قاسم: من يؤمن بالحوار لا يخشى شيئاً لمصلحة بناء الوطن

أقام “حزب الله” عشاء لفاعليات القطاع الثامن – الجبل في مطعم “نيولند”، في حضور حشد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين ورؤساء وأعضاء البلديات والمخاتير وفاعليات من منطقة الجبل.

وألقى النائب البطريركي العام الأب سمير مظلوم كلمة عن معاني عيد الميلاد، وتلاه نائب الأمين العام ل”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم الذي شدد على “اجتماع محبة السيد المسيح مع رحمة النبي محمد في صلة قلبية مع نور الرسالات السماوية من الله تعالى إلى البشرية”.

وقال: “انطلقت المقاومة عزيزة شريفة إسلامية لبنانية عروبية فلسطينية إنسانية، لا طائفة لها، وإنما تريد تحرير الأرض كائنا ما كانت الأقدام التي تسير عليها، فنحن لا ندرس هذه الأقدام إن كانت لمسيحيٍ أو مسلم، نحن نريد حبوب تراب لبنان أن تتحرر بأسرها، لكل مواطن ولكل مخلوق يأتي، ولو بعد ألف سنة.

بعد المقاومة وانكسار إسرائيل لأول مرة في انسحاب سنة 2000 من دون قيد أو شرط، وانكسار إسرائيل لمرة ثانية ولأول مرة في عدوان تموز 2006 دون أن تحقق أهدافها، تحول لبنان من لبنان الضعيف إلى لبنان القوي، وأصبحت قوة لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته على الرغم من عدم اعتراف البعض بذلك، فلا أهمية لاعتراف بإضائة الشمس إذا كانت ساطعة على الأرض والتحرير ماثل أمامنا والإسرائيلي يصرخ لقد هزمنا في لبنان.
هنا أصبحنا أمام مقولة جديدة لم يعد لبنان يتأثر بمحيطه فقط بل أصبح لبنان يتأثر ويؤثر في الآخرين وهذه مكرمة حملها لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته، لذلك إذا رأينا بعض الانعكاسات التي حصلت بسبب وجودنا في لبنان على المنطقة فهذا يجب أن يكون محل فخر. هل كنا نتصور أن تصبح دول العالم حريصة على أن تفهم ماذا يريد اللبنانيون حتى لا يخرجوا من العقال ويتصرفوا بخلاف ما يريدون لأن للبنانيين قرارا يتخذونه بمعزل عنهم! فهم يخافون إذا خرب لبنان أن تستخدمه سوريا أو إسرائيل أو البلدان الأخرى خلافا لمشاريعهم، والحمد لله أننا مؤمنون باستقرار لبنان”.

أضاف: “لدينا مشكلتان كبيرتان في لبنان، علينا أن نفهمهما من أجل أن نعالجهما: المشكلة الأولى هي إسرائيل، والثانية العقلية الطائفية، ولا أقول الطوائف ولا الطائفية وإنما أقول العقلية الطائفية.
أما مشكلة إسرائيل فالبعض إلى الآن ليس مقتنعا بأن إسرائيل تريد أن تأكل الأخضر واليابس في الشرق الأوسط وفي العالم الإسلامي امتدادا إلى العالم، ولبنان لقمة صغيرة أمامها فيما لو كان ضعيفا أو فيما لو حصلت تسويات في المنطقة تشرعن وجود إسرائيل بدعمٍ أمريكي وغربي، ولذا من اليوم الأول قلنا بأن إسرائيل يجب أن تسقط، بل يجب أن تزول من الوجود لأن لا حق لها بأن تتواجد في منطقتنا بهذه الصورة أما المواطنون فأهلا بهم، وأما الذين جاؤوا من الشرق والغرب، فليعودوا إلى بلدانهم وليقرر الفلسطينيون ماذا يريدون في بلدهم، هذه هي رؤيتنا، نحن لا نريد أن نطرد إسرائيل لأنها موجودة في أرضها، نحن نريد أن نطرد إسرائيل لأنها طردت أصحاب الحق من الأرض وهم متمسكون بها، ثم إسرائيل هذه لا تكتفي بفلسطين ولن تكتفي بها، هي تريد أن تسيطر على كل المنطقة ثقافيا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا وبكل المعايير، لن يكون أحد موجودا إذا كانت إسرائيل هي قائدة هذه المنطقة وهي الزعيمة وهي المؤثرة، ولذلك قلنا من البداية أن مشروع مواجهة إسرائيل أمر ضروري وواجب.

