كل عام ولبنان باقٍ أم لا؟؟

سعد الحريري وحسن نصرالله ونبيه بري
انطلق الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل برعاية من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وسط أجواء توحي بالإيجابية بشكل عام على الرغم من ارتفاع أصوات هنا وهناك تشكك بالحوار وجدواه.

يودع اللبنانيون هذا العام، على أمل أن يحمل العام القادم لهم شيئاً من الأمن والإنسان. ويعلق معظم اللبنانيين كثيراً على الحوار الدائر بين المكون الأساس في الشيعية السياسية، حزب الله وبين المكون الأساسي في السنيّة السياسية، تيار المستقبل.
عل هذا الحوار يؤدي إلى نتائج إيجابية تنعكس على أحوالهم الاقتصادية الاجتماعية والسياسية.
من جهة أخرى ينظر قسم من اللبنانيين إلى هذا الحوار وكأنه حوار طرشان ويبدي تشاؤمه من الوصول إلى نتيجة إيجابية.
في نظرة موضوعية، ينطلق الطرفان من مواقع سياسية ليست متباينة فحسب بل متناقضة. حزب الله طالب بالحوار وفي شرط أساسي، وهو عدم نقاش خياره بالتدخل العسكري إلى جانب النظام السوري، وبالتالي عدم التطرف لموضوع سلاح حزب الله المستخدم في إطار الخطة الإقليمية لإيران.
من جهة أخرى يدخل تيار المستقبل الحوار من دون أن يتخلى عن خطابه المعلن ضد تدخل حزب الله العسكري في سورية. إلا أنه يلاحظ من جلسة الحوار الأولى، أن هذا الموقف المرتفع قد تم تجاوزه ليعود الحوار إلى سكة المحاصصة الداخلية على صعيد السلطات.
سابقاً توج الحل في طرابلس، يوم فر علي ورفعت عيد وألقي القبض على علوكة والمصري، لتشكيل حكومة سلّم فيها حزب الله بمواقع أساسية للمستقبل (الداخلية والعدلية) شرط قيام وزراء المستقبل بدور الشرطي في ملاحقة المجموعات المتطرفة المتدخلة في سورية من دون اتخاذ أي موقف من تدخل حزب الله في سورية. واليوم ينطلق الحوار من نفس الموقع. يضاف إليه عدم حماسة حزب الله لانتخاب رئيس جمهورية والذي يشترط فيه أن يكون رئيساً يغطي دور حزب الله الإقليمي ولا يناقشه في خططه الأمنية أو لا ضرورة لانتخابه. مقابل ذلك لا يقف حزب الله حجر عثرة امتداد تمدد المستقبل في الإدارة الرسمية ووصول مناصريه إلى مواقع مختلفة.
وفي جعبته حزب الله سلاح آخر، هو موقفه السلبي من اتفاق الطائف والدعوة إلى مؤتمر تأسيسي جديد. وهذا يعيدنا قرناً إلى الوراء. عام 1920 أنشأ الكيان اللبناني على انقسام المجموعات المكونة، لم يكن إنشاء نتيجة مسار توحيدي نضالي قامت به المكونات بل أن في إطار “تلزيق” مناطق إلى الجبل، واليوم وعند الحديث عن مؤتمر تأسيسي، يعني ذلك إعادة فخ ملف الكيان، فالمكونات الاجتماعية على انقسام أشد، وشقه الاختلاف والخلاف أعمق من عام 1920 في ذلك الحين.
كان العامل الماروني التأسيسي يعمل لتثبيت كيان نظر إليه وكأنه المكان الوحيد لبناء دولة صافية طائفياً. في حين نظر المسلمون إلى الكيان وكأنه يسلخهم عن محيطهم العربي. اليوم، طرفا النزاع الأساسيان: السنية السياسية والشيعية السياسية يربط مشروع الكيان اللبناني بالخطة الإقليمية التي يرى كل طرف نفسه مرتبطاً بها.
انطلق حزب الله في ثمانينات القرن الماضي من رؤية تأسيس دولة إسلامية تحت راية ولاية الفقيه، وعلى الرغم التراجع، في خطابه عن هذا الشعار، لكنه لم يعلن رؤيته لمستقبل الكيان، أعلن عدم رضاه على اتفاق الطائف وفي جوهر اتفاق الطائف أن لبنان وطن نهائي لجميع اللبنانيين.
أما تيار المستقبل الذي استفاق على لبنانية المكون الطائفي الذي يمثله، لكنه ربط خطواته مع الخطط الإقليمية السعودية التي تناهض الخطة الإقليمية الإيرانية، وكلاهما تسعيان لنفوذ إقليمي تحت السقف الأميركي. وبالتالي يبقى لبنان مجرد ساحة للنزاع ومزبلة لنفايات النزاع الإقليمي. ويبقى الوطن اللبناني مجرد مشروع في عقول قلة من عابري الطوائف.
الحوار الحالي وضمن معطياته، لن يؤدي إلا إلى حصة أكبر لتيار المستقبل في السلطة الداخلية، وحرية تحرك أكبر لحزب الله إقليمياً.
أما على صعيد المؤسسات، إما رئيس جمهورية ضعيف يغطي الطرفين، أو مجلس رئاسي يضم ممثلي الطوائف يقونن الكونفرالية اللبنانية الواقعية.

السابق
سرقة المشاعات في رب ثلاثين تعود الى الواجهة (1\2)
التالي
قاسم: من يؤمن بالحوار لا يخشى شيئاً لمصلحة بناء الوطن