هل نحن امام متغيرات استراتيجية في المنطقة؟

قاسم قصير

التطورات الامنية المتسارعة في اكثر من بلد عربي واجنبي اثارت الكثير من علامات الاستفهام حول الابعاد الحقيقية لهذه التطورات والنتائج المتوقعة لها سياسيا واستراتيجيا على صعيد الصراع في المنطقة والعالم ولا سيما المعركة ضد تنظيم داعش وجبهة النصرة وغيرهم من التنظيمات الاسلامية المتشددة.

فبعد الهجوم على مجلة شارلي ايبدو والتطورات المتسارعة في فرنسا والتظاهرة الدولية ضد “الارهاب” الذي يستهدف فرنسا واوروبا، تسارعت التطورات في لبنان ،فبعد التفجرين الانتحاريين اللذين استهدفها مقها في منطقة جبل محسن القريبة من مدينة طرابلس، سارعت الاجهزة الامنية اللبنانية الى شن هجوم سريع ومباغت على المبنى”ب” في سجن رومية والذي يضم الموقوفين والمسجونين والمحكومين الاسلاميين وتم نقلهم الى مبنى اخر ومصادرة ما يملكون من اجهزة هاتفية وكومبيوترات واعلنت الحكومة اللبنانية استمرار الحملة ضد المجموعات الاسلامية المتشددة والتي لها علاقة بتنظيمي داعش وجبهة النصرة.

وتتزامن هذه التطورات مع استمرار المعركة في العراق ضد داعش وكذلك انتقال المعركة الى الحدود السعودية –العراقية – الاردنية والحديث العالمي عن تطورات جديدة في المعركة ضد داعش والمجموعات الاسلامية المتشددة.

مصادر اسلامية مطلعة في بيروت تعتبر: ان كل هذه التطورات ليست مجرد احداث امنية وعسكرية منفصلة بل نحن امام متغيرات سياسية واستراتيجية مهمة قد تمهد لاوضاع جديدة تحت عنوان ” مواجهة الارهاب الاسلامي او التنظيمات الاسلامية المتشددة”.

وتضيف : ان الاحداث الامنية  والعسكرية الاخيرة تزامنت مع عودة المفاوضات الاميركية – الايرانية حول الملف النووي وكذلك انطلاق الحوار في موسكو بشأن الازمة السورية  ومتابعة الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله في بيروت والحديث عن البحث عن حلول لازمة الانتخابات الرئاسية اللبنانية بين فرنسا والسعودية وايران بدعم اميركي ودولي ومع سلسلة تطورات واتصالات سياسية بين عدد من الدول العربية والاسلامية ولا سيما مصر والعراق وتركيا والحديث عن حلول سياسية للازمة السورية والوضع العراقي  واعادة ترتيب اوضاع المنطقة في ظل الخوف العالمي من تمدد وانتشار خطر “التنظيمات الاسلامية المتشددة”.

وتتابع هذه المصادر: انه مع اقتراب التسويات والحلول السياسية لاية ازمة او مشكلة لا بد من وجود من يدفع الثمن او ان تكون الحلول على حسابه وعادة يكون الطرف الاضعف هو الثمن، وان الحكومة اللبنانية لم تكن قادرة على اتخاذ هذا القرار السريع بانهاء ما سمي”امارة سجن رومية” بدون اية ردود فعل واستيعاب تداعيات انفجاري جبل محسن والتضامن اللبناني الداخلي في مواجهة هذه التفجيرات لولا وجود ارادة دولية واقليمية داعمة للحكومة اللبنانية ورافضة لاية تطورات امنية تخرّب الوضع اللبناني في المنطقة.

وتذكّر المصادر الاسلامية بازمة الرهائن في لبنان في مرحلة الثمانينات من القرن الماضي  والتي كانت تقوم بها تنظيمات اسلامية في لبنان بدعم ايراني وفي ظل الدور السوري الفاعل في لبنان، فهذه الازمة استمرت عدة سنوات في ظل الصراع الايراني – الدولي تزامنا مع الحرب العراقية – الايرانية والاوضاع اللبنانية المتوترة ولكن بعد توقف الحرب العراقية – الايرانية و حرب الخليج الثانية بعد دخول صدام حسين الى الكويت  وتشكيل تحالف دولي – عربي ضد صدام حسين شهدنا عدة تطورات لبنانية ومنها اتفاق الطائف وعودة سوريا الى لعب دور كبير في لبنان وانتهت قضية الرهائن باسرع ما يمكن ولم يعد احد يخطف رهائن اجنبية في لبنان ولم نعد نسمع بالتنظيمات الاسلامية التي كانت تتولى الاعلان عن مسؤوليتها خطف الرهائن.

وتختم المصادر الاسلامية: قد يكون صحيحا ان الاوضاع اليوم تختلف عن الاوضاع في الثمانينات  والتسعينات من القرن الماضي وان التنظيمات الاسلامية المتشددة المتنشرة اليوم ليس لديها مرجعية محددة، ولكن عندما يكون هناك قرار دولي – اقليمي واضح في ظل البحث عن تسويات سياسية للازمات القائمة لا بد من ان يكون هناك ثمنا معينا وقد تكون “داعش ” واخواتها هي الثمن المطلوب اليوم.

 

السابق
مصادر لبنانية: توزيع جديد للنزلاء يعزل الخطرين
التالي
عارضة أزياء إيرانية تلهب موقع الانستغرام