رسالة من لاجئ سوري إلى الله

طفل سوري
يتحدثون هنا دوما عن "النار" ويخيفوننا بها. لا يعرفون أني في هذه الليلة تحديدا أشتهيها. قدماي. أطراف أصابعي. هنا أشعر أنها تجمدت وأن الموت يتسرب بين الاظافر. ان بقيت حيّا اليوم، سأمضي غدا الى اي مكان فيه "نار".

عزيزي الله،

لا أعرف ما هو اسمي الحقيقي. أمي تناديني محمود على اسم والدي منذ غاب عنا وهربنا من منزلنا لنعيش في هذه الخيمة. في منزلنا، كان لنا خزانة للمونة في المطبخ وكانت تحتوي الكثير من الطعام. وكانت لي بضع ألعاب وحارة أركض فيها مع أصدقائي. لا أذكر إن كان اسمي محمود عندها.

في هذه الليلة الباردة، أشم رائحة المنزل والخبز الذي كان يحضره والدي باكرا من الفرن. وسأخبرك الحقيقة، سمعت أمي صباحا تقول لجارتنا في الخيمة المجاورة إنها تخاف أن نموت من البرد. وأنا أشعر بالبرد هذه الليلة يا الله. أسمع صفير الريح وأخاف أن تقع علينا الخيمة، لكني لا أستطيع أن أقول لأمي “أنا بردان” كي لا أعجل موتي. قل لي إني سأشعر بالدفء قريبا يا الله.

يتحدثون هنا دوما عن “النار” ويخيفوننا بها. لا يعرفون أني في هذه الليلة تحديدا أشتهيها. قدماي. أطراف أصابعي. هنا أشعر أنها تجمدت وأن الموت يتسرب بين الاظافر. ان بقيت حيّا اليوم، سأمضي غدا الى اي مكان فيه “نار”.

أريد أن أرفع عن جسدي الأغطية وأقوم لأتفقد أمي. أنا خائف ان تموت هي من البرد او ان الامر يحدث فقط للأطفال؟ لا نملك تلفزيونا هنا. في بيتي، كان يوجد تلفزيون كبير وكنا نرى فيه الثلج والمطر احيانا وننتظر ان يزورنا البياض في الحارة.

سأفشي لك بسر، لم أعد أحب اللون الأبيض ولا أريد أن أصنع رجل ثلج لألعب معه ولا أن أتراشق مع أصدقائي بالثلج. وأفضل أن ألتهم الجزرة التي يضعونها مكان الأنف وسيكون أفضل لو كانت حساء مثلا. لماذا لا تدع السماء تمطر غدا حساء بدل المياه. أعدك أن أحسن التصرف إن فعلت ذلك.

انا أفي بوعودي. ألا تذكر حين وعدتك ألا “اعذب” أمي حين سمعتها تبكي وحدها. لم تضطر أن ترفع “الشحاطة” لتهددني منذ ذلك اليوم. لقد صرت كبيرا يا الله. لم أعد طفلا مثل الذين يموتون من البرد. عدني ان تمطر غدا حساء. ليكن عهدنا هكذا “رجل.. لرجل”.

أنتظرك

تصبح على خير

السابق
«يونيسيف»: «داعش» أغلق المدارس في وجه 670 ألف تلميذ
التالي
إيران لن تشارك في أي مقامرة حول الحكومة السورية