شيخ سعد.. لا تتنازل مجدّدا فشهداؤنا يشهدون على حوارهم

سعد الحريري
شيخ سعد رفيق الحريري، أنت "ابن الشهيد". وكانت جدتي تقول "من جرّب المجرّب كان عقله مخرّب". شهداؤنا أمانة في أعناقنا وهم ملح الأرض. فإكراما لدماء الشهداء لا تتنازل.

اعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن الوطن الذي حلم به الشهيد الوزير محمد شطح لا يشبه بشيء ما يشهده اللبنانيون اليوم ، وقال في ذكرى اغتيال الوزير محمد شطح: ”لن نيأس او نستكين حتى تحقيق الاهداف الذي سقط شهداء ثورة الارز من اجلها ونعاهدك بان دماءك لن تذهب هدرا”.

وأضاف: ”عيونك ستبقى ساهرة على الارض وستبقى مثالا في الوطنية والاعتدال والانفتاح والنضال في سبيل الحرية والانسان”.

,رأى الرئيس سعد الحريري أن “الذين اتخذوا قرارا بتصفية محمد شطح يدركون اليوم انهم أصابوا هدفا لا يعوض، وان شطب اسم محمد شطح من الدائرة السياسية لقيادة تيار المستقبل هو ضربة موجعة أصابتني شخصيا وتسببت بفراغ كبير في المجال الحيوي لعملنا الوطني والسياسي”.

يوم اغتيال الوزير محمد شطح كانت أعلنت قوى ١٤ آذار تحويل اجتماعاتها الى سرية، وأعلن الرئيس فؤاد السنيورة ان تلك القوى ستلجأ الى المقاومة المدنية.

تسمرنا خلف شاشات التلفزة حينها بانتظار دعوة الجماهير الى ساحة الحرية لإعادة إطلاق ثورة الأرز وتجديدها. وكنت أظن انها ستكون على طريقة سمير قصير “عودوا الى الشارع” . لم تتأخر قوى ١٤ آذار في إطلاق تحركها حينها فكان بعكس التوقعات منها وإذ بها تتحول من المقاومة السلمية الى المشاركة بحكومة الامر الواقع، حكومة تجلس داخلها مع حزب الله الذي وجهت اتهامات الى قياديين وعناصر فيه باغتيال شهداء ١٤ آذار، بمن فيهم الرئيس رفيق الحريري الذي نشأت المحكمة الدولية لتحقق في قضية مقتله. فكانت ذكرى إغتيال الرئيس الحريري حينها مناسبة لحزب الله لتكريس دوره في الاستيلاء على الدولة اللبنانية باسم جبهة الممانعة.

وكان قبول تيار المستقبل بالمشاركة في الحكومة حينها قبل ان يعلن “حزب الله” مسبقا عن التزامه بإعلان بعبدا، لا يشبه المقاومة إطلاقا وما هو الا ترجمة للحظة تلاقي سعودية ايرانية نتج عنها ما سمي “حكومة المصلحة الوطنية”، ترجمة لاختبار النوايا الحسنة الايرانية تجاه السعودية والمجتمع الدولي عشية مفاوضات النووي الايراني.

إلا أن تلك الحكومة، بخليطها الغريب، لم تؤدّي الى الاقرار باستراتيجية بناء الدولة الحقيقية ذات السيادة الكاملة. ما هكذا تورد الإبل يا شيخ سعد لأنّ “المؤمن لا يُلدغ من جحر واحد مرتين”.

والعمل الى جانب “حزب الله” دون شروط مسبقة هو غطاء لاستراتيجيته القائمة على تلازم سلاحه غير الشرعي مع سلاح الشرعية اللبنانية، وعلى تغييب الدستور والمؤسسات خدمة لمشاريعه الإقليمية، لذلك كان على قوى ١٤ آذار الاستمرار في المواجهة السياسية بدل السير بحكومة لا مصلحة للبنان بها، وها هي الايام تدور ويقع تيار المستقبل في الحفرة نفسها، ويذهب في ذكرى اغتيال الوزير شطح الى الحوار مع حزب الله على قاعدة تخفيف التوتر الطائفي مع شروط مسبقة من حزب الله بعدم البحث بسلاحه الغير شرعي، وعبوره الحدود للقتال في سوريا دفاعا عن نظام قاتل.

حين تشكيل الحكومة التي سميت “حكومة المصلحة الوطنية” رسم الامين العام لحزب الله السيد حسن الخطوط العريضة لبيان الحكومة العتيدة، بما يحمي مصالحه ومخططه مستقبلا، فكانت الخطوط الحمر كالتالي: “القتال في سوريا شرعي وهو لمواجهة الالغائيين التكفيريين وعلى قوى ١٤ آذار (وزراء العدل، الداخلية، الاتصالات) مساندتنا في مواجهة الإرهاب”.

فأصبح الحزب باسم المقاومة ممسكاً بملف القتال مع اسرائيل وهو من يحدد توقيت المعركة وليس الدولة الللبنانية بمؤسساتها، وهو يحدد سياسة لبنان اتجاه سوريا. فتحولت سياسة “النأي بالنفس” الى تدخل مباشر لرسم مسار المعركة وعبور المقاتلين من لبنان الى سوريا للمشاركة في القتال مع النظام ضد الشعب السوري. داخلياً حل حزب الله مكان القوى الأمنية اللبنانية بنشره مليشياته تحت مسمى “سرايا المقاومة” في كل المناطق اللبنانية لتهديد امن كل من يعارض اجندتهم الداخلية لفرض حالة من الفوضى وتحويل البلد الى جزر أمنية مقفلة بوجه أجهزة الدولة.

نصّب السيد حسن نفسه محاربا للإلغائيين التكفيريين وكأنّ التاريخ سينسى انه تحت المسميات نفسها الغى حزبه الآخر المختلف عنه، حين تولّى تصفية مفكّرين كبار في “الحركة الوطنية” اللاطائفية، مثل حسين مروه، مهدي عامل، خليل نعوس، سهيل طويله…

شيخ سعد رفيق الحريري، أنت “ابن الشهيد”. وكانت جدتي تقول “من جرّب المجرّب كان عقله مخرّب”… والحل بالعبور الى الدولة ومواجهة كل ما يؤدي الى تفكك الدولة. فاثبت على المناصفة ولا تذهب الى المثالثة.

شهداؤنا أمانة في أعناقنا وهم ملح الأرض، وملامح دولتنا، “دولة الحرية والسيادة والاستقلال”، هي وكلماتنا تقف مكبّلة بالخجل أمام ما قدّمه هؤلاء العظماء من تضحيات، فهم الذين يجعلون بدمائهم كل شيء حي، إكراما لدماء الشهداء لا تتنازل.

السابق
هؤلاء يا وزير المالية سرقوا 20 مليون $ من مشاعات رب ثلاثين (2/2)
التالي
الصيغة اللبنانية الجديدة تقرّرها الحربُ السورية (2)