«المستقبل» ـ «حزب الله»: تغطية سياسية للأمن.. والاستقرار

حزب الله وتيار المستقبل

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم السابع والعشرين بعد المئتين على التوالي.

برغم ما حملته «زينة» من عواصف وثلوج ورياح مرشحة للتصاعد في الأيام المقبلة، فإن برودة الطقس المناخي، قابلها «دفء سياسي» على أبرز «الجبهات» من جهة و «رياح إصلاحية» سلطت الضوء على قضايا فساد خطيرة بعضها عمره ربع قرن من الزمن.
وكان لافتا للانتباه أن الجولة الحوارية الثانية بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» قد انتقلت من مرحلة العموميات إلى البحث التفصيلي في جدول الأعمال انطلاقا من بنده الأول المتصل بتنفيس الاحتقان المذهبي والخطوات الواجب اتخاذها من الجانبين، على أن يُستكمل البحث في جلسة ثالثة تم تحديد موعدها، وفي الوقت نفسه، كان لافتا للانتباه، حرص الطرفين، وفي بند مستقل، من بيانهما المشترك، على إشهار تغطيتهما السياسية للجيش والقوى الأمنية في إجراءاتهم الأمنية على امتداد الأراضي اللبنانية.
وعلى خط الحوار، عُقدت، أمس، جلسة تحضيرية جديدة بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، اتفق فيها الجانبان على ترك الاتفاق النهائي على موعد انطلاق الحوار المرتقب بين النائب العماد ميشال عون ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع حتى نهاية الأسبوع الحالي.
إلى عين التينة، حضر الوفدان في موكبَين منفصلَين، وكان في استقبالهما المعاون السياسي للرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل، في الصالون الرئيسي في الطبقة الأولى.
غياب «الأستاذ» (بري) جعل الحاضرين أقل انضباطا.. ولذلك، اختلط الحديث السياسي بالشخصي والعائلي، في ظل جو مريح من جهة، ومجريات حوارية على مدى ثلاث ساعات، من جهة ثانية، بيّنت جدية وصراحة وإيجابية متبادلة عند الطرفين.
حضر عن «المستقبل» مدير مكتب رئيس «تيار المستقبل» نادر الحريري، وزير الداخلية نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر، وعن «حزب الله» المعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين خليل، وزير الصناعة حسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله.
وصدر بيان مقتضب عن المجتمعين تضمن الآتي: «جرى النقاش حول عنوان أساسي هو تنفيس الاحتقان المذهبي حيث حصل تقدم جدي في هذا الإطار. ومن جهة اخرى، جرى الاتفاق على دعم استكمال تنفيذ الخطة الأمنية على كل الأراضي اللبنانية».
هذا البيان عبر بدقة مرة جديدة عن مضمون المناقشات، وبدا واضحا أن العناصر والمؤثرات المتصلة بالاحتقان المذهبي غير خافية على أحد. لذلك، حرص الجانبان على الفصل في البيان بين «التقدم الجدي» في موضوع تنفيس الاحتقان، وبين (من جهة أخرى) «الاتفاق على دعم الخطة الأمنية»، في إشارة واضحة إلى أن موجبات تنفيس الاحتقان التي سيُستكمَل النقاش فيها في الجلسات المقبلة، لا تسري ولا ترتبط بالضرورة بموضوع الخطة الأمنية، حيث عبر الجانبان بشكل واضح عن عدم وجود رغبة بمصادرة دور الدولة بل حرصهما على تغطية كل خطواتها سواء في البقاع (مكافحة ظاهرة الخطف على أساس الفدية وعصابات سرقة السيارات والاتجار بالمخدرات وغيرها)، أو في باقي المناطق حيث برزت «هواجس موضعية» لدى «تيار المستقبل» إزاء «عناوين» محددة، تم الاتفاق على تبديدها في الجلسات المقبلة.
إرادة متبادلة.. بالتقدم
ومن دون مقدمات، بادر نادر الحريري إلى أخذ الكلام، مهنئا الحاضرين بحلول السنة الجديدة، منوها بمناخ الحوار ومردوده الإيجابي. وانتقل بعد ذلك إلى جدول الأعمال الذي كان متمحورا حول تنفيس الاحتقان، وأكمل من بعده الحاج حسين خليل مهنئا بالسنة الجديدة، ومنوها بمناخات الحوار ومردودها الإيجابي سياسيا وإعلاميا في الشارع اللبناني كله.
وساعد الجلوس في الصالون مرة ثانية، وليس حول طاولة رسمية، الحاضرين على كسر الطابع الرسمي، علما أن هذه الأريحية، لم تجعل «كتبة المحاضر» يرتاحون، إذ كانوا حريصين، كعادتهم، على عدم تفويت أية شاردة أو واردة.
وعلى غرار الجولة السابقة، انعقدت الجولة الثانية بعيدا عن الإعلام، في محاولة لإضفاء جدية مماثلة لجدية الجلسة الأولى، خصوصا أن الطرفَين بَيَّنَا التزامهما بعدم تسريب مضمون المناقشات التفصيلية، وهي نقطة حرص المجتمعون على التأكيد عليها مجددا.
وعلى عكس العشاء الذي فلشه الرئيس نبيه بري في المرة الماضية، احتلت وسط «صالون الحوار»، أمس، طاولة كانت عامرة بالتمر والجوز والحلوى على أنواعها والفواكه المتنوعة والعصير (برتقال ورمان) والشاي والقهوة.
وبطبيعة الحال، قدم وزير الداخلية، ومن موقعه الرسمي، مداخلة سياسية تنسجم مع المعادلة الثلاثية التي طرحها عشية الحوار: تماسك وطني، احتراف أمني، شجاعة فقهية.
بدا واضحا، وللمرة الثانية، أن الطرفَين يأتيان من أماكن متباعدة جدا، ولكنهما يملكان إرادة مشتركة بالتقدم والتوصل إلى قواسم مشتركة وليس تقطيع الوقت أو إبراز عناصر اختلافهما التي يدركانها منذ «افتراقهما الكبير» قبل خمس سنوات. كما أن الطرفَين يدركان أن أصل اللقاء والحوار أدى إلى تخفيف منسوب الاحتقان مثلما كان أصل تأليف حكومة الرئيس تمام سلام عنصرا يصب في الاتجاه نفسه.
«الحوار يحتاج إلى وقت. لا توترات أمنية تحتاج إلى تدخل الطرفين حاليا. المطلوب إعطاء صلاحيات للجيش وباقي المؤسسات الأمنية من أجل القيام بمهامها في جميع المناطق اللبنانية. لا أحد طلب من الآخر وقف الحملات الإعلامية، لأن «الحملات» بهذا المعنى غير موجودة عند الطرفين».
«إذا كان أصل الحوار حماية الاستقرار.. نحن ماضون في الحوار وفي الأسبوع المقبل (الثلاثاء على الأرجح)، سنمضي في الاتجاه نفسه، من دون الخوض في تفاصيل ليست في صلب اختصاص المجتمعين، إذ يكفي التأكيد على تغطية الخطة الأمنية من دون الخوض في تفاصيلها في هذه المنطقة أو تلك، فهذا الأمر متروك للقوى العسكرية والأمنية».

