان متابعا لتداعيات هذه القضية على كل المستويات والتي تسببت بـ”أزمة كبيرة ستطاول اللبنانيين الموجودين في دول الخليج”. وفي رأي وزير الداخلية الذي قال لـ”النهار” أيضا:”لا بد من توضيح ثلاثة أمور هي: ان الامين العام لـ”حزب الله” لا يعبّر عن رأي الدولة والحكومة، كما أن دولة البحرين بلد عربي منذ مئات السنين، وأعتبر ان الاعتذار من البحرينيين أمر واجب إنطلاقا من الروابط العميقة التي تربط البلدين الشقيقين”.
وأبلغ وزير العمل سجعان قزي “النهار” ان لبنان “يمكن ان ينأى بنفسه عن مشاكل المنطقة، لكنه لا يمكن أن ينأى بنفسه عن اتخاذ موقف من فريق لبناني يتدخل في شؤون المنطقة”.
وأما على المستوى القيادي السياسي، فان الموقف الابرز الذي سجل من هذه القضية جاء على لسان رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط الذي أعرب عن “اعتراضه على المواقف السياسية التي تشبه البحرين ودورها بما تقوم به اسرائيل والصهيونية”. ورأى انه ” من غير المقبول ولا يجوز اطلاق هذا التشبيه مهما بلغ عمق الاختلاف السياسي”.

الجولة الثالثة

وسط هذه الاجواء انعقدت جلسة الحوار الثالثة بين تيار “المستقبل” و”حزب الله ” في عين التينة في السادسة والنصف مساء امس واعتمدت فيها اجراءات الكتمان نفسها من حيث ابعاد الاعلام. وحضر المعاون السياسي للامين العام لـ”حزب الله” حسين الخليل والوزير حسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق عن المستقبل. وغاب النائب سمير الجسر لسفره الى الخارج. كما حضر الوزير علي حسن خليل.
وبعد الجلسة صدر البيان الآتي: “عقدت جلسة الحوار الثالثة بين حزب الله وتيار المستقبل في مقر الرئاسة الثانية، وجرى البحث في التطورات التي حصلت خلال الاسبوع الماضي امنياً وسياسياً والتقويم الايجابي لانعكاسات الحوار الجاري عليها.
وتّم التشديد على حماية القرارات الوطنية التي تحصّن الساحة الداخلية.
استمر النقاش في النقاط التي تّم تناولها سابقاً، وحصل تقدم واضح فيها بما يفتح آفاقاً أمام نتائج تساعد على تثبيت الاستقرار الوطني”.
وعلمت “النهار” ان النقاش استكمل امس في شأن وسائل تنفيس الاحتقان وجرى تقويم ايجابي لردة الفعل التي حصلت عقب تفجير جبل محسن والخطوات الامنية التي اتخذت الى حين انعقاد الجولة الثالثة من الحوار. وأكد المتحاورون انه تقويم ايجابي جدا بالمقارنة بين ما قبل الحوار وما بعده. كما علم ان موضوع سرايا المقاومة لم يطرح أمس واتفق على عقد الجولة الرابعة خلال عشرة أيام وقبل موعد الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس الجمهورية في 28 كانون الثاني الجاري.
وعلمت “النهار” ان معطيات واكبت الجولة الثالثة افادت ان مقاربة الاستحقاق الرئاسي في هذا الحوار لن يفضي الى أية نتيجة لكون الحزب يسعى الى تأجيل حسم موقفه على هذا الصعيد أطول وقت ممكن ,وهذا ما بيّنه موقف السيد نصرالله في إطلالته التلفزيونية. علما ان أمر الاستحقاق الرئاسي بسيط جداً وينطلق من إقتناع الحزب بأن مرشحه العماد ميشال عون لا يحظى بفرص الفوز ولا بد من السعي الى مرشح توافقي وعندئذ سيعود كل من فريقي الحوار الى حلفائه المسيحيين ليطلب منهم تقديم من يرونه مناسباً للتوافق كي تصل المناقشات في نهاية المطاف الى قاسم مشترك على الصعيد الوطني. لذا، سيبقى التركيز حالياً على الملف الامني الذي ينتظر تجاوب الحزب مع خطة البقاع، وفي ما يتعلّق بمعالجة الاحتقان السني – الشيعي، يبدو انه لا يزال عنوانا لم يدخل حيز الترجمة الكاملة بعد.

السابق
كاميرون: تشديد التدابير الأمنية في بريطانيا
التالي
حوار عين التينة للحد من الخطاب المذهبي.. وتغطية لـ«كل الخطة الأمنية»