18 سنة على عدم إدخال مواد البناء إلى مخيمات لبنان

قبل 18 عاماً، وفي صبيحة يوم 1/1/1997، تفاجأ اللاجئون الفلسطينيون في لبنان بصدور قرار يمنع اللاجئ الفلسطيني من إدخال مواد البناء أو الترميم إلى مخيمات الجنوب الخمسة “الرشيدية والبص والبرج الشمالي والمية ومية وعين الحلوة”، إلا بموجب الحصول على إذن رسمي مسبق ومفصل من قبل الجيش اللبناني، وعادت الدولة وسمحت بإدخال المواد في 23/11/2004 ولمدة ستة أشهر، ثم عادت ومنعتها بتاريخ 14/6/2005، وتعداه بعد ذلك ليشمل القرار مخيم برج البراجنة في بيروت.

تدخلت الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية والأهلية في المخيمات ومن القوى والأحزاب اللبنانية المتضامنة، وحتى أصحاب المحال التجارية المتضررة من خارج المخيمات للإستفسار ولمعرفة السبب أو مصدر القرار، إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل، وجاء إقرار مجلس النواب اللبناني في 21/3/2001 قانون تعديل بعض مواد القانون المنفذ بالمرسوم رقم 11614 تاريخ 4/1/1969 المتعلق باكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية في لبنان والذي يدعو إلى حرمان الفلسطيني في لبنان من الحق في التملك ليزيد الطين بلة وليشكل إنتهاك للمادة رقم 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لتاريخ 10/12/1948، والتي تشير إلى أن ” لكل فرد الحق في التملك لوحده أو بمشاركة الآخرين ولا يجوز حرمان أحد من حق التملك”، فقد جاء في نص التعديل من البرلمان اللبناني، “لا يجوز تملّك اي حق عيني من اي نوع لأي شخص لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها، أو لأي شخص إذا كان التملّك يتعارض مع أحكام الدستور لجهة رفض التوطين” والمقصود من القانون الفلسطيني دون سواه، وعلى اعتبار أن القانون يبيح التملك لجميع الأجانب باستثناء الفلسطيني المقيم في لبنان فقد اعتبرته المنظمات المتخصصة بحقوق الإنسان بأنه قانون “يحمل في طياته شيئ من العنصرية”.

مرور 18 سنة على صدوره، أمر يدفعنا للسؤال عن الأسباب الموجبة لاستمرار العمل بالقرار بعد هذه الفترة الطويلة، خاصة مع وجود قانون يمنع اللاجئ الفلسطيني من التملك… وتشمل المواد التي يُمنع على اللاجئ إدخالها الى المخيمات الا بعد الحصول على الإذن، أنابيب المياه والأسلاك الكهربائية وأبواب الخشب والحديد والشبابيك والزجاج والاسمنت وحديد البناء والبحص والرمل والبلاط والالمنيوم ومواد الدهان وخزانات المياه… وفيما لو تم ضبط اللاجئ وهو يحاول إدخال كيس من الاسمنت الى المخيم بدون تصريح على سبيل المثال، فان الكيس أولاً يصادر، ويتم اعتقال اللاجئ في إحدى ثكنات الجيش ثم يتعرض للتحقيق ويسجل بحقه محضر ثم يواجه عقوبة صادرة عن وزارة العدل في الجمهورية اللبنانية بادعاء “الحق العام” وبتهمة “التهريب”، والعقوبة تلزمه بدفع غرامة مالية تقدر بـمائة الف ليرة لبنانية أي ما يعادل 66 دولاراً امريكياً.

إذا كان ممنوع على اللاجئ الفلسطيني أن يُدخل المواد سواء للبناء أو الترميم وفي المقابل يمنع عليه التملك خارج حدود المخيم إذاً كيف سيكون شكل مستقبل الإقامة والسكن والعيش بكرامة في المستقبل، لذلك يلجأ الفلسطيني الى الطرق غير المشروعة لإدخال مواد البناء ويدفع مقابلها أضعاف التكلفة المالية هذا إذا افترضنا انه لا يزال مساحات إضافية للسكن بعد الإكتظاظ السكاني الخطير الذي يعيشه اللاجئون في المخيمات، فلا تزال المساحات على حالها منذ أكثر من 66 سنة هي عمر نكبة فلسطين، وعلى الرغم من ارتفاع اعداد اللاجئين إلى أكثر من أربعة أضعاف.

بعد مرور 18 سنة على اتخاذ القرار، نعتقد بأنه قد آن الأوان لاتخاذ إجراءات من شأنها توسيع مساحة المخيمات والسماح للاجئين الفلسطينيين بالحق في التملك وألا يكون هذا الملف عرضة للتجاذبات السياسية الداخلية بين الحلفاء والكتل البرلمانية اللبنانية.. والسماح لمن لم يستطع التملك خارج المخيمات، بأن يقوم ببناء المنزل الذي يأويه وأسرته التي يزداد عدد أفرادها سنةً بعد أخرى، فلا التملك سيساهم في توطين اللاجئ وان ينسيه حقه في العودة، ولا البناء أو توسعة المخيمات ستحول دون استمرار تمسك اللاجئ الفلسطيني بحقوقه المشروعة، فلم تنجح تجربة الأردن في نسيان اللاجئ حقه في العودة حيث حصوله على حقوقه المدنية والسياسية، ولا تجربة اللاجئين في سوريا حيث الحقوق الإقتصادية والإجتماعية، ولم تكن حالة الفقر، والحرمان من الحقوق التي يعيشها اللاجئ في لبنان الا لتساهم في تهميش الكرامة والتسبب بالمزيد من المشاكل الإجتماعية والأمنية والتي تسبب الضرر لكلا الشعبين الفلسطيني واللبناني على حد سواء..

 

السابق
الدفاع المدني نبه من خطر استعمال المفرقعات والاسهم النارية
التالي
نديم منصوري: لا محاكم للجرائم الالكترونية في لبنان والدولة مسؤولة