وليد جنبلاط: «الطريق الى نهاية العالم»

كلّ الانظار تتجه نحو فلسطين، والعدوان الاسرائيلي على غزة. ليس عند أحد من «المصادر» والشخصيات المطّلعة على طبيعة الواقع السياسي المحلي ما هو جديد.
حركة جنبلاط تبدو نوعاً من التنشيط للحياة السياسية، ومحاولة لكسر الجمود الحاصل في البلاد.

حركة النائب وليد جنبلاط المحلية، تحت عنوان «فلسطين توحّدنا»، وزيارته السيّد حسن نصرالله والرئيس نبيه بري، وتحذيره من «وصول داعش» الى لبنان هي العنوان الأبرز بعد عطلة الاعياد.

درج جنبلاط على «إهداء الكتب»، وتوجيه الرسائل السياسية عبر عناوين هذه الكتب ومضامينها، وفقاً للظرف والحدث.
الجميع يذكر كيف أخذ معه الى جلسة الحوار عام 2006، كتاب «سمرقند» لأمين معلوف. يومها كان يودّ إسقاط التاريخ على الواقع اللبناني وحالة «حزب الله» فيه.

منذ مدة كان يوزّع نسخاً من رواية «دروز بلغراد»، لربيع جابر، وهي رواية تتقاطع مع وجهة نظر «البيك» حول «لعبة الامم» ومستقبل الدروز، في ظل واقعهم الاجتماعي والاقتصادي الحالي. كما أنه علّق على زواج الممثل العالمي جورج كلوني قائلاً: «ربما سيتمكن كلوني من إنجاز فيلم عن آخر «الموهوكيين الدروز»، وذلك في اشارة منه الى فيلم كلوني الشهير أو «آخر الموهوكيين» (The Last of the Mohicans).

لطالما عبّر جنبلاط عن خشيته على «مستقبل الدروز»، وتحدّث عن الخصوصية الدرزية، ولا يترك مناسبة الّا ويرسل من خلالها اشارات تنمّ عن الخوف على المستقبل في ظل «الزلزال» الذي يضرب المنطقة.

كان أوّل مَن نعى «سايكس بيكو»، حيث كان يبحث عن قبر الثاني ليضع عليه زهرة. مهجوس بالتاريخ هذا الرجل، والاحداث التي عايَشها وقرأ عنها، وقدرته على القراءة والاستشراف تجعله سبّاقاً في التقاط العناوين الخاصة بكلّ مرحلة. أَلم يَقل إنّ بعض اعمال الروائي البرتغالي خوسيه ساراماغو تذكّره بمعارك «سوق الغرب»؟ وإنّ أعمال حامل نوبل للآداب «فيها نوع من العبثية»؟

انه العبث نفسه هو الذي دفع جنبلاط الى استشعار الخطر الآتي من الشمال عبر «داعش واخواتها»، وبعد تهجير المسيحيين من الموصل وهدم ضرائح الانبياء والاولياء والتاريخ. هذا المشهد يُخيف حتى «السُنّة المعتدلين» فكيف بالأقليات «المجهرية»، وهي تشاهد مثيلاتها وقد استأنفت «هجرات جماعية» لم نشهد مثيلاً لها في التاريخ الحديث.

هذا المشهد المعطوف على جملة من الاحداث والتحولات السياسية، اكّد لجنبلاط أنّ الزلزال الذي يضرب المنطقة، يشبه الى حد ما نهايات السلطنة العثمانية، وسقوط «الرجل المريض». ربما لهذا أهدى جنبلاط الى السيّد حسن نصرالله كتاباً لـ جيمس بار حول حقبة صناعة اتفاق سايكس ـ بيكو «A Line in the Sand».

لا أحد يجزم بأنّ جنبلاط حمل معه مبادرة سياسية الى نصرالله. جميع المطّلعين على اللقاء يؤكدون أنه كان وديّاً، ويؤكدون أن اهميته تكمن في حصوله. وبعد لقائه بري طمأن الى أنه لم يتطرّق مع «السيّد» الى ملف رئاسة الجمهورية، وقال إنّ المسيحيين «يضعفون أنفسهم»…

هذه الجملة لا تخرج عند مَن يعرف عقل جنبلاط عن السياق الذي يفكر فيه الرجل حالياً. هو يعتبر أنّ المرحلة التي تعيشها المنطقة تطرح على المسيحيين تحديات كبرى، وأنهم لا يملكون اليوم تَرف الانقسام والاصطفاف التقليدي. وعليه، فإنه من خلال كلامه هذا يحاول استنفارهم ليتعاملوا مع الاستحقاق الرئاسي بجدية اكبر، وليس انطلاقاً من موقع المناكفات والكيدية وتغليب المصالح الشخصية.

حركة جنبلاط تبدو نوعاً من التنشيط للحياة السياسية، ومحاولة لكسر الجمود الحاصل في البلاد. ليس لهذه الحركة مردود سياسي مباشر، لكنها جزء من جهود يبذلها شارحاً للجميع وجهة نظره حول مستقبل لبنان والمنطقة والمشاريع المرسومة والخرائط المهددة بالزوال.

جنبلاط مهجوس بالتاريخ، تسكنه الاحداث التي قرأ عنها وتلك التي عاصرها أو شارك في صُنعها. لذلك تجده من كتاب الى آخر، ومن رواية الى أخرى يبحث عن «الطريق الى نهاية العالم»… ويُبادر…

السابق
أسماء جديدة في ملف التفرغ.. و’اللبنانية’ لم تتسلم اللائحة النهائية
التالي
إمام مسجد يقطع التراويح ويطرد المصلين بسبب ….