القلمون: مجموعات إسلامية تؤسس «مجلس شورى»

تستمر المعارك للشهر الثاني على التوالي في القلمون بين تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» – «داعش» من جهة وفصائل إسلامية أخرى من جهة ثانية، مع استمرار حالة الاستقطاب الشديد التي تعيشها الفصائل المسلحة في المنطقة، والتي أدت مؤخراً إلى تشكيل عدة تحالفات عسكرية، وسط معلومات عن تدخل زعيم «جبهة النصرة في القلمون» أبو مالك التلي لحل الخلاف في وادي بردى المجاور.

وفي خطوة، تُحتسب لمصلحة «الدولة الإسلامية»، أعلنت مجموعة من الفصائل، أهمها «ألوية تحرير الشام» و «مغاوير القلمون» و «شهداء مهين»، تشكيل ما أسمته «مجلس شورى المجاهدين في القلمون الشرقي»، وذلك بعد أيام من اتفاق «لواء الغرباء» و «أسود السنّة» على تأسيس معسكر «صقل المجاهدين».
وقال قائد «ألوية تحرير الشام» فراس بيطار، الذي ألقى بيان تأسيس المجلس، إن الهدف هو «الحفاظ على مقاصد الشريعة الخمسة، وهي الدين ــــ النفس ــــ العرض ــــ المال ــــ العقل، بالإضافة إلى تحصين الثغور والاستمرار في التصدّي لقوات (الرئيس بشار) الأسد في المنطقة، وتجنّب الاقتتال بين الفصائل الإسلامية والثورية في المنطقة».
ولا يخفى أن «داعش» يشعر بالارتياح تجاه أي موقف حيادي تتخذه بعض الفصائل، لأنه يعني بالنسبة له تقليل القوة التي يقوم بمواجهتها، لذلك فإن تشكيل هذا المجلس ووقوفه على الحياد يُعتبر، في ظل حالة الاقتتال المستمرة، نقطة لمصلحة «داعش»، سواء أقصد مؤسسوه ذلك أم لم يقصدوا.
وتواصلت المعارك في منطقة القلمون الشرقي بين «الدولة الإسلامية» من طرف و «جبهة النصرة» و «جيش الإسلام» و «أسود الشرقية» من طرف ثانٍ.
وإذ دخلت هذه المعارك شهرها الثاني، فإن دائرتها تتسع باستمرار وتشمل مناطق جديدة يوماً بعد يوم. فبعد بير القصب، التي انطلقت منها المعارك، انتقلت إلى المحسة في ريف حمص، ثم امتدت إلى القريتين. وفي اليومين الماضيين اندلعت الاشتباكات في بئر المحروسة القريبة.
وبينما نشر «المكتب الإعلامي في ولاية دمشق» التابع لـ «داعش» صوراً تُظهر تقدم مسلحيه في القريتين، سارع إعلاميو «جيش الإسلام» إلى نشر صور تظهر تقدم الأخير في بئر المحروسة وتطهيرها من مسلحي «الدولة الإسلامية».
وتعتبر المعارك الجارية في منطقة القلمون الشرقي شديدة الأهمية بالنسبة للمصير الذي ينتظر القلمون الغربي، لأن نجاح «داعش» في السيطرة عليها يعني إحكام الحصار على القلمون الغربي وقطع خطوط الإمداد عنه، الأمر الذي يتيح له ممارسة ضغوط إضافية على الفصائل الموجودة هناك، ومنها «جبهة النصرة» لتقبل بمبايعته أو على الأقل تمتنع عن قتاله. مع الأخذ بعين الاعتبار حالة الترقب التي سادت في منطقة وادي بردى بعد نشوب أول اشتباكات من نوعها، الأسبوع الماضي، بين بعض الفصائل ومجموعة مبايعة لزعيم «داعش» أبو بكر البغدادي تتخذ من دير مقرن مقراً لها، علاوة على ما كشفت عنه «السفير» قبل أيام من وجود خلافات بين تيار من «جبهة النصرة» في منطقة وادي بردى و «حركة أحرار الشام».
وهذا ما دفع «جبهة النصرة» إلى اتخاذ بعض الإجراءات لمنع تطور الأمور ووقفها عند نقطة يمكنها السيطرة عليها. فمن ناحية عمدت «النصرة» إلى كسب ود المتشددين في المنطقة ممن تخشى ميولهم إلى «داعش»، وذلك عبر إعطاء مؤشرات على أنها في سبيل تطبيق الشريعة الإسلامية في المنطقة، وكانت خطوتها الأولى هي فرض الزي الشرعي على النساء.
ومن ناحية ثانية، سرّب إعلاميون مقربون من «النصرة» أن أبا مالك التلي يقود وساطة لحل الخلافات في منطقة وادي بردى، مستفيداً من موقعه المتميز الذي اكتسبه بعد رسالته الأخيرة التي رفض فيها وصف «الدولة الإسلامية في القلمون» بأنهم خوارج، خلافاً لموقف القيادة العامة لجماعته، من دون أن يذكر الإعلاميون أي تفاصيل أخرى حول مسار الوساطة واحتمالات نجاحها.
من جهة ثانية، قال مصدر في المعارضة السورية، لوكالة «فرانس برس» أمس الأول، إن 28 معارضاً تلقوا دعوة من روسيا لعقد اجتماع في موسكو نهاية كانون الثاني الحالي، بهدف التحضير لطاولة حوار مع السلطات.
وأوضح المصدر أن بين المدعوين رئيس «الائتلاف الوطني» السوري المعارض هادي البحرة، والرئيسين السابقين لـ «الائتلاف» معاذ الخطيب وعبد الباسط سيدا. وتضم اللائحة أيضا أعضاء في معارضة الداخل، بينهم حسن عبد العظيم وعارف دليلة وفاتح جاموس. ودُعي أيضا قدري جميل، وهو نائب سابق لرئيس الوزراء السوري أقيل من منصبه في العام 2013.
وأعلنت مجموعة «سوريا الوطن»، المرتبطة بمعاذ الخطيب، في بيان أنه يجب على الرئيس بشار الأسد أن «يتنحى في إطار أي حل سياسي للحرب».
ووضع الخطيب بياناً، على صفحته على «فايسبوك»، اعتبر فيه أنه «لن يكون هناك حل من دون رحيل رأس النظام والمجموعة التي ساقت سوريا إلى المصير البائس الذي وصلته اليوم». وقال الخطيب إن البيان صادر عن مجموعة «سوريا الوطن» وموجه إلى الشعب السوري. ولم يتضح ما إذا كان الخطيب هو زعيم هذه الجماعة ومن هم الأعضاء الآخرون.
في هذا الوقت، بدأ «الائتلاف» اجتماعاته في اسطنبول لبحث الدعوة الروسية لعقد مباحثات مع السلطات السورية. وسينتخب، خلال جلسات الاجتماع التي تستمر ثلاثة أيام، رئيساً جديداً لـ «الائتلاف».

السابق
البحرين: قمع متظاهرين على خلفية اعتقال سلمان
التالي
عاصفة ثلجية تضرب دولاً عربية