ونحن في الواقع نواجه هذا المشروع ولا نواجه لا قضايا فكرية ولا ثقافية ولا نواجه بعض الحسابات الضيقة، ولا نواجه بعض المواقع نريدها من الآخرين وإنما نواجه عدوا وطأ أرضنا ويريد أن يكمل في احتلال أراض أخرى محيطة”.

وتابع: “إذا نحن أمام مواجهة مشروع أسميه المشروع الأميركي-الإسرائيلي التكفيري، لأن كل المفاصل الأخرى مرجعها إلى المشروع الإسرائيلي، تتحرك أمريكا في المنطقة على أساس المشروع الإسرائيلي، ويتحرك الإرهاب التكفيري في منطقتنا ويعيث فسادا هنا وهناك كرمى لعيون إسرائيل، التنسيق القائم بين التكفيريين والكيان الإسرائيلي على امتداد الجولان قائم إلى درجة أن الأمم المتحدة أحصت خلال أقل من سنة أكثر من ألف وسبعمائة حالة لمعالجة الجرحى وتقديم التمويل، وقالت الأمم المتحدة: أن الصناديق المقفلة تمر عبر الحدود ولا نعلم ما فيها، نحن أمام مشروع خطر.

بكل وضوح أقول لا بد أن يكون موقفنا واضحا، أين نحن من المشروع الأميركي-الإسرائيلي التكفيري، هل نحن معه أو ضده؟ إذا كنا ضد هذا المشروع فلا بد أن يبرز هذا الأمر بآليات وعمل، وكل خيار له متطلبات، الذي يقول أن خياره أن يكون مستقلا في لبنان: أرنا الدماء التي أسقطها من أجل استقلال لبنان؟ وأرنا الموقف الذي تتحدث عنه من أجل منع احتلال لبنان والتوطين فيه، وأرنا الموقف في كيفية التعاطي مع الإرهاب التكفيري وطرده من أن يكون في بيئة آمنة، كل هذه الأمور بحاجة إلى أدلة، ونحن عندما نقول مقاومة نقدم الشهداء ونتحمل من أجلها”.

وقال: “نحن مقتنعون بأن المقاومة هي الحل، ولو لم تكن المقاومة موجودة لوجب إيجادها، وهي اليوم دعامة أساسية من دعائم لبنان وتغيرت المعادلة التي تتحدث عن استجداءٍ من الغرب، وها نحن اليوم أمام توازن ردع حقيقي مع إسرائيل، ولولا هذا الردع لضربت إسرائيل لبنان مرات ومرات وقامت بعمليات اغتيال هنا وهناك، نحن لم نترك لإسرائيل فرصة أن تقتل عنصرا واحدا من إخواننا المجاهدين، فوجهنا لإسرائيل ضربة في مزارع شبعا، تكبر المواجهة ولكن اعتداءهم لإذلالنا أكبر بكثير، خير لنا أن نخوض معركة صغيرة ليفهم العدو أننا متيقظون ولا نسمح له أن يحقق أهدافه.

