أحمد سعد: الغُربة والحنين صنعا منيّ شاعراً

نحتت الغربة في كيان الشاعر احمد سعد حنيناً كبيراً الى وطن، ومحبة عارمة لأهله وناسه. فكتب لوطنه وعنه، عن بُعد، بمحبة صادقة وشعور كبير واحساسٍ مرهف. لم يكتب شاعرنا للوطن فقط بل كتب للاهل، الاصحاب والاحباب…

هو فنان ينحت الكلمة ويحفر الكلمات قصائد، كان فتىً عندما سافر الى افريقيا حيث درس الفرنسية والانكليزية بالمراسلة، وذلك بعد ان ختم قراءة القرآن الكريم في وطنه الام، احب المطالعة والعلم والاطلاع وصقل موهبته الشعرية ليصبح شاعر الوزن والقافية، انتخب شاعرنا نائباً لرئيس الجامعة الثقافية في السنغال، وانتسب الى “الحركة الثقافية في لبنان”، اسس ملتقى الهجرة والهجير في دارته في بلدة معركة الجنوبية بقضاء صور، كما واسس “ندوة العلية” التي تقام من خلالها الندوات الشعرية والثقافية” عصر كل خميس من كل اسبوع، له دواوين عدة، بدأ كتاباته الاولى في مجلة العرفان للشيخ احمد عارف الزين، من مؤلفاته نذكر: الهجرة والهجير – عبير وزفير – اللحن الاخير – مروة – الحان الخريف – صدى الاعماق – حصاد السنين….
عن دواوينه يقول انها قصة عمر في ديوان شعر وانها سرد لوقائع مرت على الشاعر فمنها من أهداها لابنه المتوفي ومنها من أهداها لزوجته رحمها الله، لأولاده، لاحفاده، لوطنه، للقادة الوطنيين الكبار ولآل البيت (ع)… ولبلدته معركة حيث قال:
يا زائراً حرم الجنوب تبركاً احرم فأنت بحرمة الشهداء
واخلع بمعركة نعالك شاعياً بسعي الجميع يثرب وحراء
عجز بتربتها الحنين تيمماً وتوضؤ من نورها الوضاء
اما عن ولده عصام الذي توفي في ربيع شبابه يقول:
يا طوداً تداعى وهو في شاهق عزه وعلائه يا قمراً تلاشى في ساطع صفوه وحيائه
يا فارساً ترجل وهو في اوسج سبقه وبلائه يا سيفاً تثلم وهو في منتهى حقله وفضائه
يا منهلاً، غيض، وهو في ذروة دفقه وثرائه
ويقول عن الايام المريرة التي عصفت به بعد وفاة ولديه وزوجته:
يا قلب ما فعلت بك الايام عصــفت بــك الارزاء والالام
في كل ركن في شقائــك طعنة سهم تزاحمة لديك السهام
هذي الحياة تصفوها وحروفها هي في الحقيقـــة علقـــم

عن كتابه الاخير “ألحان الخريف” يقول انه كدواوينه السابقة يحمل اسم الحان الخريف ويقول انه قصة عمرفي ديوان شعر ويتابع: هي الحياة يصفوها وحروفها وهل وفصل واحة وسعير فهنا خريف عاصف بزفيره وهنا ربيع وارف وعبير…

كتاب “اللحن الأخير”
أما عن كتاب اللحن الاخير فيقول انه جمع لعدد من قصائده التي القاها وكتبها في مناسبات عدة ككتاباته لرثاء زوجته الفاضلة ام عصام ورفيقة الدرب وشريكة العمر التي غنيتها وغنَّتني ونحن اتراب لم نبلغ الحلم بعد. والتي خطفها الموت لتتركني وحيداً في هذه الفانية، اعتصر الماً وحزناً لفراقها كما كتبت فيه عن فراق اولادي وفلذات اكبادي الذي غيبهم الموت وهم في ريعان الشباب ويقول:
وان شط المزار ففي الحشا كبد مع الدمع السخين تسيل
فإذا نأيت بناظري فأنت في طي الجوارح قاطنٌ ونزيل

ويتابع: كنت ولازلت اكتب الشعر في كل المناسبات التي تصادفني في الحياة كالمناسبات السعيدة والحزينة وكنت اكتب ايضاً عند ولادة احفادي واولادي وكتبت لحفيدتي المميزة مروى فقلت:
مروى او ليت يطيعني قلمي لكتبت حولك قصة تروى
سواك ربك رونقاً وحلا سبحان من حلا ومن سوى

