من أهم العمليات التي أفشلها العميل في حزب الله.. اغتيال؟

يوما بعد يوم تتكشف معلومات اضافية عن «الاكتشاف النوعي» الذي حققه جهاز مكافحة التجسس في حزب الله، والذي ادى الى اكتشاف احد اخطر الجواسيس الاسرائيليين في الحزب، في اطار الحرب الامنية والاستخباراتية المفتوحة بين تل ابيب وحارة حريك وصولا الى طهران مرورا بدمشق، حيث خرج حزب الله عن صمته لاول مرة كاشفا جزءا من العملية التي ما زالت فصول كثيرة منها غامضة وستبقى لفترة طويلة.

فقد اوضح مصدر مقرب من حزب الله ان جهاز الامن في الحزب اوقف قبل ثلاثة اشهر عميلا ضمن صفوفه يدعى «محمد شوربة»، في اواخر العقد الرابع من العمر، من بلدة محرونة الجنوبية التي نادرا ما يزورها بعدما نقل قيده العائلي الى بيروت قبل حوالى 15 سنة، لافتاً الى ان «التحقيقات معه بينت انه بدأ التواصل مع الموساد الاسرائيلي في العام 2007»، مشيرا الى «ان العميل شوربة تولى مسؤولية التنسيق في وحدة العمليات الخارجية المرتبطة بالامن العسكري للمقاومة، والتي تعرف «بالوحدة «910» المسؤولة عن «العمليات الامنية» التي ينفذها حزب الله خارج الاراضي اللبنانية».

ولفت المصدر الى «ان شوربة كان يعيش في لبنان، حيث يملك عددا من الشقق والأراضي التي اشتراها خلال السنوات القليلة الماضية، لكنه كان كثير السفر، حيث تم تجنيده في احدى سفراته الى دولة جنوب آسيوية، ما سمح للموساد بافشال خمس عمليات امنية كان يخطط الحزب لتنفيذها في الخارج ضد اهداف مرتبطة بإسرائيل للثأر لمقتل الحاج رضوان».

توقيف شوربة، بحسب المصدر جاء «اثر تحقيقات داخلية تلت فشل عملية بورغاس، بكامل تفاصيلها بشكل سريع رغم الحرفية التي اتبعت في تنفيذها، والتي كانت رأس الخيط الذي اوصل الى كشف ارتباط المشتبه فيه بجهاز الموساد، بعدما عمد جهاز مكافحة التجسس في امن حزب الله الى عزل الخلايا بعضها عن بعض لتحديد التسريب المحتمل، فاكتشف الخرق، لا سيما ان التحقيقات جاءت بعد سلسلة اخفاقات غير مفهومة».

المعلومات المتوافرة عن العملية من الجانب الاسرائيلي، تؤكد ان تل ابيب التي كانت على علم بالعملية قبل حدوثها ، اضطرت الى السماح بحدوثها من أجل الإبقاء على مصدرها وحمايته ذلك ان افشال العملية كان من شأنه تعريضه «ليس للمساءلة فحسب بل لإمكان تغيير مستوى مسؤولياته العملياتية، الأمر الذي قد يتسبّب بالحؤول دون استمرار تدفُّق بنك المعلومات الخارجية.

وبيّنت التحقيقات جوانب من هذه العملية في غاية الأهمية والحساسية، اذ ان الضابط الاسرائيلي المشغّل أستمهل شوربة للتشاور مع رؤسائه لأنه لا يستطيع تحمل مسؤولية قرار السماح لعملية بورغاس بأن تتم مع الإدراك بأنها ستتسبب بمقتل اسرائيليين، وجاء قرار القادة الرفيعي المستوى في تل ابيب بالقبول، ما سمح بتسجيل نجاح جزئي في تنفيذ العملية، مقدمة «الطُعم اللازم» للعميل الذي خدم «الموساد» حتى لحظة توقيفه.

