قضية مطمر الناعمة إلى الذروة

بات من المؤكد أن رائحة مطمر الناعمة ستنتشر أبعد من الحدود الجغرافية المحددة بين ساحل الشوف وقضاء عاليه، وستعم الإدارات الفاشلة في الدولة، ولن يكون ثمة من هو في منأى عن تداعيات كارثة مقبلة يبدو أنها ستتصدر العام الجديد كقضية غير قابلة للمساومة، و»التّمديد التقني والإلزامي» بحسب وزير البيئة محمد المشنوق. فهذا الموضوع لن يجد هذه المرة سقفا سياسيا وسيصطدم بمواجهة أهلية حصلت على إيعاز ضمني للتحرك من الآن، من قبل رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي كان قد أمّن مخرجاً لائقا لحكومة الرئيس تمام سلام وقطع وعدا بأن المطمر سيقفل في الخامس عشر من كانون الثاني 2014، إلا إنه وسط حال المراوحة والتردد والضعف والمحاصصة الحكومية… لم تستفد الدولة من مهلة زمنية محددة أساسا في عقد مبرم مع الجهات المشغلة للمطمر، بحيث أغرت هذه «النقمة – النعمة» كثيرين من الراغبين في التوظيف في النفايات.

«لم نجد وقاحة أكثر من أن يرفض الناس إقامة مطامر في أقضيتهم» يقول نسيم الحلبي، ويضيف «لسنا على استعداد لتحمل نفايات بيروت ومناطق عدة اكثر من 18 سنة، وليتحمل كل قضاء أو منطقة معينة مسؤولية جمع ومعالجة نفاياتها».
كما أن أبناء الشحار الغربي خصوصا وقرى ساحل عاليه متوثبون وممتعضون من الاستهتار «بحياة أولادنا وتنمية مناطقنا المفترض أن تكون مناطق زراعية وسياحية لا أن تكون مكبا للنفايات وقد بلغ السيل الزبى» يقول سامي مرعي، ويؤكد «هذه المرة ستعبر شاحنات سوكلين على أجسادنا».
ما يعني هذه المرة وجود نبض آخر، وسط لافتات للحزب الاشتراكي تصدرت مثلث قبرشمون تحمل الدولة «مسؤولية عدم ايجاد بدائل لمطمر الناعمة – عين درافيل». وعلمت «السفير» بأن اجتماعا سيعقد الأحد المقبل في قبرشمون يجمع بلديات المنطقة والقوى السياسية والجمعيات الأهلية لاطلاق صرخة تحذير ومراكمة رأي عام تمهيدا للتحرك المتوقع أن يبدأ في منتصف الشهر المقبل».
البلديات في الواجهة
في هذا السياق، وبدعوة من اتحاد بلديات الغرب الاعلى – الشحار، عقد بعد ظهر امس مؤتمر صحافي خصص لموضوع إقفال مطمر الناعمة في موعده المحدد 17/1/2015، في قاعة بلدية بعورته، في حضور رئيس الاتحاد وليد العريضي، رئيس بلدية بعورته احمد العياش، رؤساء بلديات الاتحاد والقرى المحيطة بمطمر الناعمة وممثلي عن لجنة اقفال مطمر الناعمة.
قال العياش: «نشد ايدينا على الوزارات المعنية بملف النفايات ان تقوم بواجباتها وتوضح مصير النفايات لجميع البلديات بعد تاريخ 17/1/2015، او ان تقوم كل بلدية بدورها بحل مشكلة نفاياتها، او ايجاد حل مركزي لا يكون على حساب من قدم طوال 18 عاما».
أضاف: «نحن لا نتحدث سياسيا، انما بيئيا وصحيا، والمخاطر القائمة لدينا مردها الى أن المكان في المطمر لم يعد يستوعب، فإذا كانت بيروت والضاحية والشمال والـ 287 بلدية لم تستوعب النفايات، فقد بدأ المطمر يرميها على المدخل، وسوف تصل الى الاوتوستراد. لم يعد هناك مكان لاستيعاب النفايات».
وأكد العياش «ان حركتنا اليوم هي ثمرة من الحراك الشعبي الذي طالب به وليد بك جنبلاط، سوف نقوم به لانه ليس هناك بديل ولا احد تحدث عن بديل، هناك تقاعس من الوزارات المعنية في موضوع المطمر، وكل جلسة يؤجل الحديث عن اقفال المطمر، فاذا حصل اي تمديد تقني من دون ان يكون هناك بديل لهذا المطمر، فلا يمكن ان يحصل اي تمديد، ونحن بالنسبة الينا ليس هناك تراجع عن قرارنا، وهناك مجموعة من البلديات قررت الاقفال في 17/1/2015».
وقال رئيس اتحاد بلديات الغرب «نحن في كانون الثاني عام 2014، خلال لقائنا الوزير مروان شربل، وزير الداخلية آنذاك، ورئيس مجلس الانماء والاعمار، كانوا يقولون انه يلزمهم ستة اشهر لتأمين البديل، ونحن اليوم اصبحنا تقريبا في كانون الثاني 2015، أي بعد عام، ولم يتأمن البديل ولا أي شيء آخر»، وأضاف «وعدنا الرئيس تمام سلام عندما اجتمعنا به كرؤساء بلديات المنطقة وجمعيات بيئية في هذه المنطقة، بأن ملف مطمر الناعمة سيكون بندا أول في اول جلسة لمجلس الوزراء بعد ترؤسه الحكومة، ونأسف انه بعد عام على وعد دولة الرئيس سلام ووزير البيئة محمد المشنوق لم يحصل اي اجراء على الارض».
وأكد العريضي ان «قرار اقفال المطمر نهائي ولا رجوع عنه، وهناك حركة تصعيدية»، وأشار إلى أن «هناك تسويفا من الحكومة تجاه هذا المطلب الشعبي والمحق، لأننا منذ ما يقارب 18 سنة نعاني أضرارا ومشاكل بسبب هذا المطمر».
وجاء في بيان البلديات الذي تلاه العياش: «إنه النداء الأخير للحكومة، وتحديدا لرئيس الحكومة الذي قطع الوعود عند تبوئه رئاسة الحكومة، من البديهي والمسلمات بعد ثمانية عشر عاما ان يتوقف المسؤولون عن ملف كان بداية حل موقت ولمدة لا تتجاوز أربع سنوات، وها نحن ندفع ضريبة ذات وجهين، الأولى بيئية صحية مصيرية والثانية مالية لدرجة ان الوزارات المعنية بالأمر لا تحرك ساكنا وكأن لا مشكلة في موضوع مطمر الناعمة».
وأضاف «أين الأمن البيئي من كل الأمنيات الموجودة في لبنان، أين مستحقات البلديات من عائدات مطمر الناعمة التي وثقت في مجلس الوزراء ومجلس النواب تحت قانون 280/2014 بتاريخ 30/نيسان 2014، لماذا تأخرت وزارتا الداخلية والمالية عن دفع مستحقات أُقرت بقانون؟».
وقال «لقد قدمت بلديات المنطقة وأهلها طوال مدة 18 عاما ما عليها وأكثر لمجموع بلديات وعددها 287 بلدية، كما أن تاريخ 17/1/2015، لا رجوع عنه، آن الآوان أن يتحمل الجميع المسؤولية فقد تحملنا عن كل المنطقة ولم يعد الأمر يحتمل تمديدا أو تجديدا».

السابق
التحوّلات غير المعلنة للطائفيّات اللبنانيّة
التالي
الحوار السعودي – الإيراني وعباءة كانون