نحن دافعنا في سوريا عن مشروع ولم ندافع عن نظام، دافعنا في سوريا كما دافعنا في لبنان كما دافعنا بدعم فلسطين، كما سندافع في أي موقع يحمي مشروع المقاومة ويسقط أو يكسر أو يحطم المشروع الأمريكي الإسرائيلي التكفيري لأن هذا المشروع معادٍ لنا.
المشروع التكفيري اليوم يستهدف الجميع، وقلنا هذا من البداية ولم يصدقوا والآن كلهم يخافون من المشروع التكفيري، حتى أمريكا تخشى من هذا المشروع لا لأنها لا تريده بل لأنه كبر أكبر من حجمه وهي تريده أصغر من ذلك، تريده وحشا طيعا ينهش الآخرين، وعندما تجاوز حدوده بدأ الصراخ على المستوى الأمريكي، وحلهم لهذا الوحش التكفيري هو تخفيف آثاره وليس إلغاؤه ولا ضربه بالكامل لأنهم بحاجة إليه لخدمات أخرى. وأي عمل يقوم به أي طرف في مشروع المقاومة ستستفيد منه الأطراف الأخرى، وأي عمل يستفيد منه المشروع الآخر ستستفيد منه الأطراف الأخرى الموالية له، فقالوا لنا بأنكم بمشروع المقاومة خدمتم سوريا وإيران والعراق، صحيح، طالما أننا أكلنا وشبعنا فهنيئا لمن أكل معنا من خيرات هذا الصحن المقاوم لأننا أولا وأخيرا حررنا بلدنا فإن كان هذا التحرير ينفعهم فهنيئا لهم فيما انتفعوا به وليعملوا لتحرير بلدانهم.
من هنا يجب أن تكون جهودنا متكاتفة لنواجه التحديات، أما في لبنان فقد أعلنا مرارا وتكرارا أننا مع انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد، ولكننا نقول بأن المسيحيين يقولون بأنهم بحاجة لمن يمثلهم، وعلينا أن نحترم إرادتهم إن كنا شركاء معهم فاسألوهم ماذا يريدون ولا تفرضوا عليهم شخصا بلبوس مسيحي وهم لا يشعرون أنه يمثلهم ولا يحقق آمالهم وتطلعاتهم، ولكن البعض يميل كشحا فيأتي ويقول: أنتم تستطيعون إنجاز انتخابات الرئيس، نقول: لا نحن ولا إيران ولا السنة ولا الشيعة عليكم أن تنصفوا المسيحيين وأن تشعروهم بكرامتهم ليختاروا من يرغبوا به ونحن نساعدهم على هذا الاختيار إذا وجدوا من يمثلهم في هذا البلد وهو موجود.
وفي هذه الأثناء لماذا نوقف البلد، هناك أمور نستطيع أن ننجزها في مجلس النواب وفي مجلس الوزراء، إذا ظن البعض أنه إذا شبك الأمور يصل إلى نتيجة، لا إنما يعطل الحياة على الناس”.

وأشار الى أن “المشكلة الثانية هي العقلية الطائفية، وسأكون واضحا، راجعوا لغة بعض المسؤولين، من يستخدم العنوان المذهبي أو العنوان الطائفي للتحريض واستدرار العواطف هذا يدل على ضعفه، لأنه لو كان قادرا على جمع الناس بالمنطق والحق والدليل والمشروع لقدم ذلك إلى الناس، ولذا الرداء المذهبي أو الطائفي رداء الضعفاء، أما الأقوياء فلا يحتاجونه لأنهم يتغنون برداء لبنان فهو يعوضهم عن كل شيء، أما رداء الطائفي فهو لأولئك الذين لا يملكون شيئا.

نحن قمنا خلال الفترة الماضية ويعتبر إنجازا تاريخيا عندما أنجزنا تفاهم حزب الله مع التيار الوطني الحر، هذا أمر ليس سهلا، حزب الله المتدين الذي يحمل الإسلام عقيدة وشريعة، ويتمسك بها في كل مفاصل حياته يمد خطا إلى التيار الوطني الحر صاحب الاتجاه العلماني ويتفقان مع بعضهما بالسياسة لمصلحة لبنان فهذا دليل على الخير فيهما لأن ما جمعهما كان لبنان ولذا اتفقا وكان التفاهم”.

وختم: “هناك موقف وشرف ومشروع التقينا على المشروع، وأي جهة في لبنان نلتقي معها على المشروع نحن حاضرون أن نمشي معها إلى آخر المطاف، ونشجع كل الحوارات الثنائية وأكثر من ثنائية كيفما كانت، من يخشى من الحوار لا يملك مبررا لوجوده، ومن يؤمن بالحوار لا يخشى شيئا لمصلحة بناء الوطن الذي يعيش فيه بكل كرامة وعزة.
وصلتنا التحية إلى المقاومة، ونحن بدورنا نحيي البطريرك الراعي على تحيته”.

السابق
كل عام ولبنان باقٍ أم لا؟؟
التالي
فاكهة أسترالية تقضي على السرطان بأربع ساعات