مصادر استخباراتية اسرائيلية كشفت في هذا الاطار، ان اصرار الموساد على عدم كشف «شوربة» والتضحية بمقتل خمسة اسرائيليين في عملية بورغاس, الى الحرص على مساعدته وحمايته بعدما كشف عن عمليات عدة في اميركا الجنوبية وأذربيجان, حيث كشف عدد من عناصر الحرس الثوري الايراني مثل حسن فراجي وبهرم فايزي الذي حكم عليه بالسجن 15 عاماً بتهمة التخطيط والاشتراك في عملية إرهابية ضد السفارة الاسرائيلية في باكو، الهند ،تركيا ،تايلند وقبرص، والاهم كشفه لشبكة عملت على مراقبة رئيس الأركان غابي اشكينازي، ومساهمته في إحباط عملية محكمة كانت تستهدف وزير الدفاع الاسرائيلي حينها ايهود باراك خارج اسرائيل، كذلك في اعطاء معلومات عن 17 متعاونا مع الحزب يعملون داخل اسرائيل على أهداف متنوعة وآخرهم زاهر عمر يوسف الذي التقاه أثناء مراسم الحج في مكة.

غير ان اللافت في تلك القضية ما كشفه مصدر دبلوماسي غربي عن ان الولايات المتحدة الاميركية ابلغت دولة خليجية منذ حوالي الثلاث سنوات في اطار التعاون الاستخباراتي القائم بين الدولتين، عن نجاح تل ابيب في تجنيد مسؤول تنسيق العمليات الخارجية لحزب الله، محمد شوربة، الذي اصبح من ضمن قيادات الحزب الذين يستطيعون معرفة مكان السيد حسن نصرالله، وكان سبب إبلاغ الدولة الخليجية بالمعلومة، بحسب المصدر الدبلوماسي، التأكيد على أن إسرائيل كانت تستطيع استهداف امين عام حزب الله في أي وقت خلال الثلاث سنوات الماضية لكنها لم ترغب، لحسابات متصلة بالحرب السورية والتوازنات القائمة، حيث قناعة تل ابيب أن مشاركة الحزب في الصراع السوري يحقق فائدتين: امتصاص زخم هذه الحركات من جهة، واستنزاف الحزب من جهة ثانية، وسط الخشية من أن يؤدي اغتيال «ابو هادي» الى إرباك الحزب ومن ثم اضطراره للانسحاب من سوريا فتضيع الفرصة على إسرائيل في المصلحتين، وهو ما وافقت عليه وايدته القيادة الامنية لتلك الدولة الخليجية لاسباب تختلف عن تلك الاسرائيلية طبعا.

يعد محمد شوربة من أحد أهم الجواسيس الذين كشف عنهم داخل بنية الحزب بعد محمد الحاج، المعروف بـ «ابو تراب» وهو من قادة «الوحدة الصاروخية» في الحزب، والذي قدم معلومات مفصلة عن الهيكلية التنظيمية للحزب ومسؤوليات أعضائه ومهماتهم، الأمر الذي سمح بـاستنتاج أسرار كبيرة تتعلق بتركيبة الحزب الداخلية وكيفية عمله في الخارج، كما قدم معلومات دقيقة عن قواعد الصواريخ ومخازنها، لجهاز المخابرات المركزية الاميركية.

مع توقيف شوربة سقطت ورقة مهمة من دفتر الجاسوسية الاسرائيلي داخل حزب الله، ما افقد الموساد عيونه وآذانه داخل الوحدة 910، خاصة في ظل الاجراءات التي اتخذها الحزب، الذي بدوره دخل في «هدنة» قسرية مع المصالح الاسرائيلية الى حين اعادة تنظيم جهاز عملياته الخارجي.

الاكيد الوحيد ان العمليات لن تتوقف ضد تل ابيب في الخارج لان الحزب حاسم لناحية خياراته في المواجهة ،مقابل اصرار اسرائيلي على تجنيد الجواسيس والعملاء في اطار المواجهة الاستباقية.

السابق
قطع طريق اللبوة احتجاجا على اجراءات الجيش
التالي
ضد علي الأمين: حسناً كلمة بكلمة