دخلت لتلد طفلها في أحد مستشفيات بيروت ووقعت المصيبة

الموت حق، ولكن أن نسمع في عام 2015 عن امرأة توفيت بعد إنجاب مولودها فهو أمر استثنائيٌ، إذ إن الطب تطوَّر والعلاج بات متوافراً، والرعاية الطبية في المستشفيات من المفترض أنَّها على قدر كبير من الأولوية.

هي قصة عائشة ابنة الأربعة والثلاثين عاماً التي دخلت إلى أحد مستشفيات مدينة بيروت لإنجاب طفلها الذي كانت تنتظره منذ سنوات. تعيش عائشة في لبنان منذ أكثر من 11 عاماً حيث يعمل زوجها. ككل امرأة كانت تحلم بإنجاب أطفال، وُلدت فاطمة بعد مرور سنوات على الزواج، وهي تبلغ حالياً (8 سنوات) وبعد سنوات عدَّة ذهبت إلى سوريا حيث تلقت العلاج إذ إنَّ الطبابة هناك غير مكلفة كلبنان، وأنجبت ابنتها الصغرى زينب التي تبلغ حالياً (سنتين). ولكنها كما غالبية النساء الشرقيات كانت ترغب دوماً في إنجاب مولود ذكر يحمل اسم العائلة.

قضاء وقدر؟

منذ 9 أشهر علمت عائشة بأنها حامل، وانتظرت حتى الشهر الثالث لمعرفة جنس الجنين، ولم تسعها الفرحة يوم عرفت أنَّه ذكر. طيلة هذه المدَّة كانت تنتظره بشغف وشوق، واختارت له اسماً فوراً. يوم الاثنين 29 كانون الأول دخلت إلى المستشفى بعد أن حان موعد الولادة. أنجبت في ذلك اليوم يوسف بعدما خضعت إلى عملية ولادة قيصرية. يقول زوجها: “وُلِدَ يوسف بصحة جيدة، وهي كانت مرتاحة وسعيدة وبدت بصحة جيدة، رأته وحَملَته بين يديها”. ويتابع: “لم أتمكَّن يومها من المبيت معها في المستشفى. عدت إلى المنزل كي أبقى مع ابنتاي، على أن أعود في صباح اليوم التالي لجلبها وابني من المستشفى”.

عاد الزوج صباح اليوم التالي إلى المستشفى نحو الساعة العاشرة للاطمئنان إلى زوجته وطفلهما، لكنه ما لبث أن وصل إلى أمام باب غرفتها حتى أخبرته الممرضة أنه تمَّ نقل زوجته إلى غرفة العناية الفائقة. هرع مسرعاً ليعرف ما حدث، فخرج الطبيب ليخبره أنّه تمَّ وصل جسمها بآلات طبية طالباً منه التحلي بالصبر، وبأنَّها ستكون على ما يرام. يضيف الزوج: “نحو العصر، خرج الطبيب ليخبرني أنها فارقت الحياة، جراء جلطة أصابت قلبها، إنه القضاء والقدر”.

والدتهم لن تعود أبداً

هي صدمةٌ هزَّت كيان أسرة كانت تعيش بسكينة وطمأنينة منذ أعوام، فالزوج ابن الخامسة وثلاثين عاماً بات أرملاً، والفتاتان الصغيرتان كبرتا فجأة، يضيف الزوج: “الكبرى عرفت بالأمر بعدما سمعت الناس الذين توافدوا إلى المنزل للتعزية و”جنَّ جنونها”، فيما الصغرى لا زالت تبكي كل يوم طالبةً مني جلب أمها من المستشفى إلى المنزل، غير مدركةٍ أنَّ والدتها لن تعود أبداً. أما يوسف الرضيع فاضطرت خالته إلى أخذه إلى منزلها للإقامة معها وأولادها فهو يحتاج إلى الرعاية والاهتمام، وأنا غير قادرٍ على ذلك”.

من يُحَاسَب؟

في هذا الصدد ولكي لا نقدِّم اتهامات جزافاً بحق من أجرى العملية، اتصلت “النهار” بطبيب آخر هو الدكتور وليم معوض، اختصاصي توليد وأمراض نسائية للاطلاع منه على الأسباب التي تؤدي إلى وفاة امرأة بجلطة بعد إنجاب طفلها بعملية قيصرية، فأجابنا أنَّ “المريض معرض دوماً للإصابة بجلطات في القلب في مطلق عملية جراحية وليس بالضرورة أن ترتبط بعملية قيصرية أو غير ذلك، إذ إنَّ الخطر موجود مع كل عملية”. وأضاف: “عادةً المريضة التي تدخل المستشفى للإنجاب هي صغيرة في السنّ، وفي حال كانت تعاني من أي عوارض تشكل خطراً على حياتها قبل الحمل، من المفترض أن يكون طبيبها على علمٍ بذلك جراء الفحوصات المنتظمة التي يجب أن يجريها لها طوال فترة الحمل”. ولفت معوض إلى أنَّ “مسألة سيلان الدم تصيب الناس في عمر متقدم، ولا يمكن أن يشكَّ أحد في إمكان حدوث سيلان في الدم أو اضطراب يطال الشرايين”. وحول إمكان إصابة المريضة بجلطة بعد العملية، أردف قائلاً: “العملية شيء والجلطة شيء آخر، وفترة الخطر هي 48 ساعة بعد إجراء العملية”.

هم ثلاثة أطفال قد يكون القدر يتَّمهم أو الخطأ والاستهتار الطبي، في بلدٍ لا تخضع فيه المستشفيات للمحاسبة ولا الأطباء للمحاكمة ولا الممرضون للمساءلة.

السابق
من هي الدول الاوروبية الاكثر تهديداً بالهجمات الارهابية؟
التالي
الدور الإيراني في صناعة الإرهاب