عن مؤلفاته ودواوينه التي اصدرها منذ ان بدأ بكتابة الشعر يقول: اصدرت كتاباً يحمل عنوان “صدى الاعماق” واخر يحمل عنوان “حصاد الثمانين” اصدرته حين بلغت العقد الثامن من العمر، وتفرغت للكتابة والحياة الاجتماعية. فأنا هاجرت الى القارة السوداء ولم اكن ابلغ السادسة عشرة وامضيت حياتي في العمل ولكن درست اللغات بالمراسلة، اصدرت ايضاً كتاب “مروى” واطلقت عليه اسم حفيدتي المميزة كما اصدرت كتاباً بعنوان “حضارات مشعة في حياة الامام الصدر” فالامام الصدر كان يزورني في منزلي بأفريقيا ولدي رسائل وصور معه، كما اصدرت كتاب “هجرة وهجير” وهو كتابي الاول وذلك لأن الشاعر الكبير سعيد عقل عندما قرأ وسمع قصائدي أطلق عليّ لقب “شاعر الهجرة والهجير” وانا افتخر بهذا اللقب من شاعر كبير كالشاعر سعيد عقل. ويتابع اصدرت ايضاً كتاباً بعنوان “عبير وزفير” فالعبير بالنسبة لي هو الوطن والجنة المنشودة اما الزفير فهو الهجرة الذي اشبهه بصوت النار والخريف..

دمعة وفاء
وانا اقول بكل تجرد ان الغربة والحنين الى الوطن والتعلق بالارض صنعوا مني شاعراً. وعما اذا كان شاعرنا يكتب الشعر على الوزن والقافية يجيب ببيتين شعريين:
ايها السائل عن اهلي وعن مستوى شعري ومنحي ادبي
انا من عامل اسمو ادباً ولام الضاد يرقى نسبي

يدنو الشاعر احمد سعد ابو عصام ،كما يحب ان ينادى، من الاريكة التي يجلس عليها ويحدثنا ويقترب من مكتبته التي تضم مئات الكتب ويفتح ملفاً ليخرج منه رسالة بخط الامام موسى الصدر ويقرأ سطراً منها فيقول هذا ما كتبه لي الامام:
“معك اقتحمت المجاهل فإذا بشأنك شأن المغامرين الابطال فأنت الانسان المثال الذي يهاجر ولا يهجر لان للوطن واهله في قلبك طيب الاثر…”

يمسح ابو عصام دمعه انسابت على خده بحرقة وبقول ان الامام الصدر شخصية عظيمة لن يكررها التاريخ ولو كان موجوداً اليوم لما مر لبنان بهذه الازمات والظروف العصيبة التي نعيشها.
وعما اذا كان الشاعر ابو عصام قد كتب لآل البيت (ع) قال كتبت عن ال البيت (ع) اجمل الاشعار وبالطبع فمهما كتبنا عنهم لم نعطيهم حقهم ولم ننصفهم ومهما اقمنا مجالس عزاء وذكرى لهم نبقى مقصرين جداً بحقهم وانا قلت عن ال البيت (ع) بإحدى اشعاري:
يا ال هاشم يا اقمـــار عامله يا من اليكم تناهى العلم والادب
الشعر والفكر في اسفاركم نزلت والمجد والفخر انتم اهلها النجب
من بيتكم اشرف التنزيل متألقاً ومن همامكم تسامى العجم والعرب…
وعن ندوة العلية يقول انها سلوتي وونيستي وجامعة اصدقائي…

ونحن نقيم عصر كل خميس من كل اسبوع ندوة في منزلي. (صيفاً في حديقته وشتاءً في صالته) والندوة هي عبارة عن القاء اشعار وكتابات شعرية وخواطر ونثر وقصص، واحاديث ويحضرها عشرات الشعراء والمثقفين المهتمين، وحتى الاعلاميين ونساء ورجال. ويشير بقوله: ان ندوة العلية ستستمر حتى بعد وفاتي لانها ملتقى للاصحاب والاحباب وهذه الندوة اسستها منذ عشرات السنين ولم انقطع عن تفعيلها واقامة النشاطات الثقافية والشعرية من خلالها فقد شارك فيها اهم الشعراء من الجنوب ولبنان وزارتني من خلالها اهم الشخصيات كالوزراء والنواب وغيرهم…

ويختم الشاعر الجنوبي العاملي الذي اعطى للشعر قيمة اضافية حديثه لمجلتنا مثنياً على جهودنا قائلاً:
الشكر كل الشكر لكم ادارة واسرة تحرير مجلة شؤون جنوبية المجلة الرائدة، الصامدة والواعدة التي اتمنى لها مزيداً من التقدم والنجاح لانها تلامس قضايا الجنوب والجنوبيين وتبرز اعلامه وتدعم طاقاته… وفقكم الله والى الامام.

السابق
موسكو تدعو 28 معارضاً سورياً للحوار
التالي
فيديو الجنرال الايراني «تقوي»: شجاعة تفوق الخيال!