النظام والمعارضة في سوريا يتفقان.. ولكن على لبنان!

تسبب قرار الدولة اللبنانية بإشتراط أذونات دخول للسوريين الى لبنان ببلبلة في السفارات اللبنانية في الخارج نظرًا الى العدد الكبير للسوريين الذين يقصدون لبنان، واشتكت بعثات عدة من عدم تزويدها بتعليمات واضحة لتنفيذ هذا القرار. وفي لبنان تحوّل هذا القرار الى مادّة للنقاش بين مؤيّد ومعترض، في حين أن الدول المسؤولة عن الفشل في إدارة الأزمة السورية، سواء اكانت إقليمية أو دولية، غائبة حتى بالمساعدات الإنسانية، وهي كما وصفها أحد الدّبلوماسيين اللبنانيين البارزين “أضرمت النيران وهربت”.

أثارت إستمارة تتضمّن أسئلة بسيطة تحدّد أسباب مجيء المواطن السوري الى لبنان هل للسياحة أو الطبابة أو التعليم أو الزيارة نقاشًا أكثر مما أثاره العدد غير المألوف للنازحين والذي تجاوز المليون والـ 500 ألف نازح، وفي حين غضّت الأطراف المعترضة الطرف عن الأردن، الذي فرض تأشيرات دخول على السوريين منذ قرابة الـ4 أشهر، بالإضافة الى اعتماده تقنية “بصمة العين” فضلا عن مخيمات النزوح التركية الأشبه بالسجون فإن التركيز هو على لبنان فحسب.

وفي هذا الإطار، علق مصدر دبلوماسي لبناني على قرار الحكومة اللبنانية بأن الاتفاقيات الدولية لا يمكن نقضها من طرف واحد، لكن الحالة اللبنانية بات يحكمها ما يسمّى “حق الدولة” نظرًا الى نسبة نزوح بلغت ربع الشعب اللبناني، وهي كارثة لم يشهدها أي بلد في العالم. من هنا فإن الضرورات تبيح المحظورات ونظرًا الى الوضع الاستثنائي الذي يمر به لبنان يمكن تبرير هذا التفرد من الجانب اللبناني بأنه إجراء إحترازي  بهدف احصاء السوريين الداخلين والخارجين الى الأراضي اللبنانية.

وعلّق الدبلوماسي على الإعتراض السوري الرسمي على الإجراءات الجديدة، بقوله: “لا تأبه السلطات السورية ولا المعارضة بأنّ لبنان بات يأوي مليون و500 ألف نازح، المهمّ بالنسبة الى الطرفين هو تخفيض عدد الأشخاص الذين يحتاجون الى مساعدة، من هنا لا مفاجأة بأن يعترض الطرفان على الإجراءات اللبنانية المحقّة، والتي تتوافق مع المصلحة الوطنية التي يجب أن تعلو فوق كلّ شيء”.

من جهة ثانية، قال ناشط سوري لـ “لبنان 24” بأنّ السوريين في الداخل اللبناني لم يواجهوا أية مشكلة مع الإجراءات الجديدة التي يطبّقها “الأمن العام اللبناني” ويتمّ تجديد الإقامات بشكل منتظم، لكنّ المشكلة نشأت لدى بعض العائلات حين قصد الأب مثلا سوريا ولم يعد بإمكانه الدخول فانشطرت العائلة الى قسمين”.

وقال الناشط بأنّ “النازحين السوريين قرأوا قرار الحكومة اللبنانية بشكل سلبي، سواء كانوا معارضين للنظام أو موالين له، فهم اتفقوا على أن الإجراء مؤذ لهم”. ولفت الناشط الى أنّ “لبنان له الحق باتخاذ إجراءات مماثلة حماية لمصالحه وهذا أمر لا يمكن تجاهله أيضا”.

ونفى الناشط السوري وجود مناطق آمنة يعود إليها السوريون، وقال: “هذا مستحيل وخصوصًا في حمص وحلب ودير الزور والرقّة، والأخيرتان خاضعتان لسلطة “الدولة الإسلامية” (داعش)، أما العاصمة دمشق فقد اختنقت بالنزوح الداخلي ولا يمكن العثور على شقة واحدة للإيجار بعد أن نزح سكان الريف الدمشقي بأكملهم الى العاصمة، أما بعض المحافظات ومنها السويداء فقد أوقفت استقبال النزوح السوري الداخلي بعد أن وصل عدد النازحين فيها الى 700 ألف نازح في حين أنّ عدد سكانها لا يتجاوز الـ300 ألف”.

ويشير الناشط الى أنّ النزوح الداخلي في سوريا بلغ أكثر من 5 ملايين مما منع مناطق عدة من الإستيعاب، وفي حين أوقف الأردن استقبال النازحين منذ 4 أشهر من دون الإعلان عن ذلك، كما حدّد في الوقت عينه (من دون الإعلان أيضًا) تأشيرات دخول للنازحين تعطى بعد معاناة كبيرة، أما العراق فلا يمكن النزوح اليه بسبب الوضع الأمني، والأتراك لم يعودوا يقبلوا دخول النازحين منذ فترة ولم يعد من منفذ إلا لبنان من هنا الإنتقاد الحادّ للقرار الحكومي المتّخذ.

 

 

السابق
رواية عن «أسلمة» المجتمع الفرنسي تثير جدلاً واسعاً
التالي
«زينا» تغادر النبطية تاركة خلفها ثوبها الأبيض