رسائل إيرانية للميدان العراقي

برزت في الساحة السياسية العراقية، أمس، إشارات إيرانية ملفتة على هامش زيارة وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي لطهران، ونجاح العملية العسكرية التي شاركت فيها قوات «الحشد الشعبي» بقيادة رئيس منظمة «بدر» هادي العامري المقرب من طهران إلى جانب قوات العشائر داعيا إلى عدم الاعتماد على قوات «التحالف الدولي» الذي تقوده الولايات المتحدة.

لكن الإشارة الأبرز جاءت على لسان الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني الذي أكد على ضرورة عودة جميع المهجرين العراقيين إلى منازلهم، في إشارة إلى المعارضة الإيرانية لأي تغييرات ديموغرافية على مستوى المحافظات العراقية في ظل تزايد الحديث عن التقسيم في البلاد، والجدل القائم حول التعديلات الديموغرافية التي تفرضها المعارك في محافظات الشمال والغرب والوسط.
وأظهر توقيع بغداد وطهران لمذكرة تفاهم للتعاون الدفاعي، أمس، التي نصت أبرز بنودها على مواصلة التعاون بين البلدين لـ «ايجاد جيش وطني عراقي»، رغبة إيرانية في تخطي نشوء بعض الآليات التي قد تقونن تقسيم البلاد، في ظل الحديث المتكرر حول ضرورة تشكيل منظومة «حرس وطني» في المحافظات العراقية تدعمها الولايات المتحدة.
وأكد شمخاني خلال لقائه العبيدي أن جميع المناطق في العراق سيتم اخلاؤها من الارهابيين «قريبا»، واستنكر «الأعمال البربرية ضد السنة في العراق»، مشددا على «ضرورة التعجيل بعودة المهجرين لبيوتهم»، فيما لفت الوزير العراقي إلى أن دعم طهران للقوات العراقية لعب «دورا حاسما» في انتصارات الجيش.
وشدد شمخاني على أن «التنسيق والتوحد بين جميع الأطراف العراقية وكذلك المساهمة الشعبية تعتبر من متطلبات تسوية جميع المشاكل الداخلية في العراق»، وأشار إلى أن «دعم ايران للعراق ضد الارهابيين نابع من تعاليمها الدينية التي لا تفرق بين سني وشيعي، وأن ايران ومن خلال تعاونها الاستراتيجي المكثف مع العراق، وخصوصا في المجال العسكري والأمني تدعم استرجاع الامن والسلام للعراق وللمنطقة بأسرها».
وفي هذا السياق، وقع وزيرا الدفاع الايراني والعراقي في طهران، امس، مذكرة تفاهم للتعاون الدفاعي بين البلدين في ختام الجولة الثانية من المباحثات بين الوزيرين، ونصت مذكرة التفاهم على تحديد مجالات التعاون الدفاعي بين البلدين، وتأكيد الجانبين على تنفيذ التفاهمات الثنائية الموقعة، وتقرر «مواصلة التعاون بين البلدين لايجاد جيش وطني عراقي للحفاظ على سيادة العراق على اراضيه وحماية أمنه».
وقامت القوات العراقية و «الحشد الشعبي» بعملية «تطهير» لبعض أحياء بلدة الضلوعية، التي أتمت السيطرة عليها، نهاية الأسبوع الماضي، حيث لا يزال عناصر تنظيم «داعش» متحصنين فيها.
وذكر مقاتل عشائري من عشيرة الجبور شارك في العملية أن تعزيزات عسكرية «تابعة لقيادة سامراء والحشد الشعبي وصلت إلى البلدة لاستكمال تطهير المناطق»، موضحاً أن «اشتباكات لا تزال جارية في منطقة خزرج والحويجة البحرية» غرب البلدة، مشيرا إلى أن «عناصر داعش يتحصنون في المنازل، ويهاجمون القوات الأمنية بانتحاريين».
ونشر التنظيم مطلع الأسبوع صورا من «المعارك الدائرة في ناحية الضلوعية»، تظهر إحداها تجهيز سيارة مفخخة، وتنفيذ هجوم انتحاري ضد القوات العراقية من خلال عنصر يدعى «أبو جراح الشامي».
وذكر قيادي في «منظمة بدر»، أن اللواء المتقاعد عباس حسن جبر سقط في المعارك التي دارت في المدينة وهو يشغل منصب المستشار العسكري لقائد «بدر» هادي العامري، وذلك بعد إصابته برصاص قنص، كما نعاه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بيان صدر عن مكتبه.
وأعلن محافظ صلاح الدين رائد الجبوري استكمال «تحرير» قضاء الضلوعية، وانتقد موقف «المراجع والسياسيين السنة» الذين «صمتوا ولم يجرموا داعش»، بينما دعا العامري العشائر في المحافظات المضطربة إلى «الثورة ضد داعش».
ودعا الجبوري في مؤتمر صحافي عقده بعد جولة في القضاء رافقه العامري خلالها، «أهالي المحافظة إلى استثمار النصر الذي حصل في الضلوعية كحافز للوقوف مع القوات الأمنية والحشد الشعبي لتحرير مناطقهم والعودة إلى منازلهم»، واصفا «هادي العامري ومقاتليه بمجاهدي العراق»، وأشار إلى أن «المحافظة ستشيد نصبا تذكاريا للواء عباس حسن جبر، الذي استشهد في معارك تحرير الضلوعية».
بدوره اعتبر العامري أن «تحقيق النصر في الضلوعية جاء بفعل تعاون عشيرة الجبور مع القوات الأمنية والحشد الشعبي»، مشيداً بـ «النموذج الرائع» في التصدي لـ «عصابات داعش وإرهابها» في القضاء.
وشدد العامري، على أن «الاعتماد على قوات التحالف والاتحاد الأوروبي غير مجد في قضية تحرير المناطق التي يسيطر عليها داعش لأن هذا التحالف فشل في إنهاء أزمة عين العرب (كوباني) السورية»، داعيا أبناء محافظات ديالى ونينوى والأنبار إلى الثورة «كما فعل الجبور في الضلوعية»، لافتا إلى أن جميع «العشائر مطالبة بالتعاون بطريقة وطنية لتحرير المدن»، مؤكداً أن «الإعلام صور تنظيم داعش على أنه قوة وبالحقيقة هو صورة كارتونية لا تصمد أمام أصحاب العقيدة».

السابق
نسبة الحجوزات ليلة رأس السنة تجاوزت 90 في المئة
التالي
 توقيف عدنان الحجة