الحوار العوني ـ «القواتي» مستمر

في موازاة حوار عين التينة، علمت «السفير» أن الاجتماعات التحضيرية بين «التيار الوطني الحر» و «القوات» تقترب من التفاهم على جدول أعمال الحوار وآلياته انطلاقا من بند أول هو حل أزمة رئاسة الجمهورية، ويشمل أيضا: قانون الانتخاب، اللامركزية الإدارية الموسعة وفق ما نص عليها اتفاق الطائف، قضية الإصلاح المالي (الحسابات المالية)، قضايا أخرى مثل النزوح السوري إلى لبنان ومواجهة التوطين الفلسطيني في لبنان.
ومن المقرر أن يتابع الجانبان اجتماعاتهما التحضيرية طيلة هذا الأسبوع لتحديد أطر اللقاء الثنائي (الطرفان يرفضان أن يكون اللقاء شكليا وللصورة) وإنضاج الأجواء وتثبيت جدول الأعمال.
وقال ممثل «التيار الحر» في الاجتماعات التحضيرية النائب ابراهيم كنعان لـ «السفير» إن الهدف من الحوار هو المساهمة في الوصول إلى قاعدة عمل مشترك حول القضايا التي يتم التوصل فيها إلى تصورات مشتركة، فضلا عن وضع آلية لتنظيم العلاقة سواء في حالة الاتفاق والتفاهم أو الاختلاف. وتمنى وصول حوار عين التينة إلى نتيجة إيجابية لأنه سينعكس إيجابا على المناخ السياسي العام، مشددا على أهمية «لبننة» الاستحقاق الرئاسي وأن يكون الخيار الأول فيه للمسيحيين.

سجال وزاري.. وإشعاعات

من جهة ثانية، وفي غمرة فضائح الفساد الغذائي والبيئي والعقاري والمالي، والسجال المتجدد بين أهل البيت الحكومي سواء حول مطمر الناعمة بين وزيرَي البيئة محمد المشنوق والزراعة أكرم شهيب وكذلك بين وزيرَي الصحة وائل أبو فاعور والاقتصاد ألان حكيم، كشف وزير المال علي حسن خليل عن فضيحة جديدة تتمثل في ضبط جمارك المطار ومرفأ بيروت موادّ صناعية وأدوات منزلية مستوردة من الهند تحتوي على مواد مسرطنة ونسب عالية جدا من الإشعاعات الملوثة والخطيرة جدا على صحة المواطنين.
وفيما كان الوزير خليل يدعو إلى محاسبة المتورطين، برزت تساؤلات فقط ليس حول المواد المكتشفة، بل حول الكميات التي أُدخلت منها إلى لبنان ومتى، وأين وُزِّعت، وهل يمكن حصرها، والأهم كيف دخلت إلى لبنان طالما هي بهذا المستوى من الخطورة، ومن سمح بإدخالها، وعلى أية مختبرات عُرضت قبل إدخالها، وأين هي النتائج المخبرية، ومن هي الشركات المتورطة وهل هناك أجهزة رسمية معها وهل في الإمكان محاسبة هؤلاء أم أنهم محصنون بمحميات سياسية أو غير سياسية (ص4)؟

«زينة» تضرب لبنان

على الصعيد المناخي، يدخل لبنان اعتبارا من اليوم تحت رحمة «زينة» العاصفة التي تضربه حتى الأحد المقبل. وتوقعت مصلحة الأرصاد الجوية طقسا غائما وممطرا بغزارة مع رياح شديدة تصل أحيانا إلى (90) تسعين كيلومترا في الساعة، مع تساقط الثلوج بعد الظهر على ارتفاع 1300 متر ويتدنى تدريجيا خلال الليل إلى 800 متر شمالا.
وقال المدير العام لمصلحة الأبحاث العلمية والزراعية في تل عمارة د.ميشال أفرام إن الثلوج قد تصل إلى مرتفعات دون الـ500 متر، وتتدنى درجات الحرارة ويكون أقصاها ليل الخميس ـ الجمعة والسبت حيث تتدنى إلى حدود 10 درجات تحت الصفر في البقاع، مما يؤشر إلى تشكل الجليد والصقيع.

السابق
الفيزا اللبنانية: انتقام الجبناء!
التالي
إلامَ يسعى دوميستورا؟