تزوير في عكار: بيع أملاك عامة

تتكشف يوما بعد يوم فضائح التعديات على الأملاك العامة في عكار، حيث تتوالى الشكاوى من قبل المواطنين المتضررين من بيع المشاع التابع لبلداتهم أو الملاصق لأراضيهم إلى مواطنين من خارج المنطقة.

ويبدو واضحاً أن عملية بيع المشاع تتم من قبل نافذين في عدد من البلدات أو ممن يحصلون على غطاء رسمي أو أمني أو حتى بقرارات من المحكمة، وذلك إثر عمليات نصب واحتيال، بحسب ما يؤكد الأهالي في بلدة جبل المنصورة الواقع بين بلدات: شدرا، مشتى حسن، ومشتى حمود.
ومن فصول الاعتداء على الأملاك العامة وبيعها هذه المرة، ما يجري في منطقة الدريب الأعلى وتحديدا على الحدود الشمالية مع سوريا في المنطقة المعروفة بجبل المنصورة.
وتؤكد فاعليات تلك المنطقة وكبار السن فيها في وثيقة تم التوقيع عليها، أن الأراضي التي يبيعها المواطن م. ت. من بلدة مشتى حمود هي مشاع عام وليست ملكا خاصا، لأنه يملك 400 دونم ورثها عن والده وهو قد باع لغاية اليوم 715 دونما.
ويشير أهالي جبل المنصورة الذي يضم حوالي 500 نسمة، «أن ما يجري غير مقبول على الاطلاق، إذ يلجأ هذا الرجل الى التزوير عبر استخدام ختم تركي حصل عليه منذ عشرات السنين فيقوم ببيع الأملاك في المكان الذي يرغب».
ويؤكد المواطن خالد رمضان «أن أهالي جبل المنصورة لن يسكتوا عن حقهم على الإطلاق، لأن الأرض التي يتم بيعها ملاصقة لمنازلنا، ولن نقبل أن يتم بيعها بالشكل الذي يجري حاليا».
ويلفت المواطن محمد نحيلي الى «أن العديد من الأهالي قاموا بشراء الأرض من ترسم من أجل تشييد منازل، وتفاجأوا بعد مدة بأنه قد قام ببيع المشاع الملاصق لهم لأشخاص من خارج البلدة».
ويضيف: «نحن لم نقم بزراعة المشاع العام احتراما منا لأملاك الدولة، أما إذا كان سيتم بيعه، فنحن أولى بزراعة الأرض واستثمارها».
ويتحدث المختار عبد السلام نحيلي عن «أننا تعبنا من كثرة المناشدات وتقديم الدعاوى أمام القضاء المختص، إذ يلجأ ترسم الى التزوير وهو يملك ختما عثمانيا عن أجداده». ويلفت الى «وجود صفقات مع بلديات المنطقة وذلك اثر تحرك البلديات ضد بيع المشاع، فقام ترسم بالتنازل عن 42 الف متر، وهي قطعة ارض غير ممسوحة لمصلحة بلدية مشتى حسن في العام 2000، وقد اعتبر القرار حينها نافذا، وينشر حيث تدعو الحاجة. مع العلم أن الأرض هي ارض مشاع والختم الذي يملكه ترسم مزور، حيث أظهر الخبراء ذلك في التدقيق وتطبيق الخطوط، وبناء لدعوى رفعت حينها من بلدية مشتى حسن. واثر الاطلاع على ختم قديم «مؤرخ في 29 كانون الثاني 1328»، تبين أن الصفحة الأولى منه لا يشوبها شائب بينما جرت على الصفحة الثانية عمليتان: عملية محو وحك باتت قديمة مما أدى الى ثقب الورقة بشكل ظاهر، وثانيا عملية كتابة جديدة لرقم 30».
ويتابع: «إن هذا العقار هو أرض سليخ وملك عام لبلديات شدرا، مشتى حسن، ومشتى حمود، وذلك وفقا لإفادة موقعة من البلديات الثلاث تؤكد أن الأرض تستعمل كمراعٍ للمواشي منذ القدم وحتى تاريخه، ولكن لا نعلم ماذا حصل من صفقات بين البلديات وترسم لاحقا».
ويلفت نحيلي الى «ان ما يجري في عكار يتم على مرأى ومسمع جميع القوى الأمنية التي لم تحرك ساكنا، بل على العكس تتواطأ معه حيث لا يتم إبلاغنا بالدعاوى إلا بعد انتهاء المهل القانونية، كي لا يحق لنا الاستئناف».
ويضيف: «نحن بصدد زيارة الوزير خليل لإطــــــلاعه على ما يجري، إذ من الضــــــروري التحرك فورا قبل تطور الأمور الى ما لا تحمد عقباه».
من جهته يوضح رئيس بلدية مشتى حسن حمزة الأحمد «أن ملكية هذا العقار فيها التباس فتمت مراجعة القضاء المدني للبت بالملكية. وقد صدر قرار قضائي قضى بإثبات الملكية لمصلحة ترسم ثم عادت البلدية واستأنفت الحكم عبر محكمة الاستئاف في الشمال التي صدقت على الحكم الابتدائي». وأضاف: «إن هبة 42 دونما التي قدمت للبلدية من قبل آل ترسم في العام 2000 لم تكن في عهدي ولم أكن أترأس المجلس ولا حتى أشغل منصب عضو فيه».
ودعا الأحمد الجميع «الى احترام قرار القضاء وعدم التشكيك بمصداقيته عندما تأتي الأحكام القضائية لغير مصلحتنا، كما دعا الى عدم تصفية الحسابات في القرى والبلدات مستغلين الحملة التي يقوم بها وزير المالية».
وكان وزير المال علي حسن خليل قد أحال ملفي التعديات على المشاعات العامة في بلدتين عكاريتين على النيابة العامة المالية لإجراء المقتضى القانوني. الأمر الذي أعطى ضوءا أخضر للأهالي وفاعليات بلدة جديدة القيطع لإبراز المستندات التي بحوزتهم والتي تؤكد عملية بيع المشاع، من قبل بعض النافذين في البلدة مقابل مبلغ مالي معين. هذا فضلا عن القيام بتشييد مقهى ومطعم في الأملاك العامة واستثمارهما من دون أي مساءلة.
وقد وجه المختار السابق لبلدة جديدة القيطع عصام جابر، كتابين لكل من وزير المالية علي حسن خليل ومحافظ عكار عماد لبكي، يدعي بهما على أشخاص عديدين من أبناء البلدة وخارجها بالتعدي على الأملاك العامة والمشاعات والمراعي العائدة الى البلدة، وتحديدا العقار الرقم 538.
وأفادت مصادر محافظة عكار «أن الشكوى قد أحيلت الى التنظيم المدني لإبداء الرأي تحت الرقم 201، ومن ثم سوف تُحال الى الجهات المعنية».

السابق
إنتحار المحقق الخاص بقضية «شارلي إيبدو»
التالي
الجذور العميقة لمجزرة «شارلي إيبدو»