محمد. ش تسبب بإحباط عملية محكمة في الخارج لاغتيال باراك

إسرائيل علمت منه بعملية بورغاس مسبقاً وسمحت بحصولها حتى لا يتم كشفه… في يوليو 2012 دخل شاب باصاً في مدينة بورغاس البلغارية وفجّر نفسه موقعاً 5 قتلى من السياح الاسرائيليين وسائقاً محلياً، اضافة الى 30 جريحاً في عمليةٍ سارعت اسرائيل الى اتهام «حزب الله» بالمسؤولية عنها من دون تقديم اي دليل.

وعلمت «الراي» ان اسرائيل كانت على علم بالعملية قبل حدوثها وسمحت بها بعد موافقة أعلى المستويات الأمنية والسياسية في تل أبيب في موقفٍ لم يخلُ من «التضحية» من أجل الإبقاء على «مصدرها» داخل جهاز العمليات الخارجية الخاصة في «حزب الله» وبهدف حمايته.

ما سرّ هذه «التضحية» البالغة الكلفة من الاسرائيليين؟ ومَن هو «مصدرها» في الجهاز 910 داخل «حزب الله»؟ كيف زُرع هذا العميل المرموق في الذراع الخارجية للحزب؟ وكيف انكشف أمره؟ وأيّ بنك أهداف أفشى به لـ «الموساد»؟

عملية بورغاس شكلت «علامة فارقة» في تعاوُن الضابط الرفيع مسؤول قسم العمليات الخاصة في «حزب الله» محمد. ش اذ كشف التحقيق معه انه تم إبلاغ اسرائيل مسبقاً بالعملية، لكن كشْفها قبل تنفيذها كان من شأنه تعريضه «ليس للمساءلة فحسب بل لإمكان تغيير مستوى مسؤولياته العملياتية، الأمر الذي قد يتسبّب بالحؤول دون استمرار تدفُّق بنك المعلومات الخارجية للإسرائيليين».

وبيّنت التحقيقات مع الضابط العميل جوانب من هذه العملية في غاية الأهمية والحساسية في ضوء المعلومات عن ان الضابط الاسرائيلي المشغّل لمحمد.ش أمهله للتشاور مع رؤسائه لأنه لا يستطيع تحمل مسؤولية قرار السماح لعملية بورغاس بأن تتم مع الإدراك بأنها ستتسبب بمقتل اسرائيليين. وجاء قرار القادة الرفيعي المستوى في تل ابيب بالقبول ليتنفس الضابط في «حزب الله» الصعداء ويعود لعمله مسجّلاً نجاحاً في تنفيذ العملية التي كان مسؤولاً عن إنجازها.

وهكذا قدّمت اسرائيل «الطُعم اللازم» للعميل الذي خدم «الموساد» وقدّم له معلومات لم يكن يحلم بها منذ العام 2007 وحتى توقيفه قبل سبعة أسابيع، وهو أقرّ في التحقيقات معه بأنه قبض على مدى هذه الاعوام مبلغ 800 ألف دولار اميركي، استخدم الجزء الأكبر منه في شراء الشقق والأراضي في جنوب لبنان حيث مسقط رأسه في بلدة قريبة من مدينة صور.

وتعود «تضحية» اسرائيل بمقتل خمسة من مواطنيها الى حرصها على مساعدة هذا الضابط وحمايته بعدما كشف لـ «الموساد» عن عمليات عدة في اميركا الجنوبية وأذربيجان والهند وتركيا وتايلند وقبرص، وهو ما أدى الى إلقاء القبض على ضباط من «حزب الله» من بينهم حسين عتريس العام 2012 وحسام يعقوب، أما آخرهم فكان محمد همدر في البيرو الذي ألقي القبض عليه من دون ان يكون في حوزته اي دليل، وأُبقي على ذمة التحقيق 180 يوماً في سابقة غير معهودة، وفقط بناءً على إخبارية «الموساد».

وعلمت «الراي» ان محمد. ش ساهم في كشْف متعاونين مع «حزب الله» داخل اسرائيل وإلقاء القبض عليهم، وهم كانوا يعملون على مراقبة رئيس الأركان غابي اشكينازي، اضافة الى انه تسبّب بإحباط عملية مُحْكَمة ومدروسة كانت تستهدف وزير الدفاع الاسرائيلي حينها ايهود باراك خارج اسرائيل.

وكشفت المعلومات ان محمد. ش ساهم في إلقاء اسرائيل القبض على 17 متعاوناً مع الحزب كانوا يعملون داخل اسرائيل على أهداف متنوعة وآخرهم زاهر عمر يوسف الذي التقاه محمد. ش في مكة المكرمة أثناء مراسم الحج، وهو المكان المفضّل للحزب للقاء عناصره داخل اسرائيل لإمدادهم بالمعلومات والمهمات والمال.

كذلك علمت «الراي» ان محمد.ش أوقع ايضاً بعدد من عناصر الحرس الثوري الايراني مثل حسن فراجي وبهرم فايزي، وهذا الأخير حُكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً في اذربيجان لاتهامه بالتخطيط والاشتراك في عملية إرهابية ضد السفارة الاسرائيلية في باكو.

وعكس سماح اسرائيل بقتْل مواطنيها في المدينة البلغارية أهمية الضابط محمد، وهي لم تتردد في الحفاظ عليه بسبب المعلومات الثمينة التي قدّمها للموساد خلال عمله في وحدة الـ 910 المسؤولة عن العمليات الخارجية في«حزب الله»علماً انه كان مسؤولاً عن قارة بأكملها، اضافة الى ان موقعه كان يسمح له بلقاء جميع العسكريين والأمنيين في الحزب على كافة مستوياتهم.

ويُعدّ هذا العميل المرموق أحد أهم الجواسيس الذين كُشف عنهم داخل بنية الحزب بعد محمد الحاج، المعروف بـ «ابو تراب» الذي عمل لحساب جهاز الـ (CIA) وقدّم له كشفاً تفصيلياً عن الهيكلية التنظيمية للحزب ومسؤوليات أعضائه ومهماتهم، الأمر الذي سمح بـاستنتاج أسرار كبيرة تتعلق بتركيبة الحزب الداخلية وكيفية عمله في الخارج.

ونتيجةً لذلك، فان«حزب الله» بدأ بإعادة النظر وتغيير المسؤوليات وخلْط الوظائف وتشديد الرقابة في داخله وعلى مستوى أعضائه، في إطار ورشة على مستوى واسع، مع إعادة النظر بأدقّ تفاصيل كل مسؤول وما يملكه ومن أين يملك ما يملك وحركة كل فرد الخاصة والعامة، علماً ان توقيف الضابط محمد. ش لا يعني ابداً ان الحزب كسواه من منظمات او جيوش بعيد عن الاختراق.

وفي الحصيلة، فإن اسرائيل تواجه اليوم عمليات لن تتوقّف ضدّها في الخارج لان الحزب حاسم لناحية الانتقام لقائده عماد مغنية، وان عملية واحدة او اثنتين او ثلاث لن تكفي للاخذ بالثأر، وهي – اي اسرائيل – لا تملك بعد اليوم عيوناً داخل وحدة الـ 910، ومستوى الإنذار سيرتفع لان محمد. ش الذي عمل كجهاز إنذار مبكّر لها لن يستطيع ان يقدم شيئاً بعد اليوم.

السابق
قانون الإيجارات ساري المفعول منذ 28 ك1 غانم : تطبيقه مشلول قبل«الترميم»
التالي
سلام: ملف النفط قريباً في مجلس الوزراء